من أجل أحاديث ودية مع أبنائنا

في مقال سابق تكلمنا عن كيفية الحديث مع أبنائنا كأصدقاء، وذكرنا ضمنه ست مهارات هامة، هي:

1 – اترك محاضراتك. 2 – اختصر إجابتك.
3 – قلّل أسئلتك. 4 – اختر أسئلتك.
5 – تكلم لمجرد الحديث. 6 – صارح ابنك المراهق.
وفي المقال السابق نفسه انتهينا من الحديث عن المهارات الأربع الأولى، وهذا اليوم نواصل الحديث عن المهارتين الأخيرتين الخامسة والسادسة.

المهارة الخامسة: تكلم مع ابنك لمجرد الحديث:
تخيل: لو كان هناك شخص يحبك ويحب مصلحتك، لكنك ما إنْ تفتح معه موضوعاً للحديث إلا قلبها محاضرة ونصائح، ولوم وعتاب، وتوجيه وأسئلة، لا أظنك تشتاق له كثيراً..

مع الأسف هذا ما يغلب على حديثنا مع أبنائنا المراهقين إذا كان الإنسان بطبعه لا يحب النصائح المباشرة، فأشد مرحلة يكره فيها هذا النوع من النصائح هي مرحلة المراهقة، وخصوصاً من والديه اللذين يصران أحياناً بنصائحهم ومحاضراتهم التي لا تنتهي أن يلعبوا دور حكيم الزمان المطلوب من هذا الأب أو هذه الأم، أن يعيدوا النظر في كلامهم فيبدؤون يتكلمون لمجرد الكلام لهدف هام هو (السوالف) ليس النصائح، حينما تتحدث مع ابنك تحدث عن اهتماماته ربما لا تهمك لكن ولدك يهمك، انظر ما اهتماماته، السيارات؟ تكلم عن السيارات وموديلاتها ومواصفاتها، دعه هو يتحدث لك عنها، تحدث معه عن أخبار الشباب، مع أحاديثك أنت عن أيامك الأولى، وأحاديثك عن المدرسة وأحداثها وما يعجبه وما يضايقه فيها، مهتم بالرياضة؟ تحدث معه عن الرياضة وفريقه المفضل ومن فاز ومن خسر، وما المشكلة؟ تكلم معه عن اهتماماته المختلفة طالما كانت مباحة حتى لو كنت لست مقتنعاً بها.

وكذلك أنتِ أيتها الأم حينما تتحدثين مع ابنتك لا بأس، جاريها في مواضيع الموضة وتصفيف الشعر مع مراعاة الحشمة طبعاً، تحدثي معها عن مدرساتها المفضلات وآخر أخبارهن، والصديقات العزيزات، واسأليها عن الجديد في الأناشيد تكلمي معها عن اهتماماتها المختلفة طالما كانت مباحة حتى لو لم تكوني مقتنعة بها، هذه ميزة أحاديث الأصدقاء، الحديث في مواضيع تهم المراهق فعلاً، المراهق يجد ميزات يتملكها صديقه، وربما تمتلكها أنت، وتمتلك معها قلب ابنك، تدري ما هي؟ صديقه لا يحاول أن يتفلسف عليه ويتعالم بالمحاضرات والنصائح أو الإجابات الطويلة على أسئلته، ولا يحاول أن يضايقه أو يفرض السلطة عليه بكثرة الأسئلة، ويهتم أن تكون أسئلته مقبولة ومشجعة على الكلام، إضافة إلى أن حديثه في مواضيع تهم المراهق كل هذا يخلق تقارباً كبيراً بين الصديقين، ويهيئ فرصة أفضل لواحدة من أهم الصفات التي تميز هذه العلاقة وهي المصارحة وأنت أولى بها وعن المصارحة تتحدث المهارة السادسة من مهارات الحديث كصديق، وهي: صارح ابنك.

المهارة السادسة: صارح ابنك:
بين الصديقين كل ما صارح أحد الصديقين الآخر بشيء تشجع الآخر وصارح بما لديه أيضاً فتقوى العلاقة أكثر وأكثر، لكن مهما صارح صديقه وقويت علاقتهم يظل محتاجاً حاجة عميقة في نفسه، وهي الحاجة لمصارحتك أنت وتقوية العلاقة معك مهما أوحت تصرفاته بعكس هذا الشيء، لا يضرك عناد ابنك وجداله، ويخدعك تمرده وعصبيته ولا تنتبه للكلام المدفون، هو يتمنى علاقة أفضل تساعده ليخرج الكلام الذي يحتاج أن يقوله لك ابنك، محتاج أن يقول: يا أبت هذه إنجازاتي شجعني وافتخر بي، محتاج أن يقول: لا تشك فيّ يا أبت (أنا لست كما تظن)، محتاج أن يقول: يا أبت عندي مشكلة، ساعدني، محتاج أن يقول: يا أبت ارض عني، يا أبت لا تنم هذه الليلة وفي نفسك عليّ شيء.

صدق أو لا تصدق! ابنك مهما كبر يحتاج أن يقول: يا أبت احضني! منذ زمن لم تفعل! كما يشير لذلك الدكتور محمد الثويني في كتابه (لمسة حنان)، هذه المصارحة الغالية من يعلمها أبناءنا غيرنا، يقول الدكتور محمد الثويني في سلسلة نصائح (دموع الفرح) :" علم الأبناء المصارحة بالمحادثة والكتابة والتوسط عن طريق شخص آخر".ا.هـ.

كيف نعلمهم هل يكفي أن نقول لهم: هناك شيء؟ قولوا لنا، بل نحن نبدأ ونصارحهم في بعض همومنا وأسرارنا ومشاكلنا، نصارحهم بحبنا لهم والكلام معهم، مرة نصارحهم بالمحادثة الخاصة، ومرة نصارحهم خلال وساطة شخص آخر، ومرة بالكتابة والرسائل وهي أسلوب جميل ومؤثر يرجع يقرأ الكلام عدة مرات ويساعده على التفكير بهدوء والتحكم في ردود فعله السريعة.

شجع أبناءك لمصارحتك بالطريقة التي يرتاحون لها حسب الموضوع والموقف، وأنتِ كذلك أختي الفاضلة افرحي إذا صارحك ولدك أو صارحتك ابنتك، ودعيها تطمئن وتشعر بالأمان، وأنك أمها بمعنى الكلمة ستجدينها تضع قلبها بين يديك وتسمعك كل ما يدور بخاطرها وتحسين لأول مرة بمتعة ولذة أن عيالك مراهقين.

كل ما صار لك علاقة جيدة مع أبنائك ستكونين أكثر استمتاعاً في الأنشطة التي تشتركون فيها وعن هذه المتعة المشتركة سنتحدث في العنصر الرابع من عناصر بناء الصداقة في مقال قادم –بإذن الله-.