12 شوال 1428

السؤال

أنا إنسان متزوج وعندي ولد، ولكنني عندي مشكلات في بيتي، وأكبر مشكلاتي وأهمها أن زوجتي لا تطيعني ولا تنفذ مطالبي حتى في حقي الشرعي منها ولا تقوم بتنظيف ملابسي ولا كيها وأشعر بعدم تفاعلها، ولا يوجد انسجام بيننا في الشؤون الجسدية الخاصة.. ما رأيكم في مشكلتي، وكيف أتعامل معها؟

أجاب عنها:
د. خالد رُوشه

الجواب

السائل الكريم.. أقدر فيك ابتداء محاولتك للسعي للإصلاح بينك وبين زوجتك وإزالة الخلافات بينكما، وهذا هو الواجب على كل مؤمن تجاه زوجته وبيته، أن يحاول جاهدا أن يصلح ذات بينه وخصوصا زوجته.. وقد أمر الله سبحانه بذلك فقال: "أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحاً وَالصُّلْحُ خَيْرٌ" (النساء: من الآية128)، وأمر نبيه صلى الله عليه وسلم، فقال: "لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقا أحب منها آخر".. فالدعوة للإصلاح والصلح إذن مرغوب فيها والدعوة للتقاطع والطلاق هي آخر الدواء عندما تمتنع كل الأدوية الأخرى.. وأود أن أذكرك بأن بينك وبين زوجتك رباطا وثيقا هو رباط الزواج وقد أسماه الله سبحانه ميثاقاً غليظاً.. "وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقاً غَلِيظاً" (النساء: من الآية21). وقد كفل الله سبحانه المودة والرحمة بين الزوجين إن هما اتقيا الله كل في الآخر وعملا بأوامر الشرع الحنيف، فقال سبحانه: "وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً" (الروم: من الآية21). فاعلم أيها الأخ السائل أنه يمكنك أن تستخرج المودة والرحمة من زوجتك وتستخرجها هي منك إن سعيت إلى ذلك سعيا..وأنا هنا أنصحك بعدة نصائح لعلها أن تكون عونا لك في مشكلتك: أولا: تبدو زوجتك من النوع المتصلب في رأيه إلى حد كبير- بحسب كلامك - ولذلك فعليك البحث عمن يؤثر فيها ويعظها وينصحها إلى الصواب، وليكن ذلك ابتداء من المقربين إليها على أن تتحرى الناصحة التقية الحكيمة. ثانيا: يجب أن تجعل بينك وبين زوجتك لقاءات صراحة واضحة وتبث لها شكواك منها ولكن احرص أن يكون ذلك بأسلوب رقيق وأن تبدأه بالثناء على أخلاقها الأخرى وتذكر محاسنها ابتداء. ثالثا: يجب أن تكون أنت قدوة لها ابتداء في سلوكك وفعالك فلا تأمرها بشيء وأنت لا تأته مثلما تأمرها بحقوقك وأنت مضيع لحقوقها أو أن تأمرها بالتفاعل معك وأنت أصلا تتسم بأنك لا تتفاعل معها ولكنني أنصحك هنا أن تبدأ أنت وتضغط على نفسك بذلك ثم تطالبها بما تحب. رابعا: ضع برنامجا لإصلاح زوجتك واعلم أن الإصلاح لن يأتي مرة واحدة ولكنه بالتدريج وخطوة خطوة. خامسا: اجعل الطاعات تجمعكما فهي تنشئ المودة وتنبت المحبة بينكما، وانظر لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في صحيح مسلم إذ يقول: "رحم الله رجلا قام من الليل فصلى وأيقظ زوجته فإن هي أبت نضح في وجهها الماء ورحم الله امرأة قامت من الليل فصلت وأيقظت زوجها فإن هو أبى نضحت في وجهه الماء" يقول النووي هنا تعليقا على هذا الحديث أنه على الزوج أن يترفق بزوجته في إيقاظها ولعله أن يختار ماء الورد بدلا من الماء ليوقظها...فتدبر سادسا: أوصيك بالكلام الحسن أن تختاره لزوجتك فتذكر محاسنها وتمدح في مواطن الفضل عندها فإن ذلك يشعرها بالقرب منك والرغبة في قربك. سابعا: فيما يخص الشأن الجسدي بينكما _ والذي أظن أنه سبب الداء بينكما - حاول أن تتحدث معها صراحة في ذلك، فكثير من النساء يكن مظلومات في ذلك الجانب بقلة معرفتهن بأدوارهن في ذلك، وقد تكون معذورة من جانب طبي فلا تتردد أن تذهب معها إلى طبيبة نسائية وتجعلها تصارحها وتتدرج معها في العلاج.. فإن ذلك مجرب وناجح. ثامنا: عليك أن تجعل بيتك بيت إيمان وتقى، وأن تحاول أن تجمع زوجتك بالنساء الصالحات مهما استطعت ذلك وخاطبها بأنك تريد حياة إيمانية جديدة تكون التقوى فيها هي شعاركم ودثاركم. تاسعا: حاول دائما أن تكون مشكلاتكما بينكما ولا تخرجها عن طريق شكوى إلى الأقارب أو غيرهم إلا إذا فشلت بينكما الأجواء وصعبت المناقشات وآلت إلى مشكلات أكبر وعند ذلك فابحث عن قريب لها حكيم ناصح تقي واجعله بينكما "إِنْ يُرِيدَا إِصْلاحاً يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا" (النساء: من الآية35). عاشرا: أنصحك باستشارة العلماء في كل موقف من مواقفك واستشارة الخبراء والمتخصصين كذلك في كل قرار أسري فإنه أصوب لك.. وفقك الله ورعاك.