16 ربيع الثاني 1428

السؤال

نود منكم إعطاءنا أهداف التربية في الحلقات؛ لأني بحثت ولم أجد شيئا خاصا بهذا الأمر.. كانوا يتكلمون جميعهم بشكل عام وشكراً"

أجاب عنها:
فهد السيف

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد إن وضع الأهداف قبل كل عمل أمر مهم وضروري لا بد للإنسان منه، ومن سار بلا هدف فكل الطرق صحيحة، كما أن كثيرين يجتهدون في أعمالهم ويقدمون جهودًا كبيرة، لكنها بدون هدف، فلا يكادون يصلون، بل المجتمع يسير بهم وفق طريق غير مرسوم، كمن ركب لجة بحر وجعل البحر يسير به دون أن يحدد هدفًا، فهو يسير شمالاً وجنوبًا، شرقًا وغربًا، فلا يكاد يصل هدفًا. ويمكنك أن تصنع أهدافك بنفسك وفق رؤيتك واهتمامك، والتربية في حلقات القرآن الكريم، ترتبط ارتباطًا أوليًا بكتاب الله تعالى، وتدور في فلكه، ونحن ههنا نذكر بعض الأهداف التي يمكن لمشرف الحلقة أن يرسمها لنفسه: 1. فيأتي في مقدمة تلك الأهداف، وما بعده تابع له أو داخل فيه: حفظ كتاب الله تعالى، وتدبره والعمل به، وعليه فإن قارئ القرآن وحافظه والذي يكرر آياته، يتأثر به إيجابًا ويستفيد من هداياته ويستنير بنوره، فهو يقرأ في كلام الله مثلا: "وأقيموا الصلاة" فيهب ويحرص على إقامتها على وجهها، وهو يقرأ "لا يسخر قوم من قوم" فلا يسخر من الآخرين، وهو أيضًا يتأمل في بعض جوانب عظمة الله تعالى في الآيات القرآنية فيمتلئ قلبه إيمانا وتعظيما لله تعالى، ويطلع على العديد من النعم التي امتن الله على عباده بها فيجد في نفسه محبة للمنعم سبحانه، وحرصا على شكر هذه النعم، وهو يقرأ آيات الوعد والوعيد، فيجد في نفسه الخوف والرجاء، وهكذا هو يتقلب مع آياته حيث سارت به، وهو يسير وفق ما أراده منه ربه سبحانه، كما أن من يعيش في كنف القرآن يجد في نفسه حبا وتلذذا بكلام ربه سبحانه، فأنعم وأكرم به من هدف. 2. إن مما ينبغي أن يكون على بال المربي بالقرآن العناية بالشاب وتطويره من شتى الجوانب الشخصية سواء كانت إيمانية أو علمية أو عقلية أو نفسية أو خلقية وسلوكية أو اجتماعية أو مهارية أو غيرها، وهذا الهدف عند تفصيله سنجد أنه عدة أهداف تتعدد بتعدد هذه الجوانب، ويمكنك تفصيلها وكتابتها كل واحدة على حدة، لتتمكن من وضع البرامج المناسبة لتحقيق هذه الأهداف. 3. ومن الأهداف أيضا: اكتشاف قدرات الشاب ومواهبه، والعمل على تنميتها وتطويرها والاستفادة منها، وهذا الهدف داخل في الهدف السابق، لا سيما ضمن الجوانب المهارية، إلا أن إفراده مهم، ليكون مشرف الحلقة على عناية بتلك القدرات والمواهب التي كثيرا ما تندثر ويطمرها التراب بسبب الإهمال، أو بسبب سياسة التحطيم أوالتبعية والتدجين. 4. من الأهداف المهمة: غرس روح المبادرة لدى طالب الحلقة، فهو بذاته مبادر دون أن نكون ساعين وراءه، ليعمل كالمجبر على العمل –إن عمل-، أما المبادر فهو بذاته يحمل هم أمته كما في الهدف الذي يليه. 5. ليكن ضمن أهدافك التي ترسمها لطلابك: إعدادهم ليكونوا أعضاء نافعين في مجتمعهم ووطنهم وأمتهم، ولن يصلوا إلى هذه المرحلة إلا إذا كانوا قد تأهلوا وتحققت فيهم أهدافك السابقة، وتستطيع الأمة تحقيق أهدافها عن طريقهم، بل يكونوا هم من يرسم أهداف الأمة الكبرى ويسعى لتحقيقها، إذا كانوا على جانب كبير من الفهم والوعي. 6. ومما تجدر الإشارة إليه: الاهتمام والعناية بالمشرفين ومعلمي الحلقات لديك وتطويرهم مهنيًا وذاتيًا في الجوانب التي تخدمهم شخصيًا وتخدم الحلقة بل والأمة. هذه بعض الأهداف المقترحة والتي تبدو مهمة ينبغي العناية بها، وإعطاؤها حقها من الاهتمام، ويمكنك لمزيد من الفائدة الرجوع إلى الفوائد التربوية المبثوثة في كتب التربية، ومن الكتب المتخصصة التي ينصح بها كتاب: تربية الشباب الأهداف والوسائل، للدكتور/ محمد بن عبدالله الدويش، وهو دراسة جمعت بين الأكاديمية والواقعية، وكذلك يمكنك الاستفادة من الدليل الإجرائي لإنشاء حلقات متميزة لتحفيظ القرآن الكريم، والذي أعد بإشراف مؤسسة الخبرات الذكية للاستشارات والتدريب، ونشر في موقع المسلم. وبالله التوفيق وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين