13 ربيع الأول 1427

السؤال

كيف أبر والدتي المتوفاة؟

أجاب عنها:
خالد الفليج

الجواب

الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وبعد.. فإن بر الوالدين والإحسان إليهما من أفضل القرب وأعظم الطاعات فقد وصى الله تعالى ببر الوالدين والإحسان إليهما بقوله: "وَوَصَّيْنَا الْإنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْناً" (العنكبوت: من الآية8)، وقوله _تعالى_: "وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً" (الإسراء: من الآية23). وأمر به النبي _صلى الله عليه وسلم_ وحث عليه: 1 – فجعله أفضل من الجهاد في سبيل الله كما جاء في الصحيحين عن ابن مسعود _رضي الله عنه_ أن الرسول _صلى الله عليه وسلم_ سُئل عن أفضل الأعمال، فقال: "الصلاة لوقتها قيل ثم ماذا قال: بر الوالدين قيل ثم أي: قال: الجهاد في سبيل الله". 2 – جعل بر الوالدين أوجب من الجهاد الكفائي كما روى البخاري ومسلم عن عبد الله بن عمر وقال: جاء رجل إلى النبي _صلى الله عليه وسلم_ يستأذنه في الجهاد، فقال: "أحي والداك؟ قال: نعم. قال: ففيهما فجاهد". 3 – أنه قدم بر الوالدين على التطوع بالصلاة وغيرها كما روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة في قصة جريج العابد المشهورة. 4 – أن النبي _صلى الله عليه وسلم_ دعا على من أدرك أبويه أو أحدهما ولم يدخلاه الجنة كما روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة أن النبي _صلى الله عليه وسلم_ قال: "رغم أنف ثم رغم أنف ثم رغم أنف قيل: مَن يا رسول الله! قال: "من أدرك أبوه عند الكبر أو أحدهما أو كليهما فلم يدخل الجنة". وقال مكحول والإمام أحمد: أن بر الوالدين كفارة للكبائر. والنصوص في ذلك كثيرة جداً وبر الوالدين يكون في حياتهما وبعد موتهما أما في حياتهما فيكون بطاعتهما والإحسان إليهما وتقديمهما على النفس وعدم عقوقهما. أما بعد موتهما فيكون بأمور: أولاً: الدعاء والاستغفار لهما لما روى مسلم في صحيحه: "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له". فإن من أعظم حقوقهما بعد موتهما الدعاء لهما والاستغفار لهما. ثانياً: أن يقضي ديونهما المتعلقة بحق الله أو بحق البشر فحق الله كالحج والصيام وحق البشر الحقوق المالية وغيرها. ثالثاً: إنفاذ عهودهما ووعودهما فإن ذلك من برهما بعد موتهما. رابعاً: إكرام صديقهما وصلة أهل ودهما لما رواه مسلم عن ابن عمر رضي الله عنه يقول: إن أبر البر صلة الولد أهل ود أبيه. خامساً: صلة الرحم التي لا توصل إلا بهما لما رواه أحمد عن أبي أُسيد مالك بن ربيعة الساعدي قال: بينما نحن عند رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ إذ جاءه رجل من بني سلمة، فقال: يا رسول هل بقي من بر أبوي شيء أبرهما به بعد موتهما؟ قال: "نعم الصلاة عليهما والاستغفار لهما وإنفاذ عهودهما من بعدهما وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما وإكرام صديقهما". وفي إسناده علي ابن عبيد. وثقه ابن حبان وقال الذهبي لا يُعرف. سادساً: التصدق لهما وإقامة الأوقات لهما فقد روى الإمام أحمد عن سعد بن عبادة قال: يا رسول الله إن أمي ماتت أفأتصدق عنها؟ قال: "نعم". ولم يسمع الحسن من سعد بن عبادة. فمن ذلك إقامة المساجد وحفر الآبار وطباعة الكتب والأوقاف الدعوية وغيرها من أعمال البر. وليعلم المسلم أنه لن يستطيع أن يوفي والديه حقهما إلا أن يجدهما مملوكين فيعتقهما. فعليك أيها السائل أن تبذل ما في وسعك في بر والدتك بعد موتها فحق الوالدة عظيم بل حق الوالدة مضاعف على حق الوالد لما روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة قال: "جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك قال: ثم من؟ قال: أمك قال: ثم من؟ قال: أمك قال ثم من؟ قال: أبوك". فنسأل الله أن يجعلنا ممن بر والديه في حياتهما وبعد موتهما، والله أعلم.