16 شعبان 1424

السؤال

في ظل المتغيرات المتلاحقة وقيام المسلم بدوره التربوي . كيف يطور نفسه علمياً وتربوياً؟

أجاب عنها:
عبدالعزيز الجليّل

الجواب

الحمد لله رب العالمين. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد: فإن ما ينبغي على المسلم الاهتمام به نفسه التي بين جنبيه حيث يجب عليه أن يدعوها إلى الله تعالى ويقيها عذاب الله عز وجل وسخطه، قال الله عز وجل: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ) (التحريم:6). وإن الدعوة إلى الله عز وجل تعني أول من تعني دعوة النفس إلى الله عز وجل وتعبيدها له سبحانه ويدخل في ذلك الأهل والقرابة؛ لأن المشاهد في حياة الكثير منا الاهتمام بدعوة الآخرين ونسيان النفس أو الغفلة عنها في زحمة دعوة الآخرين وهذا إنما نشأ من أن مفهوم الدعوة قد ينحصر عند الكثير منا في دعوة الناس ولم نتنبّه إلى أن الدعوة إلى الله عز وجل على قسمين: دعوة النفس، ودعوة الغير. وعندما يتأمل الواحد منا في حاله يجد أن هناك غفلة عما ينقص النفس من واجبات وأخلاقيات أو ما يتلبس بها من مثالب وأمراض باطنة وظاهرة يجب أن يُبذل الجهد في إزالتها وأن تُدعى النفس إلى الدخول في السلم كافة. وكم يكون لدعوة الآخرين من ثمرة وفائدة كبيرة إذا كان الداعية مهتماً بنفسه محاسباً لها داعياً لها إلى الله عز وجل وذلك لما يضع الله تعالى على يديه من البركة والقبول في أقواله وأفعاله، ولما يجد الناس فيه من القدوة والمثال الذي يُحتذى، فالناس ينظرون إلى الأفعال أكثر من نظرهم إلى الأقوال المجردة. وأسوق فيما يلي – وعلى وجه الاختصار – بعض الأسباب التي تسهم في تربية النفس وتزكيتها وتطويرها علمياً وتربوياً: أولاً: حفظ كتاب الله عز وجل وتدبر معانيه والوقوف عند أوامره ونواهيه. ثانياً: ملازمة أهل العلم الذين يجمعون بين العلم والتقوى ويجمعون بين التعليم والتربية لطلابهم والاستفادة من علمهم والتأسي بسمتهم وأخلاقهم. ثالثاً: كثرة القراءة في كتب العلم الشرعية بشتى تخصصاتها وبخاصة كتب العقيدة والتفسير، والأحكام وتدوين ما يشكل فيها وسؤال أهل العلم عنه, وبدون القراءة وصبر النفس عليها لا يستطيع طالب العلم أن يطور نفسه علمياً. رابعاً: القراءة في سير الصالحين من السلف الصالح والتابعين لهم بإحسان والتأسي بهم في عبادتهم وسلوكهم وزهدهم وصبرهم وجهادهم، والحذر من القراءة في كتب أهل البدع المثيرة للشبهات، وكتب أهل المجون المثيرة للشهوات. خامساً: الابتعاد عن جلساء السوء ومجالس أهل الدنيا وملازمة الجلساء الصالحين الذين يذكّر كلامهم ورؤيتهم الله عز وجل والدار الآخرة. سادساً: إفشاء المناصحة بين المسلمين وبخاصة بين أهل العلم والدعوة ففي المناصحة بين الإخوان أثر كبير في إصلاح كثير من العيوب والمثالب، والعكس من ذلك فيما لو حل محل المناصحة المجاملة والمداهنة فإن العيوب تبقى وقد تزيد وتتفاقهم. سابعاً: القيام بالدعوة إلى الله عز وجل والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فإن في ذلك تقويم وإصلاح للنفس وفي الوقت نفسه يربي الداعية نفسه وهو يدعو الآخرين إذ تحاسبه نفسه كيف تدعو الناس وأنت مخالف لما تدعو إليه فيدفعه ذلك إلى إصلاح نفسه. إذن فالداعية يتربى وهو يدعو الناس ويربيهم. ثامناً: محاسبة النفس الدائمة وتفقدها وعدم الغفلة عنها، والحذر من مداخ الشيطان عليها. تاسعاً: دعاء الله عز وجل بإخلاص وصدق بصلاح الظاهر والباطن وسؤاله عز وجل الثبات والاستقامة، ومن أفضل الأدعية في ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: "اللهم اصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري ودنياي التي فيها معاشي وآخرتي التي فيها معادي واجعل الحياة زيادة لي في كل خير واجعل الموت راحة لي من كل شر". مسلم (2720) والحمد لله رب العالمين؛؛؛