هل هو اختراق تنصيري للمناهج التربوية الأزهرية ؟!
24 ذو القعدة 1428

الأزهر الشريف منارة العلم لكل المسلمين، وهو لا يخص قطرا بعينه بل هو خاص بكل مسلم على وجه الأرض ، وأمره وهمه يحمله كل من يحمل لواء الإسلام.
وقد فطن أعداء الأمة لأهمية التعليم الديني بصفة عامة والأزهر الشريف بصفة خاصة في بناء الشخصية المسلمة صحيحة المعتقد وغزيرة العلم، تلك الشخصية التي تستطيع أن تدافع عن دينها بصلابة وقوة، الأمر الذي يعرقل مخططات هؤلاء الأعداء، مما جعلهم يشددون على ضرورة تقويض الأزهر الشريف وتقزيم دوره في المجتمع الإسلامي، وعلى ذلك مر الأزهر الشريف بصدمات عديدة في العقود الأخيرة، صبت جلها في اللعب على وتر المناهج الدراسية الأزهرية، والعمل على تفريغها من مضامينها المنضبطة شرعاً.
لكن ما بين أيدينا الآن هو تجاوز لمرحلة التفريغ تلك وهو ما يمكن أن يطلق عليه "مرحلة الإحلال ذات الأبعاد العقدية"، وهي مرحلة تختلف عن مرحلة مناهج التعليم المدني التي تسربت عمداً إلى الأزهر إبان قوانين "تطوير الأزهر الناصرية"، والتي وصفها البعض بأنها قوانين "هدم الأزهر الشريف"، تلك المناهج التي نجحت إلى حد بعيد في مزاحمة العلوم الشرعية بل وتهميشها أحياناً كثيرة، الأمر الذي أثر على المكون العلمي الشرعي لخريج الأزهر.
فتذويب الأديان في بوتقة واحدة هو عمدة تلك المادة، والقومية والفرعونية هما ركائزها، واختلاف الديانات هو سمت جمهور المتلقين
أما "مرحلة الإحلال ذات الأبعاد العقدية" التي نحن بصددها فهي منحى جديد في التعامل مع المناهج المطبقة على طلاب الأزهر الشريف، والتي يتضح فيها خلخلة الأسس التي ينشأ عليها طلاب المرحلة الأزهرية الابتدائية، ليشب الطالب وقد غيبت عنه أسس عقدية أساسية ، بل وتجذرت لديه نظرة جديدة كما يريدها أعداء الأمة لا حسب مراد الشارع.
ومن علامات تلك المرحلة الإحلالية "مادة القيم والأخلاق" المطبقة حديثاً في التعليم الأزهري الابتدائي لكل السنوات الدراسية، وهي مادة مقررة في ذات الوقت على طلاب وزارة التربية والتعليم، وأشرف على تحرير كافة كتب تلك المادة مركز تطوير المناهج والمواد التعليمية التابع للتعليم المدني والمدعوم مالياً من الخارج.
وسيعني هذا المقال المختصر بتحليل محتوى أحد كتب تلك المادة والذي درسه طلاب الصف الدراسي السادس الأزهريفي الفصل الدراسي الثاني للعام 2006 كدراسة حالة، ليتبين لنا آليات التلاعب العقدي في عقول طلاب الأزهر الشريف، وليكون المقال دعوة للمسئولين عن الأزهر الشريف لسحب تلك المادة من التعليم الأزهري.
عن الأساس الذي بنيت عليه مادة القيم والأخلاق وسبب التفكير فيها جاء في مقدمة الكتاب المقرر على الصف السادس الابتدائي الأزهري " كان ضرورياً إعداد منهج للقيم الأخلاقية لتلاميذ المرحلة الابتدائية ينبثق من هويتنا القومية، وحضارتنا الراسخة على مر العصور، نقدم فيه لتلاميذ هذه المرحلة على اختلاف دياناتهم وبيئاتهم ومستوياتهم جرعة تربوية، وقد اعتمدنا في تقديم هذا المنهج على المواقف الحية من خلال الصور المعبرة والرسوم التوضيحية والقصص المسلية والأناشيد الهادفة التي تقوم على أسس علمية وتربوية وتعتمد على تدريب التلاميذ على التفكير الناقد والتعليم الذاتي والاستنتاج والإبداع"
فالكتاب هنا واضح وصريح في تحديد المنهج والرؤية التي بنيت عليها مادته، فتذويب الأديان في بوتقة واحدة هو عمدة تلك المادة، والقومية والفرعونية هما ركائزها، واختلاف الديانات هو سمت جمهور المتلقين، فما هو موقع طالب العلم الشرعي الأزهري من هذا المنهج المخالف لأول قواعد التوحيد؟ والمطبق عليه ضمن المقررات التي يدرسها، فهو لم يجد في المقدمة الدليل الشرعي الذي يبين له سبب تطبيق تلك المادة عليه، مثلما يجد في المقررات الأخرى من توحيد وعقيدة وحديث وفقه.