الصبر .. ما يفتقده الحقل الدعوي الإسلامي

<p>تكثر العراقيل في وجه المسلم السالك لطريق الدعوة من أصوات تخذيل وإحباط وتشكيك في المقاصد والنوايا، وهو داءٌ قد استشرى، فما عاد يسلم الداعية المسلم من تلك الأصوات والعراقيل.. فيكثر عدد مَن تعثر في مسيرته الدعوية بهذه العراقيل.. فما هي إلا أيام فتغيب شمسه.. ويأفل بدره.. فيغدو محاقاً فترة.. ثم يأفل فجأة.. فيُنقص عدد العاملين في الحقل الدعوي.. مما يتسبب بخسارة في عدد الأفراد العاملين في الحقل.. وكل ذلك بسبب قلة الوعي في مدى أهمية (الصبر) لسالك هذا الطريق.. وعدم العلم بأن هذه سنة الله في خلقه لمن سلكوا طريق الدعوة.. يواجهون أشد ضروب التخذيل وتدار حولهم دوائر الشكوك والظنون بالمقاصد والنوايا والمسؤوليات.. بل حتى ويلاقون إساءة في التعاملات وما إلى ذلك.. وما ذلك على حقول الدعوة بجديد، وما هو بأشد &ndash; في زماننا - عن ذي قبل.. فهذا المنهج سار عليه الأنبياء من قبل والصحابة من بعد وسلفنا الصالح وقبلهم قدوتنا الأكبر محمد &ndash; عليه الصلاة والسلام -..</p>
<p>&nbsp;</p>
<p>فما مِن علاج ناجع كما هو الصبر، الصبر الذي يعد أصعب العبادات على المسلم.. بل لا يكاد أي أمر أو نهي تشريعي رباني إلا وكان ضرباً من ضروب من الصبر.. فإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة صبر على طاعة الله وأوامره.. والانتهاء عن المعازف والخمور صبر عن ما نهى الله عنه.. وعدم التسخط والجزع عند المصائب صبر &ndash; أيضاً - على أقدار الله المؤلمة.. فها هو الصبر أصلٌ من أصول الشريعة.. بل ومن أهم العبادات القلبية التي يجب على صاحب القلب المؤمن أن يكون له شعاراً يطبقه في شتى ممارسات حياته.</p>
<p>&nbsp;</p>
<p>الحقل الدعوي الآن تنقصه طاقة (الصبر).. فكم من أناس قد تخاذلوا ووهنوا أمام تلك الأصوات.. واستكانوا وردتهم تلك العراقيل على الصعود ومواصلة المسير - كما ذكرنا -.. وهذا والله جرح آخر ينكأ في الأمة.. إن كان دعاتها يتلقون العراقيل وأصوات التخذيل.. ثم يتعاملون مع تلك الأصوات بغير الطريقة الناجعة بل ويتعاملون معها بمنهج الخاطئ.. مما يؤدي إلى ضعف في الدعوة الإسلامية.. فما سار ناس على منهاج صحيح مستقيمين وحققوا النجاح إلا وقد اتخذوا الصبر عنواناً لهم.. وشعاراً لهم.. اليهُود..</p>
<p>&nbsp;</p>
<p>وغيرهُم أنموذجاً: من المؤسف حقيقة ما نشاهده أمامنا من معاناة اليهود وجلدهم وطول أملهم وتخطيطهم الدقيق.. مغلفين كل هذا بغلاف (الصبر).. حتى وصلوا إلى ما كانوا إليه يطمحون - للأسف -.. فما حصل في مؤتمر بال في سويسرا عام 1897م حيث قال هرتزل &quot; لو أردت أن أختصر مؤتمر بال في كلمة واحد, لقلتُ: &quot;في بال أسست الدولة الصهيونية, إن العالم سيرى بعد خمسين سنة على وجه التأكيد هذه الدولة&quot; كما خطّ ذلك هو بقلمه في مذكراته في الجزء الثاني بالتحديد ص581، وبالفعل.. لم تنقض الأعوام الخمسون بعدها حتى أعلنت دولة اليهود في مايو 1948م كما قال عبد العزيز كامل في مقال له سابق في مجلة البيان قبل 9 سنوات.. سارداً في مقاله ما حققه الصهيونيين في مئة عام.. من بعد عقد مؤتمر بال الأول.. وحتى تاريخ كتابة المقال.. عاماً عاماً.. وقد تحقق لهم ذلك في نفس المدة التي حددها أبوهم الروحي - هرتزل - جازماً.. بالإصرار على تحقيق الهدف.. والصبر في طريق ذلك على أي شيء ممكن أن يواجه هذا السائر في طريقة - بعيداً عن كونه ذو منهج صحيح أو لا -.</p>
<p>&nbsp;</p>
<p>على غرارهم سار غيرهم من ذوي المناهج الخاطئة.. مثل الروافض وما لا تخفى عليكم من خططهم ومكائدهم على المسلمين.. وما زالوا سائرين بصبر للعمل على مشاريعهم.. فخططهم ومخططاتهم تمشي كما رسموها ويرسمونها -رد الله كيدهم-.. في العراق، وبعض دول الخليج والمنطقة.. وما قطعوا هذا الشوط لولا إيمانهم بالصبر وتحقيق الهدف والإصرار.</p>
<p>&nbsp;</p>
<p>على نفس النسق - أيضاً - سار أهل النفاق وأتباع العلمنة.. أذكرُ ذلك الليبرالي الذي علق أمام ناظريه &quot; طريق الحرية، يستحق التضحيات! &quot;.. ليشحذ هممه القبيحة.. ويواصل بث أفكاره النتنة بين صفوف المجتمع.. صابراً مكافحاً أمام ما يواجهه من عراقيل.. وكذا إخوانه على المنهج ساروا.. مع ما يلاقونه من ردود فعل تثبطهم.. لكن لم يردعهم ذلك عن مسيرتهم.. ولم يثبط هممهم الدنيئة.. بل ما زادهم إلا إصراراً على الخطأ.. بل ولنا - أيضاً - في تلك المسلسلات والقنوات التي تبث سمومها في الشهر الفضيل.. وقد واصلت مسيرتها البذيئة أكثر من عشر سنوات.. مع ما لاقوه من فتاوى تحريم النظر إليهم وبغض المجتمع لهم وردود الفعل القوية.. وما إلى ذلك..، رَغم كل هذه الظروف ساروا صابرين مكافحين في سبيل الشيطان والغي.. يواصلون بث السموم الفكرية رغم كل المصاعب والعراقيل التي تواجههم في سيرهم.... فهل لنا في هؤلاء قدوة؟!</p>
<p>&nbsp;</p>
<p>قـدواتنا.. أنموذجٌ أفضلْ: إن لم نقتدِ بالأنبياء أعلام الدعوة من قبلنا - عليهم صلوات الله وسلامه -.. من نوح عليه السلام.. ومعاناته مع قومه التي استمرت أكثر من 900 عام.. حتى قال [رب إني دعوت قومي ليلاً ونهاراً.. فلم يزدهم دعائي إلا فراراً.. وإني كلما دعوتهم لتغفر لهم جعلوا أصابعهم في آذانهم واستغشوا ثيابهم وأصروا واستكبروا استكبارا.. ثم إني دعوتهم جهاراً.. ثم إني أعلنت لهم وأسررت لهم إسرارا.. فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا.. يرسل السماء عليكم مدرارا.. ويمددكم بأموال وبنين.. ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا.... مالكم لا ترجون لله وقارا؟.. وقد خلقكم أطوارا.. ألم تروا كيف خلق الله سبع سماوات طباقا؟...... الآيات] يألله!.. أجزم أنه - عليه السلام - ما ترك سبيلاً للدعوة ولا طريقاً إلا وجاءهم منه.. فما زادهم ذلك إلا غياً وابتعاداً.. وقد عايش التخذيل - أكثر مما نعايش -.. وواجه أشد أنواع العناد - وأشد مما نواجه -.. في أضعاف أضعاف أعمارنا القصيرة كاملةً.. واجه صنوف العِداء والبغض والتخذيل وغيرها.. فما زاده ذلك إلا إصراراً.. وصبراً عظيماً..</p>
<p>&nbsp;</p>
<p>كما قال سيد قطب في الظلال: &quot;راح نوح &ndash; عليه السلام - يواصل جهوده النبيلة الخالصة الكريمة لهداية قومه، بلا مصلحة له، ولا منفعة ; ويحتمل في سبيل هذه الغاية النبيلة ما يحتمل من إعراض واستكبار واستهزاء.. ألف سنة إلا خمسين عاما.. وعدد المستجيبين له لا يكاد يزيد ; ودرجة الإعراض والإصرار على الضَلال ترتفع وتزداد! ثم عاد في نهاية المطاف يقدم حسابه لربه الذي كلفه هذا الواجب النبيل وذلك الجهد الثقيل! عاد يصف ما صنع وما لاقى.. وربه يعلم. وهو يعرف أن ربه يعلم. ولكنها شكوى القلب المتعب في نهاية المطاف، إلى الجهة الوحيدة التي يشكو إليها الأنبياء والرسل والمؤمنون حقيقة الإيمان.. إلى الله.. ولا يمل ولا يفتر ولا ييئس أمام الإعراض والإصرار &quot;.. واسألوا التاريخ عن ما عاناه بقية الرسل من بعد نوح - عليه السلام -.. ولو اتسع المقام للذكر.. لأفردنا لكل نبيِّ منهم ذكراً.. نقتدي بهم.. ونقارن بين واقعنا وحالهم.. مع ما عانوه من ضروب المصائب والمحن التي واجهتهم في طريق الدعوة.. فلم يزدهم ذلك إلا إصراراً على الحق.. منهم إبراهيم عليه السلام.. وصبره في دعوته أبيه.. الذي ما زاد إلا ثباتاً على الغي وإصراراً.. وصبره على قومه وضلالهم.. الذين ما أجابوه إلا بالعناد والتخذيل.. وأيضاً موسى عليه السلام وصبره على فرعون وبني إسرائيل وصدهم وظلمهم وعدوانهم.. وعيسى.. ويوسف.. وصالح.. ولوط.... كلاً كانوا صالحين.. صابرين..</p>
<p>&nbsp;</p>
<p>و لنا - أيضاً - في إمام المتقين أسوة.. قدوتنا الأعلى محمد - عليه السلام -.. وما لاقاه من كفار قريش.. ومن أهل الطائف وصبيانهم.. حتى عاش لدينه صابراً &ndash; عليه السلام -.. مكافحاً, مُخلصاً.. فامتن الله عليه بتوفيقه.. حتى سطع نور الهداية يملأ أرجاء الجزيرة.. بل وحتى العالم.. العالم كله!.. وهكذا سار كذلك الصحابة من بعده.. ذلك الجيل الفريد كما قال عنه محمد قطب.. الجيل الذي عاش صابراً مكافحاً ينشر الخير لينتشر على مر العصور.. الجيل الذي لم يزل الرسول - صلى الله عليه وسلم - يغذي أرواحهم برغائب الإيمان، ويزكي نفوسهم بتعليم الحكمة والقرآن.. ويربيهم تربية دقيقة عميقة.. يحدو نفوسهم إلى منازل سمو الروح ونقاء القلب ونظافة الخلق والتحرر من سلطان الماديات والمقاومة للشهوات والنزوع إلى رب الأرض والسماوات.. ويذكي جمرة قلوبهم ويخرجهم من الظلمات إلى النور. ويأخذهم بـالصبر عن الأذى..... فازدادوا رسوخاً في الدين.. وعزوفاً عن الشهوات.. وتفانياً في سبيل المرضاة.. وحنيناً إلى الجنة وحرصاً على العلم وفقهاً في الدين..... وتقيداً بـالصبر والهدوء والوقار، كما قال المباركفوري - رحمه الله - في الرحيق المختوم..</p>
<p>&nbsp;</p>
<p>بل وكما قال عبد الكريم بكار في كتابه (عصرنا والعيش في زمانه الصعب): &quot;قد كان النبي - صلى الله عليه وسلم &ndash; يبشر أصحابه بظهور الإسلام في أصقاع الأرض في ظروف بالغة القسوة.. وحين ساومته قريش.. وعرضت عليه الجاه والمال والنساء قال لعمه أبي طالب (والله يا عم! لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في شمالي على أن أترك هذا الأمر ما تركته حتى يظهره الله أو.. أهلك دونه!) إنه درس بليغ جداً في الثقة بالوصول إلى الهدف وفي الإصرار عليه مهما كانت المغريات الصارفة عنه &quot;.. فعلاً كان درساً عظيماً في الصبر.. زأر به نبينا - صلى الله عليه وسلى -.. ودوى بها عند عمه.. حتى كان - عليه السلام -.. نعم المربي الفاضل لصحابته.. فقد اقتفوا أثره - رضوان الله عليهم -.. على رأسهم أبو بكر الصديق وما لاقاه من ردة العرب بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم.. فصبر شامخاً أمام هذا الخبر العظيم.. فقام وقاتلهم في الله.. متوشحاً رداءَ الصبر.. والثقة بالله.. والإصرار على تحقيق هدفه.. فما وجد إلا توفيقاً وإعانة.. وأصحابه من بعده - أيضاً - على المنهج ساروا..</p>
<p>&nbsp;</p>
<p>فكما يقول محمد قطب في واقعنا المعاصر &quot; إن ذلك الجيل المتفرد، الذي تمثلت فيه واقعية الإسلام ومثاليته لم يوجد ليكون مجرد ذكرى، وإنما وجد ليحاول المسلمون في كل الأجيال أن يصعدوا إلى مستواه، فإن حاولوا فقد ارتفعوا نجوا من الهبوط، سواءً وصلوا &ndash; في مجموعهم - إلى ذلك المستوى الرفيع أم لم يستطيعوا الوصول! &quot;.. فهاهو المثال أمام أعيننا.. وهاهو الجيل الفريد.. فلنحاول الصعود لمستواه.. واقتفاء أثره.. ليحصل لنا الارتفاع.. وعدم الهبوط.. كما وسار واقتفى سلفنا الصالح والتابعون بذلك الجيل الفريد.. فقد لاقوا أيضاً هم من العذاب الشديد.. والسجن والتعذيب.. على رأسهم شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى.. والإمام أحمد.. وغيرهم ممن ثبتوا في المصائب.. فأحسنوا الغراس في حقل الدعوة.. فكان نتاج عملهم ظاهر على من بعدهم.. كما كان غراس الجيل الفريد قبلهم ظاهر عليهم.</p>
<p>&nbsp;</p>
<p>والآن.. حان وقت السير!:</p>
<p>لنسر على خطى هؤلاء الثلة المباركة.. من الأنبياء والصالحين.. الذين جعل الله منهم أئمة يهدون بأمره لما &quot; صبروا &quot; وكانوا بآياته يوقنون.. الذين أشعل الصبر في قلوبهم الحماسة.. والبذل للدين.. ولنقتبس من نورهم.. ونمتطي الجواد الذي امتطوا.. والصارم الذي استلوا.. فلقد جعل الله تعالى (الصبر) جواداً لا يكبو، وصارماً لا ينبو، وجنداً لا يهزم، فهو والنصر أخوان شقيقان، فالنصر مع الصبر والفرج مع الكرب. وجعل الله الإمامة في الدين منوطة بالصبر واليقين قال تعالى (وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون).. كما قال ابن القيم رحمه الله.. فهاهم الذين امتطوا الجواد الذي لا يكبو واستلوا الصارم الذي لا ينبو.. فما قابلوا غير النصر والفرج.. حتى أصبحوا أئمة في الدين..</p>
<p>&nbsp;</p>
<p>فكما قال شيخنا محمد بن عثيمين - رحمه الله - &quot;إن هذا الصبر العظيم على هذا الأذى الشديد الذي لقيه النبي وإخوانه لأكبر عبرة يعتبرها المؤمنون الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر ليصبروا على ما أصابهم ويحتسبوا الأجر من الله ويعلموا أن للجنة ثمنا: أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله.... ألا إن نصر الله قريب!&quot;.. فلنكن على يقين أن نصر الله قريب.. ولنصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل.. ولنتذكر وصية لقمان لابنه [يا بُني!.. أقم الصلاة وأْمر بالمعروف وانه عن المنكر.. واصبر على ما أصابك.. إن ذلك من عزم الأمور].. لقد دوى بها لقمان واضحة حتى قيام الساعة.. وصية تكتب بماء الذهب.. يكفيها شرفاً أن يحكيها الله لنا في القرآن.. خالدةً إلى يوم القيامة..</p>
<p>&nbsp;</p>
<p>كما قال الجصاص - رحمه الله - في أحكام القرآن: &quot; إنما حكى الله تعالى لنا ذلك عن عبده.. لنقتدي به، وننتهي إليه! &quot;.. فها هي الوصية العظيمة.. التي نقلها لنا القرآن.. لنطبق ما بها.. ونستسقي من معينها.. فكما قال السيد جلال الدين العمري في كتابه المترجم إلى العربية (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) &quot; وقد أوصى لقمان ابنه مع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالصبر.. مما يدل على أن هذا العمل يطلب الصبر.. فلا يطيقه رجل جزوع هلوع، يقول الإمام الرازي في مفاتيح الغيب: (من يؤمر بالمعروف وينهى عن المنكر يؤذى, فأمره بالصبر)&quot;، ونقل عن ابن تيمية - رحمه الله - قوله &quot; أمر الله الرسل, وهم أئمة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: بالصبر! &quot; كما في (الحسبة في الإسلام).. وعقّب &quot;فإذا كانت الأنبياء في حاجة إلى الصبر لأداء فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, فأنى لغيرهم.. أن يقدروا عليه بدونه!&quot;.. فإن وصّاهم الله بالصبر على الأذى في سبيله.. ولم يقدروا على السير في سبيله - إلا بذلك -.. فلندرك أننا - أيضاً - لا نستطيع المسير إلا بالصبر.. وأنّى لنا أن نستطيع!</p>