حدود الدم وبحورها: خطة التقسيم الأمريكية.. وتركيا
9 ذو القعدة 1428
علي الزباني

برغم أن هذه الدراسة قد مضى على صدروها أكثر من عام إلا أنها بادية ذات أهمية بالغة، لاسيما في هذا التوقيت التي قد يعجز فيه المراقبون عن رصد أسباب مباشرة للتصعيد الكردي في الشمال العراقي من خلال حزب العمال الكردستاني الذي أضحى موالياً للولايات المتحدة الأمريكية؛ فبمثل هذه الشمولية التي تتجلى في هذه الدراسة التي ما زالت فاعلة وتأثيرية في فهم الحاضر في الشمال العراقي في تلك اللحظة التاريخية الفارقة, يمكن رصد ملامح التدخل الأمريكي في الحالة الكردية التركية والعراقية على حد سواء في وقت قد يجد البعض الولايات المتحدة في غنية عن إشعال المنطقة الوحيدة الهادئة في العراق، والتي يمكن أن توفر ملاذاً آمناً للولايات المتحدة الأمريكية حال اشتداد وطأة المقاومة وتسخين الجبهة الجنوبية شيعياً..
هل يمكن إيجاد تفسير آخر للتصعيد في الشمال العراقي إلا في ضوء قضية التقسيم العراقي في حاله الأصغر والتقسيم الإسلامي في الحال الأكبر والذي تفرد له هذه الدراسة شرحاً للكاتب العسكري الأمريكي البارز رالف بيترز، ثم تعليقاً للخبير الاستراتيجي طلعت رميح؟ ربما، بيد أن الأهم هو أن كواشف كثير من الأحداث رهينة بهذا الفهم للقضايا المتشابكة في الحوض الإسلامي، ولذا كان جديراً بالتأمل قراءة هذه الدراسة بما أحاطها من ملاحظات..
[موقع المسلم]
حدود الدم
نحو نظرة افضل للشرق الأوسط
رالف بيترز
عرض وتعليق: طلعت رميح
تقديم
هذه الدراسة عدد صفحاتها اقرب إلى حجم المقال ،لكنها مع ذلك دراسة إستراتيجية بامتياز وهى نشرت فى مجلة القوات المسلحة الأمريكية. الكاتب رالف بيترز من مواليد عام 1952. عمل ضابطا بالجيش الأمريكي حتى وصل لمنصب نائب رئيس هيئة الأركان للاستخبارات العسكرية الأمريكية في وزارة الدفاع .وبعد تقاعده احترف الكتابة في المجلة العسكرية الأمريكية المتخصصة "أرمد فورسز جورنال" وغيرها من الصحف الأمريكية وتحوز كتاباته ومقالاته علي اهتمام واسع في الشارع الأمريكي والعالمي. وهو يدعو دائما إلي إعادة تقسيم خريطة الشرق الأوسط بما يتفق مع المصالح الغربية للدرجة التي يدعوه فيها البعض بلقب "البوق السياسي للرئيس الأمريكي بوش الابن". وفي طبيعة الكاتب ومكان النشر، كما في ما جاء بالدراسة بطبيعة الحال دلالات مهمة مترابطة يجب التنبه لها.
الدراسة تتحدث عن تقسيم إيران والعراق والسعودية والإمارات وأفغانستان وباكستان وتصل إلى إن إعادة التشكيل، تنتهي إلى تأسيس دولة عربية شيعية كبرى ودولة لبنان الكبرى ودولة كردية، والى تحويل إيران إلى "قسم" من جغرافيتها الراهنة مع جعلها دولة فارسية..الخ. وفى ذلك فالدراسة هي واحدة من اخطر الدراسات التي تحدد توجهات أو اتجاهات إستراتيجية شديدة الوضوح في إظهار جوهر الخطة الأمريكية لتقسيم الدول العربية والإسلامية، فنحن لم نعد هنا أمام تكهنات يؤخذ منها ويرد بل نحن أمام خطط محددة. ونحن لم نعد أمام "نظرية مؤامرة"، بل نحن أمام أرقام وأعداد وأسماء وخطة استراتيجيه محددة هي الأوضح والأشد تحديدا.
والدراسة تحدد تقسيم إيران لمصلحة أذربيجان وتقسيم أفغانستان الحالية لضم جزء منها إلى إيران (الفارسية) وتقسيم باكستان لصالح أفغانستان جديدة وبهدف إنشاء دولة بلوشستان وتقسيم السعودية لإجراء تغييرات بتوسيع الأردن واليمن وإضافة الأجزاء الساحلية إلي الدولة العربية الشيعية، وتقسيم العراق لصالح دولة شيعية وأخرى كردية وثالثة سنية ... الخ هي أساس الانطلاق في المنطقة العربية. وعن تشكيل دولة فينيقيا الكبرى بدلا من لبنان الحالية وعن إعادة تشكيل دولة الإمارات العربية المتحدة ليذهب جزء منها إلى دولة الشيعة الكبرى مع بقاء دبي "ملعبا للأغنياء وملذاتهم".

والكاتب لا يستثنى نمن التقسيم والتغيير والتبديل للمكون السكاني والجغرافي إلا الكويت وعمان من كل الدول العربية والإسلامية في الجزء الممتد من باكستان حتى لبنان.
وهكذا يفكر الأمريكيون. إنهم يريدون تقسيم وتمزيق المنطقة حسب الأعراق والمذاهب وحسب الهوى والمصالح الغربية أيضا، إذ كل الدول الجديدة هي دول تنشا تحت الهيمنة والسيطرة السياسية والاقتصادية والعسكرية، للولايات المتحدة والكيان الصهيوني. وهكذا نحن أمام إعادة تقسيم جديدة تقوم بها الولايات المتحدة لتحقيق مصالحها الاستعمارية والعدوانية، وبنفس الآلية التي اعتمدها الانجليز والفرنسيين بعد الحرب العالمية الأولى. وان اخطر. ونحن نضع هذه الرؤية الأمريكية تحت نظر القاري لإحاطة الجميع علما بالمخططات الشيطانية التي يفكر فيها الأمريكان بالنسبة لنا.
وألان إلى قراءة الدراسة وبعدها نلتقي مجددا للحوار حولها.