هل (الإسلامية) مضرة بالمسلمين؟
7 ذو القعدة 1428
أحمد السعيد

يذكر الشيخ رشيد رضا في (مناره) كيف كان موقف أحد الوزراء في العاصمة (استانبول) عندما عرض عليه مشروعه لإقامة معهد ديني تربوي في القاهرة كان رد الوزير: إننا نخشى أن لا يعجب هذا الدول الأوروبية فرد عليه أحد كبار الموظفين: كيف نخاف من أن نقيم معهدا لتعليم أبنائنا وهم يقيمون مدارس تبشيرية على أرضنا وداخل دولتنا؟ ورجع الشيخ رشيد خالي الوفاض من أي دعم لمشروعه.

ويذكر الأمير شكيب أرسلان في تعليقاته على (حاضر العالم الاسلامي) أن الأمير محمد بن عبد الكريم الخطابي لم يتلق أي دعم أو مساعدة من البلاد العربية أثناء مقاومته للاحتلال الأسباني للريف المغربي والسبب كما يقول أرسلان: أن الدول العربية لا تريد أن ترفع راية (الإسلامية) أمام الغرب؟! ويتابع الأمير تحليله لهذا الموضوع: "كما زاد ذلك رواجا –أي أن السياسة الإسلامية مضرة بالمسلمين- مراعاة جانب القبط، لأن إدماجهم الحقيقي في الكتلة الوطنية المصرية متوقف على نفض اليد من الجامعة الإسلامية " (1) هل هذه سياسة صحيحة من الدول العربية، أم هي الهزيمة النفسية والحضارية ، وهل من السياسة ألا يكون للإنسان هوية أو رأي أو موقف من القضايا الكبرى، وهل إدماج الأقلية في الكتلة الوطنية لا يتم إلا بالتنازل عن المبادئ والعقائد؟ هل يصح في العقول أن نتخلى عن (الإسلام) مراعاة لجانب الأقلية وأين إذن الديمقراطية والأكثرية التي ينادون بها مع أن (الإسلامية) لا تعني عدم إدماج الجميع في وطن واحد يحمي الجميع، والعيش المشترك تحت ظل الحضارة الإسلامية موجود منذ مئات السنين. لماذا يطلب منا التخلي عن الدين بينما نرى الغربيين وسياسييهم يعتبرون الدين ركنا أساسيا في بناء المجتمع يقول المؤرخ (ول ديورانت) : "لا يوجد مثال ذو دلالة في التاريخ قبل عصرنا لمجتمع ناجح في صيانة الحياة الأخلاقية دون معونة من الدين"(2)

هل هذه سياسة صحيحة من الدول العربية، أم هي الهزيمة النفسية والحضارية ، وهل من السياسة ألا يكون للإنسان هوية أو رأي أو موقف من القضايا الكبرى، وهل إدماج الأقلية في الكتلة الوطنية لا يتم إلا بالتنازل عن المبادئ والعقائد؟

وتقول وزيرة خارجية أمريكا سابقا:" لماذا لا نستطيع إبقاء الدين بعيدا عن السياسية الخارجية؟ وجوابي هو: إننا لا نستطيع ولا ينبغي لنا ذلك فالدين جزء كبير مما يحفز الناس ويشكل آراءهم في السلوك العادل الصحيح" (3)

إن الكنيسة الانغليكانية في بريطانيا هي الكنيسة الرسمية والملك هو رئيس الكنيسة ، وفي هولندا يشترط في الملك أن يكون بروستنتينيا.
العقلاء في العالم يبحثون عن الحلول لهذا النكد الذي تعيشه البشرية اليوم ربما لم تتح لهم الفرصة ليتعرفوا على تفاصيل الإسلام وشريعته، كما أنهم لم يجدوه مطبقا على أرض الواقع.

إن العنصر الذي أوجد قوة العالم الإسلامي من قبل هو المفقود الآن، وهذا هو السبب في ضعف المسلمين وليس رفع شعار (الإسلامية) فالمجتمع الإسلامي بني منذ أوله على الدين وفي الظروف الحالية كيف ينجو العالم الإسلامي من المخاطر المحدقة به إذا كان فاقد الزمام ولا يتصرف تصرف المستقل المعتد بحضارته وثقافته.

----------------------------------------------------
1- حاضر العالم الإسلامي 2/192
2- دروس التاريخ 102
3- مادلين أولبرايت : الجبروت والجبار