10 شوال 1427

السؤال

كيف نجمع بين قول الله _تعالى_ : "ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة<BR>الحسنة ... " . <BR>وبين بعض مواقف النبي _صلى الله عليه وسلم_ مثلا عندما قال: ثكلتك أمك يامعاذ! وعندما قال له: أفتان أنت يامعاذ ؟؟ وبشكل عام بين غضبه إذا انتهكت محارم الله، فهل الغضب هذا من الحكمة والموعظة الحسنة ؟

أجاب عنها:
د.عبد الحي يوسف

الجواب

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد. فإن النبي _صلى الله عليه وسلم_ هو خير من دعا إلى الله _تعالى_ بأقواله وأفعاله؛ حيث كان أرحم الناس وأرأفهم، وأحسنهم خلقاً، وألينهم عريكة، وأطولهم يداً، وأعظمهم عن العورات إغضاء، وأكثرهم تواضعاً، وأعدمهم كبراً، من رآه بداهةً هابه، ومن خالطه معرفةً أحبه، وبالجملة يكفينا قول ربنا _سبحانه وتعالى_ في مدحه _صلى الله عليه وسلم_: "وإنك لعلى خلق عظيم" وقوله: "وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين" وقوله: "ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك" وقول أمنا عائشة _رضي الله عنها_: "كان خلقه القرآن يغضب لغضبه، ويرضى لرضاه" رواه مسلم. وأما قول النبي لبعض الصحابة كمعاذ بن جبل ويزيد بن لبيد الأنصاري وأبي ذر الغفاري _رضي الله عنه_ فهي كلمة تقولها العرب للإنكار ولا تريد بها حقيقتها من الدعاء على المخاطَب بالموت؛ وكذلك قوله _صلى الله عليه وسلم_ لمعاذ _رضي الله عنه_: "أفتان أنت يا معاذ" فيه الإنكار على معاذ _رضي الله عنه_ حين طوَّل بالناس في الصلاة فقرأ بالبقرة أو النساء؛ فارتكب بذلك أمراً مكروهاً لما فيه من تنفير الناس من الصلاة؛ فأراد النبي _صلى الله عليه وسلم_ تعزيره بهذه الكلمة زجراً له عن تعاطي مثل هذا الفعل، وليس فيه منافاة للحكمة أو الموعظة الحسنة؛ بل كما قال القائل: قسا ليزدجروا ومن يكُ ذا حكمة فليقسُ أحياناً على من يرحم. والله تعالى أعلم.