27 شعبان 1427

السؤال

قال الله في سورة الزمر الآية السادسة: (وأنزل لكم من الأنعام ثمانية أزواج...) السؤال عن قوله: "أنزل" هل هذا يعني أنها أنزلت من السماء كما أنزل آدم _عليه السلام_، وكما أنزل الحديد؟

أجاب عنها:
د.عبد الحي يوسف

الجواب

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد. فهذه الأزواج الثمانية المذكورة في سورة الزمر بيَّن ربنا _جل وعلا_ أنواعها في سورة الأنعام في قوله _سبحانه_: (... من الإبل اثنين ومن البقر اثنين" وقوله: " ومن الضأن اثنين ومن المعز اثنين" وقوله _سبحانه_: "وأنزل" الإنزال حقيقته نقل الجسم من علو إلى سُفل، وهذا هو المعنى المتبادر من ظاهر الآية، ويجوز أن يكون المعنى إنزال أصولها من سفينة نوح، ويطلق مجازاً على تذليل الأمر الصعب؛ كما يقال: نزلوا على حكم فلان؛ فيكون إطلاق الإنزال هنا بمعنى التذليل والتمكين على نحو قوله _تعالى_: "وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس" أي: سخرناه للناس، ومن المفسرين من تأول الإنزال في الآية بمعنى الخلق؛ لأن خلقها بأمر التكوين الذي ينزل من حضرة القدس إلى الملائكة. قال القرطبي _رحمه الله تعالى_ في تفسيره: أخبر عن الأزواج بالنزول، لأنها تكونت بالنبات والنبات بالماء المنزل، وهذا يسمى التدريج، ومثله قوله _تعالى_: "قد أنزلنا عليكم لباسا" وقيل: أنزل أنشأ وجعل. وقال سعيد بن جبير: خلق. وقيل: إن الله _تعالى_ خلق هذه الأنعام في الجنة ثم أنزلها إلى الأرض، كما قيل في قوله تعالى: "وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد" فإن آدم لما هبط إلى الأرض أنزل معه الحديد. وقيل: "وأنزل لكم من الأنعام" أي أعطاكم. وقيل: جعل الخلق إنزالاً، لأن الخلق إنما يكون بأمر ينزل من السماء؛ فالمعنى: خلق لكم كذا بأمره النازل. والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد.