5 ذو الحجه 1424

السؤال

السؤال : ماذا تفعل المرأة التي حاضت قبل طواف الإفاضة ورفض رفقتها انتظارها؟

أجاب عنها:
سليمان العلوان

الجواب

الجواب :اختلف العلماء في المرأة التي حاضت قبل طواف الإفاضة على أقوال:فقيل تنتظر حتى تطهر ولا يصح طوافها والحالة هذه بحال . وهذا مذهب مالك والشافعي ورواية عن أحمد، وهؤلاء جعلوا الحيض منافياً للطواف كمنافاته للصلاة ؛ وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة ( افعلي ما يفعـل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري )) رواه البخاري ( 305 ) ومسلم ( 1211 ) من طريق عبد العزيز بن سلمة الماجشون عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة . وقيل الطهارة واجبة وليست بشرط؛ فيصح طواف الحائض وتجبر ذلك بدم، وهذا مذهب أبي حنيفة ورواية عن أحمد . وقيل الطهارة سنة من الحدث الأصغر ، ومن الحيض والجنابة شرط حيث الاستطاعة، فإذا لم يمكن المرأة البقاءُ حتى الطهر، وهي غير قادرة على العودة في زمن لاحرج عليها فيه، فإنها تستثفر بثوب ونحوه وتطوف بالبيت ولا شيء عليها، فقد رفع الله الحرج عن هذه الأمة . قال تعالى { وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ } فأتت هذه الآية على نفي كل أنواع الحرج؛ لأن النكرة في قوله ( حرج ) جاءَت في سياق النفي، وقد سُبقت بمن فاستلزمت العموم المقتضي لرفع كل مافيه حرج على البشر . وقال تعالى { لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا } . وقال صلى الله عليه وسلم (( إذا أمـرتكم بأمر فأتوا منـه ما ستطعتم )) رواه البخاري ( 7288 ) ومسلم ( 1337 ) من طريق الربيع بن مسلم عن محمد بن زياد عن أبي هريرة رضي الله عنه . ومن تذوق أسرار الشريعة وحكمها وفهم المقصد الأعم للشريعة تجاوب مع هذا القول . فإنه لا يمكن أن تُفتى هذه المرأة بأن تقيم في مكة بدون محرم ففي ذلك فساد عظيم . ولا يمكن أن تٌفتى بالرجوع وهي غير قادرة على العودة، فتبقى حينئذٍ محرمة ممنوعة من الزوج، محرومة من النسل حتى تطوف بالبيت أو تموت على ذلك ، فمثل هذا يرفضه الشرع والعقل ، وقد قال الإمام أحمد رحمه الله : إن الرجل إذا طاف جنباً ناسياً صحّ طوافه ولا دم عليه )) وعنه عليه دم وقد تقدم، وعذر المرأة بالحيض أولى من عذر هذا الرجل بالنسيان . وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وكتب في ذلك رسالة ، ونصره الإمام ابن القيم في إعلام الموقعين [ 3/25-41 ] . والله أعلم .