إن لي حاجة عند سيدي
4 ربيع الأول 1439
د. خالد رُوشه

هذا العنوان هو جملة  كان يقولها بعض الصالحين إذا ضاقت عليه الظروف ، وضايقته الأحوال ، واكتنفته العقبات ، وأحاطت به المشكلات ، وجاءه بعض الناس يسألونه عن معاناته ، ويعرضون عليه العون .

 

وإذا به يشكرهم ، ويستغني عن معونتهم ، ثم يستسمحهم في تركهم لانشغاله بما سيحقق مطالبه ويزيل آلامه قائلا لهم ، دعوني ، فإن لي حاجة عند سيدي .

 

ثم يذهب إلى محرابه ، ويكون قد توضأ فأحسن الوضوء ، وتصدق فأحسن الصدقة فأخفاها وبحث عن مستحقها ، ثم يقف بين يدي ربه متبتلا فقيرا راغبا خاشعا مخلصا ، فيسجد بين يديه سبحانه ، فيشكو شكواه ، ويبث آلامه في مناجاته ، ويسأل مسألته ويتضرع إليه باكيا ، ثم يخرج إلى الناس ، فمن سأله منهم : اين كنت ؟ يقول : كان لي حاجة عند سيدي الكريم وسيقضيها لي على أحسن حال ..

 

إنه حال القلب الصادق الواثق المخلص المتوكل على ربه ، الموقن في قدرته وقيوميته ورحمته ، المعترف بفقره وحاجته وضعفه ، يلجا إلى ربه الرحيم ..

 

فيطرح نفسه بين يديه سائلا راجيا داعيا أن : جئت إليك ، ولجات إليك ، ووقفت على بابك

 

والقيت بنفسي الى السجود بين يديك يارب , فلكأن المخاوف كلها أمن وسكينة , ولكأن الآلام تذوب جزءأ جزءا , ولكأن الهموم تحزم حقائبها للرحيل , والأحزان تختفي خلف الغيوم .

 

 فألجأ إليك يارب , حيث لا ملجأ يؤويني سواك , ولا منجى سوى حماك , ولا سبيل إلا رضاك .

 

وإلجأ إليك آمنا , إذ الخلق خلقك , والأمر أمرك , والعبد عبدك , والأرض أرضك , وكل شىء يحصل بمشيئتك , لا مشيئة للعباد إلا ما شئت لهم , فكيف أخاف عدوا , وكيف أرهب كائنا , وأنا ألجأ إليك , وكل الخلق لايملكون حولا ولاقوة إلا ما قضيت لهم , فالحول والقوة بك وحدك .

 

وألجأ إليك راغبا , إذ القرب إليك سبحانك هو خير الخطى , فكيف لا اشتاق إليه وأسعى مجتهدا اليه ؟ فكل الرغبات فانية , وكل الآمال منتهية , وكل الزينات غائبة .

 

 وألجأ إليك مطمئنا , إذ الرحمة صفتك , والرزق بيدك , والقضاء قضاؤك , والأجل بتقديرك ومشيئتك .

 

 وألجأ إليك مستشفيا , فالشفاء شفاؤك , فأنت الشافي , وأنت الذي تعافي , وعافيتك هي أوسع لي , فلئن شفيتني فلا سقم , ولئن عافيتني فلا ألم .

 

 وألجأ إليك مسترزقا , فالمال مالك , وخزائن السماوات والأرض بأمرك , والفضل بيدك , وأنت الرزاق لا إله إلا أنت .

 

 وألجأ إليك مستهديا , فالهداية بأمرك , والاستقامة في طاعتك , والتوفيق في التوكل عليك .

 

 وألجا إليك راهبا , إذ النجاة كلها في جنتك , والخسارة الكبرى هي الخزي في نارك , فأعوذ برضاك من سخطك , وبمعافاتك من عقوبتك , وبك منك , لا أحصي ثناء عليك , أنت كما أثنيت على نفسك ... سبحانك

.................................

** دعاء الله سبحانه ومناجاته بـ"يا سيدي" ، جائز لا حرج فيه عند جمهور الفقهاء ، لثبوت حديث النبي صلى الله عليه وسلم :" السيد هو الله " أخرجه أحمد وابو داود ، وصححه الحافظ في الفتح وصححه الألباني في الصحيحة .
وكره الدعاء به الإمام مالك ، وقال : إن الأحسن من ذلك الدعاء ب " يارب " أو "اللهم" ، أو يتوسل إلى ربه بما يناسب حاجته من أسمائه الحسنى وصفاته العليا ، وقال الداودي : لعل مالكا لم يبلغه الحديث .