أنت هنا

29 صفر 1439
المسلم ـ اورينت نت

أماطت شبكة "فوكس نيوز" الأمريكية اللثام عن نية الأمم المتحدة لتمويل نظام الأسد فيما تسميه بـ “إعادة إعمار حلب" وإعادة أهاليها المهجرين، وعرضت الشبكة محتويات وثائق، قالت إنها اطلعت عليها، توضح المناطق المستهدفة بإعادة الإعمار المزعومة.

 

وتؤكد الخطط، التي ينسقها مكتب مفوض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين مع ما يسمى "وزارة الإدارة المحلية والبيئة" التابعة لنظام الأسد، مدى تحكم النظام بما يفترض أن يكون "برامج إنسانية" محايدة، وهذا يعزز المخاوف من أن يكون برنامج إعادة الإعمار، المدرج تحت بند الاستجابة الإنسانية والتي تبلغ قيمته مليارات الدولارات، وسيلة جديدة لمنع آلاف المهجرين من أحياء حلب الشرقية من العودة لمناطقهم.

 

ووفق ترجمة نشرها موقع "أورينت نت" السوري المعارض، قال مسؤول لـ "فوكس نيوز" إن هذه الخطط "ليست عملية ولا تأخذ بعين الاعتبار مهجري شرق حلب،" وأضاف المسؤول أن الخطة تنطوي على "احتمال خلق مشاكل اجتماعية بسبب أولويات التخطيط غير المنصفة ".

 

وفي التخطيط لإعادة بناء المدينة وإعادة توطينها، يجري الآن تنفيذ عمليتين متوازيتين، بحسب الشبكة الأمريكية، خطة إنسانية مدعومة دولياً لتلبية احتياجات السوريين الذين يعيشون في شرق حلب والعودة إليها، وخطة تنمية أضيق بكثير تركز على إعادة بناء المدينة القديمة التاريخية في وسط المدينة.

 

وتحدد إحدى الوثائق التي اطلعت عليها "فوكس نيوز" الخطوط العريضة للمشاريع الإنسانية في الضواحي التي ادعى نظام الأسد والبلديات المحلية التابعة له أنها تشكل أولوية ضرورية للعائدين.

 

ووفقاً للوثيقة، بدأت عملية البت في كيفية إعادة بناء شرق حلب مع نظام الأسد الذي حدد 15 منطقة ذات أولوية في المدينة من أجل عودة الأهالي المفترضة، وحددت الأمم المتحدة بدورها 10 مناطق اعتبرتها ذات أولوية لعودة الأهالي المهجرين مع ما يلزم من الاحتياجات الضرورية في كل منطقة لهذه العودة، وبمقارنة كلا القائمتين تم تحديد 8 مناطق مشتركة بينهما للتركيز عليها في عملية إعادة التأهيل.

 

وتكشف "فوكس نيوز" أنه وعلى الرغم من أن 52 من أحياء حلب الشرقية استولى عليها نظام الأسد بعد سقوط الجزء الشرقي من المدينة، فإن بعض الأحياء الثمانية التي تم تحديدها كمناطق ذات أولوية من قبل النظام والمدرجة في خطط الأمم المتحدة نفسها ليست في شرق حلب على الإطلاق، بل تقع في غرب ووسط المدينة في أحياء لم تكن جزءا من المناطق المحاصرة والتي تم تدميرها في الحملة العسكرية.

 

وتظهر مطابقة وثائق التخطيط مع النشرات الصحفية الصادرة عن الأمم المتحدة في عام 2017 أن مشاريع مثل تجديد المدارس وإصلاح المراكز الصحية والمراكز المجتمعية الجديدة في حلب تقع بشكل حصري تقريبا ضمن المناطق ذات الأولوية في المدينة التي حددها النظام.

ويغيب عن خطط الأمم المتحدة لإعادة إعمار حلب مجموعة من التقييمات والتحذيرات من نتائج خطيرة وعكسية لإعادة الإعمار ظهرت في مشروع مسرب من خطة الأمم المتحدة للاستجابة الإنسانية لعام 2018 حيث يشير إلى أن المخاطر تشمل إمكانية تسخير المساعدات لتمكين نظام الأسد وميليشياته وتغذية شبكة الفساد، ويطرح المشروع أن خطط إعادة التأهيل "يجب أن تشمل فهم قضايا الإسكان والأراضي والممتلكات الخاصة بكل سياق" حتى لا تساهم عملية إعادة الإعمار في حرمان المهجرين من العودة إلى مناطقهم بشكل دائم.

 

هذه التحذيرات واتقييمات كانت  قيلت بوضوح في أبريل الماضي، باجتماع لفاعلي المجتمع الدولي في بروكسيل، بحسب موقع المونيتور، ضمن فعاليات المؤتمر السنوي لدعم مستقبل سوريا والمنطقة، حيث جاء في بيان المؤتمر بأن عملية إعادة الإعمار "ستكون ناجحة فقط في سياق مرحلة انتقالية فعلية وشاملة تفيد جميع السوريين"، وأصدرت منظمة كير الدولية ولجنة الإنقاذ الدولية والمجلس النرويجي للاجئين ومنظمة أوكسفام ومنظمة إنقاذ الطفولة إنه بدون الدعم الدولي لحل سياسي وفي غياب احترام حقوق الإنسان، فإن "التحرك نحو المساعدة في إعادة الإعمار قد يضر أكثر مما ينفع".

كما لا تتناول الوثيقة التي عاينتها "فوكس نيوز" المناطق الكبيرة من الأحياء غير المنظمة "العشوائيات" والتي تم تدميرها من قبل النظام وطرد أهلها، بالإضافة لفقدان أكثر من 30 ألف سجل للممتلكات في مدينة حلب.

 

ويشير تقرير شبكة فوكس نيوز إلى ما يسمى "اللجنة التوجيهية الوطنية العليا لاستعادة المدينة القديمة في حلب"، وهي منظمة غير حكومية مرتبطة بـ "أسماء الأسد"، استضافها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP)، في إشارة من الشبكة إلى مدى تورط منظمات وهيئات الأمم المتحدة مع مؤسسات وهمية مرتبطة فعلياً مع النظام، وبالإضافة لمؤسسة "أسماء الأسد" تقوم ما تسمى بـ "وزارة الثقافة" التابعة لنظام الأسد بقيادة خطة إعادة إعمار البلدة القديمة، وتعمل مع اليونسكو وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي.

 

فيي هذا السياق، حذر الكثير من الباحثين من خطر الشروع في عمليات إعادة الإعمار في ظل وجود نظام الأسد ويقول الباحث "خضر خضور" في تحقيق له نشره في موقع "مركز كارنيغي  للشرق الأوسط" بأن النظام يتطلع إلى مرحلة يصبح فيها توزيع المساعدات وإنفاق أموال إعادة الأعمار، عاملاً مهماً في إعادة تثبيت سلطته على البلاد، وهو في سبيل ذلك ومع إدراكه لضعفه ومؤسساته، وضرورة اضطلاع المنظمات غير الحكومية بدور أكبر، قام بابتداع سياسة تقوم على محاولة دمج المنظمات غير الحكومية ضمن شبكاته الخاصة، وذلك سيتسبب بتوسيع سلطته المركزية إلى المستوى المحلي، ولكنها تتيح له الحفاظ على درجة معينة من السيطرة على تدفق المساعدات من الوكالات الدولية في الخارج إلى المنظمات غير الحكومية في سورية.

 

وكانت الأحياء الشرقية في حلب تعرضت في العام الماضي لحصار محكم من قبل نظام الأسد والميليشيات الإيرانية كما تعرضت لحملة قصف ضخمة من قبل طيران العدوان الروسي استخدم فيها الصواريخ الفراغية والارتجاجية عدا عن البراميل المتفجرة التي لم تتوقف منذ تحرير تلك الأحياء، بالإضافة لاستخدام الغازات السامة.

وهاجمت روسيا ونظام الأسد بشكل منهجي المستشفيات والمدارس والأسواق الغذائية، ليتمكنا من الاستيلاء على تلك الأحياء في شهر  ديسمبر 2016 مما أدى لنزوح الأهالي خوفاً من الوقوع بيد ميليشيات النظام والميليشيات الإيرانية.