مسلمو أمريكا...وإعصار "هارفي" و"إرما"
20 ذو الحجه 1438
د. زياد الشامي

لم تكن المرة الأولى التي تؤكد فيها الأزمات والملمات والكوارث حقيقة مدى علو الحس الإنساني لدى المسلمين في دول القارة العجوز والأمريكيتين وغيرها من الدول غير الإسلامية وتكشف عن زيف الدعاية الإعلامية الغربية المناهضة لهم والمحرضة ضدهم بدعوى أنهم "وحدهم" المتهمين باستخدام "العنف" وممارسمة ما يسمى "الإرهاب" في الوقت الذي تُظهر فيه الوقائع – وخصوصا في الأوقات العصيبة -  عكس ذلك تماما ....

 

 

يكفي ذكر جهود مسلمي لندن في إنقاذ الكثير من البريطانيين من الحريق الهائل الذي التهم برج "جرينفيل" في منطقة لانكستر ويست غربي عاصمة المملكة المتحدة مؤخرا وذلك بشهادة الكثير من الناجين من الحريق من البريطانيين أنفسهم الذي أكدوا انحياز إعلامهم ضد المسلمين وعدم إنصافه لهم رغم دورهم الإنساني البطولي الفريد .

 

 

يتكرر المشهد الآن ولكن هذه المرة في الولايات المتحدة الأمريكية , حيث أكدت الأيام القليلة الماضية حقيقة سمو الحس الإنساني لدى المسلمين و رقي طريقة تعاملهم مع غير المسلمين في أوقات الأزمات والكوارث بدافع من تعاليم دينهم الحنيف ومبادئ إسلامهم السمحة .

 

 

الشهادة بدور المسلمين الكبير في إغاثة المتضررين من إعصار "هارفي" و "إرما" وفتحهم المساجد ودور العبادة الخاصة بهم لاستقبال الفارين من عين العاصفتين وتقديمهم المعونة الغذائية والطببية اللازمة لكل من يلجأ إليهم دون تمييز على أساس الدين أو اللون أو العرق ....جاءت من شخصيات و وسائل إعلام أمريكية متعددة .

 

 

موقع "باتش" الأمْريكي كان أحد من أشار إلى جهود المسلمين في هذا الإطار مؤكدا أن مساجد منطقة "أتلانتا" بولاية جورجيا مفتوحة أمام عمليات الإجلاء جَرَّاء إعصار "إرما" مضيفة أن أماكن العبادة الخَاصَّة بالمسلمين من بين المنشآت المفتوحة لأولئك الذين هم في حاجة للمساعدة .

 

 

مِنْ جَانِبِهِ سلط موقع "كاربوناتيد" الأمْريكي الضوء على مدى العطاء الحقيقي الذي يقدمه مسلمو أمريكا والذي ظهر خلال إعصار "هارفي" ومن بعده إعصار "إرما" مُشِيرَاً إلى أن مساجد في منطقة أتلانتا تفتح أبوابها لتكون مَأْوَى للذين يتم إجلاؤهم جَرَّاء "إرما" مكررين ما فعله مسلمو هيوستن في ولاية تكساس التي تعرضت لإعصار “هارفي" .

 

 

الموقع تحدث عن أن مساجد الفرقان أعلنت الأسبوع الماضي عن أن مساجد ولاية جورجيا مفتوحة لاستقبال الذين يتم إجلاؤهم، وذلك بعد إعلان ولاية فلوريدا عن أن السكان عليهم ألا ينتظروا قدوم الإعصار حتى يبدؤوا في التحرك.

 

 

واعتبر الموقع أن رؤية المجتمعات المسلمة في أنحاء الولايات المتحدة وهي تتواصل مع الضحايا في الكوارث الطبيعية الأخيرة، تؤكد على أن الحب والخير بإمكانهما هزيمة الكراهية التي تبث وتحرض "ضد المسلمين" .

 

 

أما تلفزيون 11alive"" الأمْريكي فقد تعرض للجهود التي يبذلها المسلمون مُجَدّدَاً بعد إعصار "هارفي" لمواجهة تداعيات إعصار "إرما" عبر فتح مساجد جورجيا أمام كل أتباع الديانات والمعتقدات لتوفير المَأْوَى لهم , و وضع التلفزيون على موقعه الإِلِكْتُرُونِيّ رابطاً للموقع الإِلِكْتُرُونِيّ لمسجد الفرقان لمتابعة المساجد التي تفتح أبوابها والتي بلغت 10 مساجد حتى كتابة التقرير.

 

 

بينما تحدث موقع "مايك" الأمْريكي عن أن نحو 12 مسجداً في جورجيا كَانُوا مستعدين مُنْذُ الْجُمُعَة الماضية لاستيعاب المئات من النازحين من الإعصار، كما أن المساجد التي لا تضم مطابخ سيتم طهي الطعام في منازل رواد المسجد والقدوم بها لتقديمها للنازحين .

 

 

في المقابل تداول نشطاء عبر مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو مترجم لمذيع أمريكي يشن هجوماً لاذعاً ضد الكنيسة الأكبر في هيوستن (كبرى مدن تكساس الأمريكية)؛ بسبب إغلاق أبوابها في أعقاب إعصار "هارفي" .... في الوقت الذي أثنى فيه المذيع الأمريكي على المسلمين الذين فتحوا مساجدهم ومراكزهم الإسلامية لاستقبال المتضررين من الإعصار وإيوائهم مستنكرا في ختام حديثه الاتهامات التي توجه للمسلمين واتهامهم بأنهم أصل كل خطأ .

 

 

دور مسلمي أمريكا في إغاثة المتضررين من إعصار "هارفي" و "إرما" أبرزته صحف غربية مشهورة أبرزها صحيفة "الإندبندنت" البريطانية التي نقلت تقريرا عن صحيفة الواشنطن بوست الأمريكية تحت عنوان "إعصار هارفي : المساجد تفتح أبوابها أمام ضحايا الفيضانات المدمرة في هيوستن" أشادت فيه بالدور الذي لعبه المسلمون ومساجدهم خلال الإعصار، في حين أغلقت أكبر كنائيس الولاية أبوابها في وجه المتضررين .

 

 

تقول الصحيفة في تقريرها : "مع استمرار ارتفاع مياه الفيضانات التي خلفها الإعصار هارفي، فتح مسجد ضخم هنا - كغيره من المساجد الأخرى في الولاية- أبوابه أمام الأمريكيين من جميع الأديان".

 

 

وتنقل الصحيفة عن مدير الجمعية الإسلامية لهيوستن الكبرى (ISGH) مسرور جواد خان قوله تعليقا على المساعدات التي قدمتها الجمعية للمتضررين : "هذا جزء من إيماننا، وجزء من كوننا بشرا......" .

 

 

وكانت صحيفة الإندبندنت نشرت تقريرا الخميس الماضي نقلت فيه ما قالت إنها موجة من الغضب واجهت كنيسة "ليكوود" التابعة للقسّ جويل أوستين والتي تعد الأكبر في هيوستن (كبرى مدن ولاية تكساس) بسبب إغلاق أبوابها في أعقاب إعصار هارفي.

 

 

ولفت العديد من الناشطين في مواقع التواصل الاجتماعي إلى أن مساجد هيوستن فتحت أبوابها أمام ضحايا إعصار "هارفي" في الوقت الذي أعلنت فيه إدارة كنيسة لايكود، التي تعتبر أكبر كنيسة في المنطقة و القادرة على احتضان 16 ألف شخص عن إغلاق أبوابها طيلة مدة وقوع الكارثة , و قال أحد النشطاء ساخرا : "إذا توجهّت لكنيسة "اوستين" ووجدتها مغلقة لا تقلق، فالمركز الإسلامي فى هيوستن مفتوح".

 

 

رغم كل هذه الجهود الإغاثية التي بذلها مسلمو أمريكا خلال الأيام القليلة الماضية ورغم كل هذه الشهادات والاعترافات بدورهم الريادي الفريد في تقديم المعونة ومشاركة المتضررين من إعصار "هارفي" و "إرما" في الوقت الذي لم تقدم فيه كبرى الكنائس أي شيء على الصعيد الإغاثي العاجل ...إلا أن كلمة إنصاف واحدة لم تصدر بحقهم من قبل مؤسسات الدولة الرسمية وعلى رأسها البيت الأبيض و قاطنه "ترامب" الذي يبدو أنه مختص فقط بالتحريض ضد المسلمين ونشر الكراهية ضدهم فقط .