فصل جديد في مسرحية العقوبات الأمريكية على طهران .. ترامب ما زال يحارب خامنئي... بالتصريحات!
7 ذو القعدة 1438
منذر الأسعد

كم تبلغ المسافة بين المواقف الفعلية والمواقف اللفظية التي يتخذها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب  من إمبراطورية الشر الإيرانية؟..

 

هذا سؤال مسكوت عنه في الإعلام الأمريكي الذي يحارب ترامب ويحاربه ترامب على مدار الساعة.

 

طبعاً، المسافة تصبح أبعد وأوضح إذا قورنت أفعال ترامب اليوم بتصريحاته الشديدة خلال حملته الانتخابية ضد دولة الولي الفقيه.. وخاصة تشنيعاته القوية على سياسات سَلَفِه باراك أوباما..

 

فما السر وراء هذه المتناقضات؟
هل هناك تناقض؟
قد يحاججني البعض بأني أبالغ ، ويستدل عليَّ بالعقوبات الجديدة التي أقرها الكونغرس الأمريكي مؤخراً في حق طهران، وصادق عليها ترامب فوراً دون تلكؤ..

 

لكن هذه الواقعة تشهد لرؤيتي لا العكس.. ففي ذروة التواطؤ الأمريكي العلني في عهد أوباما مع السرطان الصفوي كانت العقوبات على قدم وساق!
فواشنطن صاحبة تجارب مديدة وفريدة في مضمار فرض العقوبات، وفي التأكد من أنها أداة عقيمة، ولا تتضرر منها سوى الشعوب.. وها هو التغلغل الصفوي إقليمياً تم كله في ظل عقوبات أمريكية وأوربية على إيران منذ عشرات السنين..

 

والأمر نفسه ينطبق على نظام كوبا الشيوعي في خاصرة أمريكا.. ففيدل كاسترو ورَّث البلد لأخيه راؤول ولم تُفْلح محاصرة أمريكا الاقتصادية شديدة الوطأة منذ 1959م في تغيير النظام الكوبي .. بل إن أمريكا هي التي تراجعت وبدأت ترفع العقوبات عن هافانا وتغازلها لبناء علاقات جديدة مختلفة عن إرث الحرب الباردة ..

 

وأما المثال العراقي فنموذج آخر أشد كشفاً لفشل العقوبات من جهة، ولحقيقة السياسة الأمريكية ..

 

حوصر العراق في عهد صدام بين 1991 و2003 حصاراً لا مثيل له .. لكنها لم تُسقط النظام لأن مصلحة واشنطن كانت مبنية على بقائه تلك المدة. فلما استنفد بقاء النظام أغراضه جاء الغزو العسكري الشرس، وداس المارينز على الأمم المتحدة ومجلس أمنها والقانون الدولي كله..

 

وكانت مسرحية العقوبات أشد إثارة   للسخرية في المأساة السورية .. فقد كانت وسيلة واشنطن المفضلة لتمرير جريمتها المخطط لها من البداية: قتل السوريين وتشريدهم بأرقام فلكية وتدمير البلد ليبقى العميل ..

 

 

فصل " طرد إيران" من سوريا
منذ تسلم ترامب منصبه  في 21 يناير 2017، دأبت واشنطن على إصدار عشرات المواقف المتضاربة من محنة الشعب السوري .. فتارة تقول: يجب رحيل " الحيوان" لأنه سفاح ولأنه سبب نشوء الإرهاب .. وتارة تقول: لا يعنينا رحيله .. وطوراً ثالثاً تقول: لا بأس في انضمامه إلينا في محاربة داعش ..

 

لكن العنصر الثابت في ثرثرة البيت الأبيض عن مأساة العصر،تمثل في إصرارها الكلامي على إخراج إيران من سوريا .. وحظي هذا التهريج بمؤازرة بعض المفرقعات ( توجيه ضربات محدودة على قطعان إيران بالقرب من معبر التنف عند مثلث الحدود السورية  مع كل من العراق والأردن!!) ..

 

تلا ذلك قطع واشنطن "مساعداتها" الكاريكاتيرية  عن حفنة من السوريين الذين ارتضوا أن ينخرطوا في مؤامرتها: حصر البندقية في مقاتلة " الإرهاب" !! وعدم توجيه رصاصة إلى نيرون الشام وشركائه من القتلة  الطائفيين المجلوبين برعاية الحرس الثوري المجوسي ..

 

وقبل إسدال ستارة الختام : هوجم فصيل " شهداء القريتين" وتم طرده من " الفردوس الأمريكي" لأنه اضطر إلى الدفاع عن نفسه ضد هجمات عصابات الطاغية!!

 

وفي ثنايا المسرحية المبكية المضحكة تصر واشنطن على معاقبة روسيا، لكنها تقر لها بأن تمضي في ذبح السوريين في الوقت نفسه .. هذا مع أن التدخل الروسي في انتخابات الرئاسة الأمريكية لمساندة ترامب، قد يفضي إلى إطاحة ترامب بعد أن أدى دوره في مسرحية قتل سوريا وتثبيت السيطرة المجوسية على المنطقة، لتوفير حماية للكيان الصهيوني أشد صرامةً وأوسع نطاقاً من حماية العائلة الأسدية العميلة التي برهنت عن تفوق لا نظير له.. لكن المتغيرات اقتضت أن يضاف إليها طوق الأقليات الحاقدة على الإسلام بقيادة أحفاد أبي لؤلؤة المجوسي، بعد أن تعرض أمن العدو إلى أول تهديد جاد من سوريا، يوم ثار شعبها على حارس الجولان الـمَبِيع !!