خطر التدخين على الحياة
9 رمضان 1438
عبد الرحمن البراك

الحمد لله وحده، وصلى الله وسلم على من لا نبي بعده، أما بعد:

فقد قال الله تعالى فيما وصَّى به عباده المؤمنين: (وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا)، وهذا يشمل قتل الناس بعضهم بعضا، وقتل الإنسان نفسه بآلة، أو بفعل يفعله، أو بمأكول أو مشروب؛ من سَمٍّ ونحوه. كما يشمل هذا النهيُ من الله تعالى: التسببَ في قتل الإنسان نفسه أو غيره؛ فإن للوسائل حكم الغايات، فيجب على كلِّ مَنْ منَّ الله عليه بالإسلام أن يبادر إلى طاعة الله وطاعة رسوله، ويمتثل أمر الله وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم، ويجتنب ما نهى الله عنه ورسوله، ومن أعظم ما حرم الله ورسوله قتلُ الإنسان نفسَه، مباشرة أو بالتسبب في ذلك، وقد انتشرت في هذا العصر وتعدد أسباب القتل ووسائله في الحرب والسلم، حتى إن القتلى من العالَم في العام الواحد يقدَّرون بمئات الألوف، بل بالملايين، وقد عدَّ النبي صلى الله عليه وسلم كثرة القتل من أشراط الساعة في قوله: (ويكثر الهرْج)، قيل: وما الهرْج؟ قال: (القتل القتل)، ولا يستغرب هذا في نتائج الحروب بأسلحة الدمار الشامل، ولكن الذي يبعث على الاستغراب ما يذكر من إحصاءات القتلى بحوادث السيارات، ومعظمه بسبب السرعة، وأعجب من هذا وأعظم منه ما تنشره منظمة الصحة العالمية من إحصاءات للموتى بسبب التدخين، ومن هذا القبيل ما نشر في هذه الأيام، ووصل إلى الناس في رسائل الهاتف الجوال من إحصاء من يموت في المملكة العربية السعودية بسبب التدخين منسوبا إلى وزارة الصحة، إذْ ذكر في الرسالة أنه يموت في المملكة سنويا سبعون ألفا بسبب التدخين، وبعضُ هذا الرقم كافٍ في وجوب الإقلاع عنه، والحكم بتحريمه، وقد أفتى كثير من العلماء بتحريم الدخان بكل أنواعه، خصوصا علماء هذه البلاد، فيجب على كل من ابتلي به أن يتوب إلى الله؛ لأن التدخين معصية، فيحقق بذلك سلامة دينه وبدنه وماله، وطريق التوبة: الاستعانةُ بالله، ثم التصميم على ترك هذا الخبيث القاتل، والأخذ بالأسباب المعينة على تركه.

 

وبعد: إن هذا الرقم ـ وهو سبعون ألفا ـ لعدد الموتى في المملكة كلَّ عام بسبب التدخين، كما بثته شركة الاتصالات منسوبا رسميا إلى وزارة الصحة لحريٌّ أن يكون فيه زاجر لكل عاقل عن هذا المنكر، ويوجب على الأمة حكومة وأُسَرًا وأفرادا تضافر الجهود لمحاربته، وذلك بأمور:

 

أولا: مناصحة المدخنين والإكثار عليهم في ذلك، ومناصحة المروِّجين له من التجار وأصحاب المحلات، وتشجيع الممتنعين من بيعه والدعاء لهم.

 

ثانيا: الأخذ على أيدي الصغار من قبل أولياء أمورهم.

 

ثالثا: التحذير منه وبيان أضراره وحكمه في خطب الجمعة وفي الكلمات والمحاضرات العامة، وفي المدارس من قبل المدرسين.

 

رابعا: منع ممارسته في المدارس والجامعات منعا جادًّا.

 

خامسا: تكثير عيادات مكافحة التدخين، وبثُّها في أنحاء المملكة.

 

وختاما: نسأل الله أن يوفق الجميع للتعاون على البر والتقوى؛ إنه تعالى سميع الدعاء. وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

أملاه: عبد الرحمن بن ناصر البراك

السابع من رمضان 1438هـ.