نار تحت الرماد بالمغرب
8 رمضان 1438
خالد مصطفى

تشهد المغرب احتجاجات صاخبة منذ أكتوبر الماضي في محافظة الحسيمة بمنطقة الريف شمال شرقي البلاد.. وجاءت الاحتجاجات بعد وفاة تاجر السمك محسن فكري، الذي قتل طحنًا داخل شاحنة لجمع النفايات، خلال محاولته الاعتصام بها، لمنع مصادرة أسماكه..

 

وقد فجرت الحادثة حركة احتجاجات صاخبة ومستمرة في الريف أسفرت عن صدامات بين الأمن والمتظاهرين واعتقالات في صفوف المحتجين..وقد تجاوزت الاحتجاجات محافظة الحسيمة إلى عدد من المدن المغربية بينها العاصمة الرباط والدار البيضاء وفاس في تضامن مع مطالب المحتجين في الريف...

 

الاحتجاجات تركزت على المطالب الاقتصادية ودعت لتحقيق التنمية ورفع التهميش عن المناطق الريفية وانضمت مطالب أخرى للحراك بشأن إطلاق سراح المعتقلين ووقف التعامل الأمني العنيف مع المتظاهرين..طريقة تعامل الأمن مع الاحتجاجات أثارت غضب عدد من الأحزاب السياسية من بينها حزب العدالة والتنمية الذي يقود ائتلاف الحكومة, حيث حملت الأحزاب وزير الداخلية، عبد الوافي لفتيت، مسؤولية "جر منطقة الريف والبلاد إلى المجهول"...

 

وطالبت بـ"الإفراج الفوري عن كافة معتقلي الحراك الاجتماعي بدون قيد أو شرط",وحملت "الدولة مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع بالمنطقة بسبب تبخيس دور الأحزاب الوطنية وإفساد الحياة السياسية بالإقليم"...وانتقدت "التضليل الإعلامي الذي تمارسه القنوات الحكومية من خلال نشر صور وفيديوهات لأحداث معزولة لا علاقة لها بالحراك...

 

ودعت إلى "تحقيق مطالب السكان الاقتصادية والاجتماعية، والتي عبر عنها الحراك الاجتماعي، وانتهاج مقاربة تنموية للإقليم بدل المقاربة الأمنية الصرفة"...

 

وفي وقت لاحق حثت أحزاب الائتلاف الحاكم بالمغرب في بيان لها الحكومة على التفاعل الإيجابي مع المطالب المشروعة لسكان الحسيمة والريف شمالي البلاد، وأكدت على "الحق في الاحتجاج تعبيرا عن المطالب الاجتماعية المشروعة وفق المقتضيات القانونية الجاري العمل بها"..ودعت الحكومة إلى "مزيد من التفاعل الإيجابي مع المطالب المشروعة لسكان إقليم الحسيمة وغيرها من مناطق المملكة"...وجددت دعوتها إلى "تسريع وتيرة إنجاز الورشات والمشاريع التنموية المبرمجة والتعامل بحزم في تفعيلها"...

 

هذا البيان الذي أصدرته أحزاب الائتلاف الحاكم يكشف عن عدة حقائق خطيرة من أهمها, أن الحكومة لا تملك حرية التصرف في العديد من الملفات الهامة دون توجيهات من القصر الملكي الذي يملك جميع مفاتيح اللعبة السياسية حتى الآن, كما أن الديمقراطية المغربية هي حالة زائفة لخداع الجماهير وامتصاص غضبها ولا تعبر بواقعية عن معاناتها...

 

وما يؤكد ذلك الطريقة التي تدار بها العملية الانتخابية في البلاد والتي لا تتيح الفرصة لأي حزب لكي يشكل الحكومة بمفرده مما يسفر عن حكومات ائتلافية هشة تتصارع الأحزاب داخلها وما ظهر خلال محاولة زعيم حزب العدالة والتنمية ورئيس الوزراء السابق عبد الإله بن كيران لتشكيل الحكومة الجديدة بعد فوز حزبه بالمركز الأول في الانتخابات البرلمانية ثم تنحيته بشكل مفاجئ يبين لنا عددا من أهم عورات المنظومة السياسية والتي تمنع من تعبير الحكومة بشكل صحيح عن تطلعات الشعب..

 

النظام المغربي يظن أنه أفلت من رياح الربيع العربي التي طالت عددا من دول المنطقة قبل سنوات ولكن الحقيقة أن هذه الرياح لا ترتبط بزمن معين ولكنها تعبر عن حالة سياسية واقتصادية ومجتعمية قد تحدث في أي لحظة..