انتشار الإسلام وحروب التشويه المستعرة
20 شعبان 1438
خالد مصطفى

تشن جهات عديدة حروبا مستعرة ضد الإسلام ليس اليوم فقط ولكن منذ زمن طويل, وإن كانت حدة هذه الحروب قد ازدادت شراسة في الفترة الأخير تحت حجج وذرائع مختلفة...

 

الحروب على الإسلام في وقت ما كانت بالقوة العسكرية وجحافل الجيوش المزودة بأحدث الأسلحة وبشكل علني, ثم تحولت إلى حروب إعلامية واقتصادية وظلت القوة العسكرية تلوح في الأفق دائما ولكن تحت شعارات جديدة بعيدا عن الأسلوب المباشر الفج...

 

 

في السنوات الأخيرة عادت الحرب العلنية على الإسلام بشكل شرس وتنامت قوة الأحزاب اليمينية المتطرفة التي تدعو لطرد المسلمين من أوروبا وتشن اعتداءات ممنهجة عليهم ووصل الأمر لأن يظهر بعض المسؤولين والسياسيين للهجوم على الإسلام وشريعته واتهامه "بالتطرف والإرهاب" مع تضييق وحصار خانق على المسلمين والترويج للأكاذيب عن دينهم بشكل واسع من خلال وسائل الإعلام المختلفة...

 

ووسط هذا الركام تخرج التقارير والأبحاث الغربية لتؤكد أن الإسلام يواصل انتشاره في شتى أرجاء المعمورة فقد كشفت دراسة أكاديمية حديثة، أن 48.6% من سكان بريطانيا، “لا دينيين”، فيما تضاعف عدد المسلمين أربع مرات، في الفترة 1983-2015 (32 عامًا)...

 

وأوضحت الدراسة، التي أجرتها جامعة “سانت ماري” اللندنية، أن منطقة جنوب شرقي بريطانيا، واسكتلندا (إحدى دول المملكة المتحدة)، تضمَّان أكبر عدد من البريطانيين غير المتدينين...لافتة إلى أن المتحولين من الطائفة الأنجيليكانية (الكنيسة الرئيسية) إلى “لا دينيين” شكلوا 17.1%..من جهتها، ذكرت صحيفة “الغارديان”، أنه خلال الفترة من 1983 إلى 2015، انخفضت نسبة "المسيحيين" من 55% إلى 43%...ونوهت أن نسبة المسلمين تضاعفت أربع مرات، خلال نفس الفترة...وأفاد مركز “بيو” الأميركي للأبحاث، في أبريل المنصرم، أن الدين الإسلامي سيكون الأكثر انتشاراً في العالم بحلول عام 2075....

 

أعداء الإسلام يجهلون حتى اللحظة السر في حيوية هذا الدين وسرعة انتشاره على الرغم من شدة الهجوم عليه وهو ما يزيدهم وحشية..معظم هؤلاء لم يقرأوا عن الإسلام بشكل موضوعي وغير منحاز وإلا لوضعوا أيديهم على الحقيقة الظاهرة التي تكشف الفارق بين الإسلام وغيره من الأديان من حيث التوازن في الخطاب بين الروح والجسد وعدم التفرقة بين البشر على أساس العرق أو اللون أو المال, أو الوضع الاجتماعي, والتوجه المباشر إلى الله بلا واسطة أو صكوك غفران, والشمولية والربط الدائم للإنسان بربه في كل مناحي الحياة مع البساطة في العقيدة التي يفهمها أقل الناس تعليما وسهولة عباداته, هذه وغيرها من الميزات جعلته يخترق قلوب الناس على اختلاف مشاربهم, ولعل الحواجز التي تضعها بعض الدول والأنظمة تمنع الكثيرين من الاطلاع على الإسلام  بشكل حقيقي وإلا لتضاعفت نسبة الانتشار..

 

من الأمثلة التي تؤكد ذلك ما قاله الشيخ صالح نشيميمانا، نائب مفتى رواندا، من أن الإبادة الجماعية التي شهدتها البلاد عام 1994، بمثابة "منعطف" بالنسبة لمسلمي رواندا...وأشار إلى انتشار الإسلام في رواندا عقب جرائم الإبادة التي شهدتها البلاد على يد متطرفين من قبائل الهوتو التي تمثل الأغلبية ضد أقلية التوتسي...وأكد نائب المفتي، أن الشعب لم ينس فضل المسلمين، الذين لم يتورطوا في جرائم الإبادة، بل آووا قبائل "التوتسي" والمعتدلين من "الهوتو"، في بيوتهم، أثناء تلك الأحداث التي استمرت 100 يوم...وبهذا الخصوص، أكد أن المسلمين حموا جميع الناس، ولم يمارسوا سياسة التمييز بحقهم...

 

وأضاف بهذا الصدد، أن سلطات البلاد لم تكن تمنح جنسيتها للمسلمين، وتحرم أبنائهم من حقوق التعليم، وتمنع عيشهم في مراكز المدن...وأكد نشيميمانا، أن روانديين من منتسبي معتقدات مختلفة، بدأوا اعتناق الإسلام بأعداد كبيرة، بعد أن تبيّن لهم أن المسلمين لم يلوثوا أيديهم بدم أحد؛ على عكس غيرهم...كذلك ما قاله أكاديمي في مدرسة إسلامية بعاصمة زيمبابوي، هراري، إن الإسلام ينتشر بسرعة في البلاد؛ "لأن الناس يتفهمون ويقبلون على تعاليم الدين على نحو متزايد"...وأضاف شايبو أسالي، رئيس قسم اللغة العربية فى مدرسة "اقرأ دار العلم" (معهد جامعي لتدريس العلوم الإسلامية يشرف عليه مجلس علماء الإسلام في البلاد) في مقابلة مع صحيفة "ذا صاندي ميل" (خاصة) المحلية، أن "نسبة المسلمين وصلت في زيمبابوي 3% من 15 مليون نسمة، إجمالي عدد السكان"...

 

وأشار إلى أن الدين الإسلامي ينتشر بوتيرة سريعة نتيجة الحوار بين الأديان، وإقرار دستور للبلاد عام 2013 يراعي التعددية الدينية... وتابع: "منذ أن خرجنا من عزلتنا كمسلمين في زيمبابوي، وأرسلنا أولادنا للتعليم في الدول الإسلامية، بدأ ينتشر الإسلام بيننا بسرعة أكبر مما سبق"...وأوضح أن "عددًا كبيرًا من المواطنين اعتنق الإسلام، بعدما سافروا إلى الدول الإسلامية للدراسة، ولاحظوا عن كثب تعاليم الإسلام".