التهديدات الإيرانية وأوهام القوة
14 شعبان 1438
خالد مصطفى

تعيش إيران خلال السنوات الأخيرة أوهام القوة والسيطرة وساعدها على زيادة هذا الوهم مجموعة من الظروف التي مرت بالمنطقة وأتاحت لطهران الدخول في صفقات مريبة أسفرت عن تمدد صفوي في المنطقة..

 

إيران ترفع شعارات زائفة عن عدواة مع أمريكا والغرب بينما هي في واقع الأمر تدين بتمددها المتزايد  للدعم الذي تجده من هذه الدول منذ الاتفاق على تسهيل غزو العراق والذي تبعه إطلاق يدها لتشكيل مليشيات طائفية للسيطرة على حكم العراق بعد سقوط نظام صدام مرورا بغض الطرف عن تدخلها المباشر في سوريا لدعم نظام الأسد وتدخلها في اليمن لدعم المتمردين الحوثيين ثم الاتفاق النووي الذي أتاح لها استرداد جزء كبير من أموالها المحتجزة  في الخارج من أجل تمويل جرائمها بعد أن كانت قاب قوسين أو أدنى من الإفلاس...

 

إيران تتوهم إمكانية استرجاعها للإمبراطورية الفارسية والسيطرة على دول المنطقة تحت شعارات "مواجهة الغرب" وتصدير التشيع والضحك على عقول البسطاء من المسلمين من أجل الترويج لاستحقاقها قيادة العالم الإسلامي بينما هي في الحقيقة من أشد أعداء هذا العالم... إيران لا تكف عن تهديد جيرانها ومحاولة زعزعة استقرارهم الداخلي عن طريق مليشياتها وطابورها الخامس الذي أنفقت عليه المليارات من أموال الشعب الإيراني الذي يعاني من مستويات غير مسبوقة من الفقر والبطالة اعترف بها عدد من المسؤولين الإيرانيين علانية بعد تحقيقات مفزعة نشرتها وسائل الإعلام الإيرانية عن عائلات تسكن المقابر من شدة الفقر...

 

طهران في الأيام القليلة الماضية استفزت المسلمين حول العالم عندما أطلقت تهديدات في وجه السعودية وباكستان فقد صرح وزير الدفاع الإيراني حسين دهقان بأن طهران لن تُبقي في السعودية أي مكان في حالة أمن باستثناء الأماكن المقدسة إذا ارتكبت الرياض “أي حماقة”, على حد وصفه...وقال “إذا ارتكبت الرياض أي حماقة بالاعتداء على إيران فانه لن يبقى منَ السعودية مكان آمن غير مكةَ والمدينة”...وأضاف “يعتقدون أن بوسعهم فعل شيء لأنهم يمتلكون قوة جوية”, على حد قوله...

 

وكانت هذه التصريحات ردا على تصريحات أدلى بها ولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان تتحدث عن واقع الخطر الإيراني الذي يدركه القاصي والداني, حيث قال “نعرف أنه.. هدف رئيسي للنظام الإيراني الوصول إلى قبلة المسلمين (مكة)… لن ننتظر حتى تصبح المعركة في السعودية بل سوف نعمل لكي تكون المعركة لديهم في إيران...وبعد قليل أطلقت إيران تهديدات في اتجاه باكستان حيث قال رئيس الأركان محمد حسين باقري: إن "طهران ستضرب قواعد داخل باكستان، في حال لم تواجه الأخيرة المسلحين الذين يقومون بهجمات عبر الحدود",على حد وصفه؛ فما كان من إسلام آباد إلا أن ردت على التهديدات باستدعاء سفير طهران لديها وتسليمه مذكرة احتجاج "شديدة اللهجة"...وقالت وزارة الخارجية الباكستانية، إنها استدعت السفير الإيراني لدى إسلام آباد، مهدي هنر دوست، وسلمته احتجاجاً "شديد اللهجة"...

 

وأضافت الخارجية في بيان لها أنها طالبت السلطات الإيرانية بوقف إصدار مثل هذه التصريحات، التي وصفتها بـ"غير اللائقة"، وذلك نظراً لتداعياتها السلبية على التعاون المشترك بين البلدين...ليس من الغريب أن تكون التهديدات الإيرانية الأخيرة لدولتين من دول التحالف الإسلامي العسكري الذي اعتبرته إيران خطرا على نفوذها ويبدو أن الخطوات التنفيذية التي تتخذ حاليا من أجل بلورة هذا التحالف أصابت طهران بالجنون فهي تخشى من أي تجمع إسلامي سني يقف أمام مخططاتها الدنيئة..

 

أوهام القوة المزعومة للدولة الفارسية ينبغي أن لا تلهيها عن الأوضاع الداخلية الصعبة التي تعيشها حيث تتعرض لأزمات اقتصادية وسياسية واجتماعية ملحة أصبحت تشكل قنبلة موقوتة معرضة  للانفجار في أي لحظة, وهذه الأزمات هي التي أدت لانهيار دولة أكبر منها بكثير هي الاتحاد السوفيتي,  فهل تعتبر طهران أم أنها ستواصل غيها حتى تسقط على رأسها؟! على أرجح أنه الخيار الثاني.