القصف والتهجير مستمر..ماذا بقي من أكذوبة "خفض التصعيد"؟!
13 شعبان 1438
د. زياد الشامي

لا شيء يتغير على الأرض مع كل جولة جديدة من جولات "أستانا" وما يتمخض عنها من توقيع ما يسمى "اتفاق" من قبل كل من روسيا وإيران وتركيا , فقصف مناطق الثوار وقتل الأبرياء من الأطفال والنساء لا يهدأ او يتوقف ولو لساعات رغم دخول الاتفاق المزعوم حيز التنفيذ , وسياسة تهجير السوريين من مناطقهم وبيوتهم بعد إحكام الحصار الخانق عليهم مستمر قبل وبعد ما يسمى "اتفاق" .

 

 

 

حدث ذلك وتكرر في جميع الاتفاقيات التي وقعتها روسيا خلال جولات "أستانا" الثلاث السابقة , إذ لم تلتزم روسيا وإيران والنظام النصيري بأي بند من بنودها , بل يمكن القول بأن القصف والتهجير يزداد مع كل اتفاق جديد !!

 

 

 

لم يختلف الوضع على الأرض مع اتفاق ما يسمى "مناطق تخفيض التصعيد" الذي تمخض عن "أستانا4" , فقصف النظام النصيري والمليشيات الصفوية للأحياء السكنية في كل من حمص وحماة مستمر لليوم الثالث على التوالي بعد دخول الاتفاق المزعوم حيز التنفيذ , وغارات الطيران الحربي النصيري والروسي تتواصل على مناطق الثوار في كل من حماة وغيرها دون توقف .

 

 

 

وإذا ما انتقلنا إلى موضوع سياسة التهجير الممنهج التي يتبعها طاغية الشام بتدبير وتخطيط صفوي واضح وتغطية روسية ومباركة أمريكية غربية , فإن أهم ما يمكن يلفت النظر بشأنها أن وتيرتها تزداد بعد كل "اتفاق" , وأنها أضحت بعد العدوان الروسي وتدخله العسكري ضد الثوار وكأنها أمرا عاديا وليست جريمة حرب وضد الإنسانية كما يعدها القانون الدولي , ويكفي دلالة على ذلك دخول الروس فيها كوسيط وضامن تنفيذ في بعض الحالات رغم كونها قوات احتلال !!

 

 

 

لا يمكن حصر عدد الأمثلة التي تؤكد هذه الحقيقة , فقد تم تهجير الكثير من الثوار والمدنيين من مناطقهم في الآونة الأخيرة بسبب التصعيد العسكري الروسي واتباعه - والنظام النصيري - سياسة الأرض المحروقة والحصار الخانق تماما كما حصل في كل من داريا والزبداني ومضايا وقدسيا والهامة وحي الوعر ....وغيرها .

 

 

 

تكرر المشهد بعد توقيع اتفاق ما يسمى "مناطق تخفيض التصعيد" , فقد تم تهجير الدفعة الأولى من مقاتلي وأهالي الحي الدمشقي "برزة" بعد يومين فقط من دخول الاتفاق المزعوم حيز التنفيذ , وحسب مصادر سورية معارضة تم أمس الاثنين تهجير 1500 مقاتل ومدني من حي برزة باتجاه إدلب ضمن الاتفاق المبرم بين اللجنة المدنية المكلفة من الحي وضباط من الحرس الجمهوري لطاغية الشام ، وذلك بعد حصار خانق فرضه النظام النصيري على الحي .

 

 

 

وفي الوقت الذي تتم فيه عملية تهجير حي جديد من أحياء طوق العاصمة دمشق "برزة" بعد اتفاق "مناطق تخفيض التصعيد" تتجه عين النظام النصيري على حي آخر من أحياء محيط عاصمة الأمويين لتهجير ثواره وأهله عنه , ليبدو مشهد ما بعد كل اتفاق يتم توقيعه في "أستانا" وكأنه تمهيد لعملية تهجير جديد واستكمال تنفيذ سياسة التغيير الديمغرافي المتبعة .

 

 

 

فقد اكدت مصادر إعلامية ثورية سعي النظام النصيري لتهجير مقاتلي وأهل حي القابون شرق دمشق من خلال اتباع سياسة التصعيد والقصف الهستيري بشتى أنواع الأسلحة – وآخرها الخراطيم المتفجرة- ومن ثمّ تخيير الثوار وأهالي الحي بين التهجير القسري تحت غطاء "التسوية والاتفاق" أو الموت تحت وابل القصف أو الجوع جراء الحصار الخانق .

 

 

 

وضمن هذا الإطار أفاد عضو المكتب الإعلامي لحي القابون بدمشق "عدي عودة" و كذلك مسؤول العلاقات الإعلامية في "أحرار الشام" : "أن النظام النصيرري عرض على أهالي القابون اتفاقاً يتضمن تهدئة مدتها 6 أشهر ليتم بعدها تنفيذ مخطط التهجير إلى إدلب أو الغوطة الشرقية , مشيرا أن الأهالي رفضوا هذا العرض وطلبوا مؤازرات من فصائل الغوطة الشرقية .

 

 

 

البعض يرى – ومنهم العقيد الركن المنشق علي ناصيف - أن هذا اتفاق " مناطق تخفيض التصعيد" يصب في مصالح روسيا وإيران ، وما هو إلا فخ جديد للمعارضة السورية , مشيرا إلى أن تحديد مدة الاتفاق بأشهر معدودة ما هو إلا فرصة وكسب للوقت لمحاولة القضاء على الفصائل الثورية في المناطق الأخرى كريف حماة وريف اللاذقية وسهل الغاب وكذلك ريف إدلب وحلب ليكون مستعدا فيما بعد لمواجهة الثوار في المناطق التي كانت مشمولة بأكذوبة "خفض التصعيد" .

 

 

 

ويدلل العقيد على تحليله بالأماكن الأربعة التي تم اختيارها بعناية "لخفض التصعيد" وهي : "الجنوب السوري وشمال حمص وإدلب وريف دمشق" , مشيرا أن من شأن ذلك أن يوقف معركة الثوار "الموت ولا المذلة" الاستراتيجية في المنشية وسجنة بدرعا , وكذلك وقف القتال بالغوطة الشرقية للاستفراد بالقابون وجوبر وبرزة التي تعتبر بوابة دخول الثوار للعاصمة دمشق , ولا يختلف الأمر – حسب العقيد ناصيف – في ريفي حماة وإدلب , حيث ستواصل مليشيا إيران وبقايا قوات النظام النصيري الهجوم على الثوار بذريعة محاربة من تصفهم "بالتنظيمات الإرهابية" .

 

 

 

البعض الآخر يرى أن في الاتفاق خطوة استباقية من روسيا لقطع الطريق على تنفيذ فكرة الأماكن الآمنة التي تطالب بها أنقرة منذ زمن وبدأت بعض تصريحات إدارة الرئيس الأمريكي تؤيدها بشكل أو بآخر , ناهيك عن إشغال العالم بمثل هذه الاتفاقات عن إيجاد حل سياسي جذري للحرب الدائرة في سورية والمتمثل بإسقاط النظام النصيري ورموزه كما تريد وتطالب فصائل الثورة السورية وهيئتها السياسية .

 

 

 

كثيرة هي التحليلات التي تناولت هذا الاتفاق بالذات من قبل كبريات الصحف الأمريكية والغربية , إلا أن الثابت والأكيد أن استمرار قصف السوريين وتهجيرهم من أرضهم رغم التوقيع على هذا الاتفاق - وغيره من قبل – دليل جديد على أن روسيا وإيران لا يمكن أن تكون صادقة في تعهداتها ولا يمكن الوثوق بهما قيد أنملة , بل ولا يمكن النظر إليهما إلا على أنهما قوات احتلال تجب مقاومتها حتى طردهما من أرض الشام .

 

 

 

وفي غياب وجود أدنى درجات الوحدة متمثلا بالتنسيق المفترض بين فصائل الثورة السورية ضد عدونهم المشترك على أقل تقدير , ستبقى مقاومة الاحتلال الروسي الصفوي ومواجهة ما يحاك للثورة السورية من مكائد وفخاخ من الصعوبة بمكان .