إغاثة الصومال...واجب إسلامي إنساني
5 شعبان 1438
د. زياد الشامي

يزداد خطر المجاعة الذي يهدد حوالي نصف سكان الصومال حدة مع دخول فصل الصيف وارتفاع درجات الحرارة واستمرار الجفاف الذي يهدد الإنسان والحيوانات التي تعد المصدر الرئيس للكثير من العائلات الصومالية ...وهو ما يستدعي تضافر الجهود الإغاثية لإنقاذ أهل هذا البلد المسلم من خطر الموت جوعا ومرضا .

 

 

 

مظاهر المأساة بدأت منذ فترة بعد أن أعلن رئيس الوزراء الصومالي حسن محمد خيري عن موت أكثر من 100 شخص جوعا في منطقة واحدة بالصومال خلال 48 ساعة , وبعد اعتبار الرئيس الصومالي محمد عبد الله محمد فرماجو موجة الجفاف الحالية بمثابة "كارثة وطنية" , مطلقا صرخة استغاثة قبل استفحال الكارثة .

 

 

 

المحتاجون إلى المساعدات العاجلة في الصومال يقدر عددهم بحوالي 6 ملايين و200 ألف إنسان حسب هيئة الإغاثة الإنسانية التركية (İHH) ومنظمات الأمم المتحدة , ناهيك عن حاجة الكثير من هؤلاء إلى العلاج والدواء بعد تفشي الكثير من الأمراض فيهم بسبب شح المياه الصالحة للشرب حيث تم تسجيل حوالي 13 ألف إصابة بالكوليرا و343 حالة وفاة .

 

 

 

يتخوف نشطاء الإغاثة من أن تتكرر المأساة التي حدثت في الصومال جراء مجاعة عام 2011م التي تسببت بموت حوالي 260 ألف إنسان , ومن هذا المنطلق تتوالى دعوات منظمات الإغاثة الأممية للدول المانحة لتزويدها بـ 864 مليون دولار لإغاثة الصومال .

 

 

 

موقف أمريكا ودول القارة العجوز - التي ما فتأت تتمسح بالغيرة على حقوق الإنسان والتباكي على حقوق الحيوان - كان كالعادة متناقضا مع ما ترفعه من شعارات , فعلى الرغم من حجم خطر الكارثة التي تحدق بأهل الصومال , وكثرة النداءات بضرورة مبادرة الدول لتقديم الدعم اللازم والإغاثة المطلوبة التي قدرتها المنظمات الإغاثية الدولية بحوالي مليار دولار ..... إلا أنها لم تساهم بشيء يذكر مما تم جمعه من الــ 32% من المبلغ المطلوب ، حيث إن الجزء الكبير من المبلغ المجموع كان من دول الخليج و المنظمات الإنسانية التركية العاملة في هذا البلد الأفريقي الفقير كـ "الهلال الأحمر التركي" و "هيئة الإغاثة الإنسانية" .

 

 

 

ومن هنا يمكن قراءة ما قاله الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مؤخرا خلال لقاء صحفي جمعه مع نظيره الصومالي محمد عبد الله محمد : إن "جميع دول العالم" لا يعيرون أهمية للصومال؛ وأنه يواجه خطر المجاعة مجدداً، عقب موجة الجفاف الكبيرة التي حدثت عام 2011 !!!

 

 

 

الواقع بالأسماء والأرقام يؤكد أن تركيا ودول الخليج كانت في مقدمة الدول التي بادرت لإغاثة أهل الصومال , وذلك من خلال إطلاق الكثير من منظماتها الإسلامية والخيرية لحملات إغاثية عينية وغذائية وطبية وخدمية عاجلة .

 

 

 

فقد أرسلت منظمات خيرية تركية الكثير من المساعدات المتنوعة إلى الصومال، فضلاً عن تنفيذها مشاريع تنموية ؛ مثل حفر الآبار لتأمين المياه ، في إطار خططها للمساهمة في مواجهة الجفاف ونقص الأغذية .

 

 

 

من جهتها أطلقت قطر حملة "كتارا.. نُعين ونعاون الصومال"؛ لمساعدة المحتاجين، بالتعاون مع الهلال الأحمر القطري ، وبلغت قيمة المساعدات العينية والغذائية 2.3 مليون ريال قطري، ستوزع على المناطق المتضررة من الجفاف .

 

 

 

رئيس الحملة "سلمان النعيمي" قال : المساعدات العينية والغذائية شملت التمور والأسرّة والمفارش، والخيم الإغاثية، والملابس والثلاجات , و وصلت التبرعات الغذائية إلى 200 طن من التمور، و125 سريراً ومرتبة، بالإضافة إلى 37 خيمة إغاثية كبيرة، وملابس وثلاجات صغيرة .

 

 

 

"شفاء ودواء" كان عنوان الرحلة الإنسانية التي اختتمها أول أمس الفريق الطبي الكويتي إلى مدينة "هرجيسا" التي تتمتع بحكم ذاتي شمالي الصومال ، حيث أعلن الفريق تَكَفّله بإنشاء مبنى جديد من طابقين مخصص للأطفال في المستشفى العام بالعاصمة ، بالإضافة إلى تجهيزه بجميع الأجهزة والمستلزمات الطبية التي يحتاجها .

 

 

 

كما تبرع الفريق لهيئة أفريقيا للإغاثة ومجمع الكويت الخيري بمبالغ مادية لإنشاء مشاريع تنموية دائمة تساهم في حماية السكان من الأوبئة، وقام بتوزيع سلات أغذية لأكثر من عشرة آلاف شخص في مختلف القرى المنكوبة بالمجاعة، ، بحسب وكالة الأنباء الكويتية "كونا" , وتعاقد مع شركة طبية لتوريد وتجهيز غرفة للعمليات في المستشفى الدولي التابع لجمعية الرحمة العالمية الكويتية بأجهزة ومناظير خاصة بالعمليات الجراحية الدقيقة والضرورية .

 

 

 

أما حصيلة التبرعات التي جمعتها حملة "لأجلك يا صومال" التي أطلقتها الإمارات فقد وصلت حتى 21 إبريل/نيسان الجاري إلى 165 مليون درهم إماراتي حسب ما أكد الأمين العام لهيئة الهلال الأحمر الإماراتي "محمد الفلاحي" .

 

 

 

كما دشنت "مؤسسة خليفة بن زايد آل نهيان"، أكبر سد خرساني في الصومال؛ وذلك لتزويد مدينة "هرجيسا" والمناطق المجاورة بالمياه لري دوائر السقي الموجودة في المنطقة وتخزينها للاستفادة منها في موسم الجفاف بحسب وكالة أنباء الإمارات (وام) قبل أسبوعين .

 

 

 

من جهتها تتفاعل المملكة العربية السعودية بشكل إيجابي مع الأزمات الإنسانية التي تعصف ببعض الدول العربية والإسلامية وعلى رأسها : "الصومال وسورية واليمن والعراق" من خلال مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية الذي قدم المساعدات إلى 37 دولة بمبالغ تجاوزت 719 مليون دولار أمريكي ، بحسب ما صرح به "عبد الله الربيعة" المستشار بالديوان الملكي و المشرف العام على المركز .

 

 

 

رغم ما سبق ذكره من جهود عربية وإسلامية مشكورة لدعم الصومال ومد يد العون والمساعدة لأهلها لمواجهة المحنة التي تهدد حياة الملايين من أهلها ...إلا أنها لا تكفي لتجاوز الخطر الذي يتهدد سكان هذا البلد المسلم , وهو ما يستدعي المزيد من البذل والعطاء الذي هو في الحقيقة واجب إسلامي وإنساني في آن واحد .