مأساة جديدة تعصف باللاجئين السوريين
26 رجب 1438
خالد مصطفى

مأساة جديدة تضاف لمئات المآسي التي يتعرض لها اللاجئون السوريون خلال السنوات الماضية بعد اندلاع الثورة الشعبية ضد بشار الأسد والرد عليها بالرصاص والاعتقالات والتعذيب من قبل النظام...

 

مئات بل قل آلاف المآسي التي عانى منها النازحون السوريون داخل بلادهم وخارجها, في البلاد العربية أو في البلاد الغربية, من رفض وإهمال ونقص للغذاء والشراب والدواء, والمعيشة في مخيمات لا تقيهم من حر الصيف ولا برد الشتاء..أطفال بملابس خفيفة ووجوه شاحبة بلا مدارس ولا رعاية صحية, ونساء يعانين من القهر وقلة الحيلة, وشيوخ كانوا يطمحون في حياة هادئة قبل مغادرتهم للحياة وجدوا أنفسهم في العراء..

 

هذه حالة اللاجئين السورين التي لا تخفى على أحد منذ سنوات عدة ومع ذلك وجد بعض هؤلاء أنفسهم في محنة جديدة وللأسف بسبب بلدان عربية مسلمة كانت هي الأولى برعايتهم والحفاظ على كرامتهم؛ فقد طردت الجزائر العشرات من اللاجئين السوريين إلى الحدود المغربية دون تنسيق مع السلطات المغربية فما كان من هؤلاء اللاجئين إلا أن افترشوا الصحراء في درجة حرارة عالية ودون سقف يحميهم أو طعام يسد رمقهم أو شربة ماء تروي ظمأهم...

 

فقد ذكرت مصادر إعلامية أن اللاجئين وبينهم أطفال وشيوخ دخلوا التراب المغربي على مرحلتين خلال الأيام السابقة عبر المنطقة الحدودية “تاغلا”، حيث تم نقلهم بشاحنات الجيش الجزائري وتم تركهم بالقرب من الحدود المغربية...وكشف ناشطون، نقلا عن بعض اللاجئين أن هناك اعداد أخرى محاصرة قرب الحدود دون أية مساعدة من السلطات الجزائرية التي تكتفي بنقلهم للحدود المغربية وتتركهم لمصيرهم...وتداول الناشطون، عبر موقع “تويتر”، مقطع فيديو يظهر مجموعة من اللاجئين السوريين في منطقة جبلية وبجوارهم سيارة يبدو أنها تابعة للجيش أو الشرطة...كما أظهر الفيديو عائلات اللاجئين وهم يحملون حقائبهم لحظة وصولهم للأراضي المغربية، وسط بكاء وصراخ النساء وكبار السن...وقد منعت السلطات المغربية اللاجئين السوريين القادمين من الجزائر من دخول أراضيها...

 

وقال أحد الناشطين: لقد علق 41 لاجئا سوريا على الحدود المغربية الجزائرية منذ عدة أيام...وأضاف الناشط أن هؤلاء اللاجئين يوجدون بعيدا عن مدينة فكيك المركز في الجنوب الشرقي بـ3 كيلومترات، وأشار إلى وجود مجموعة ثانية مكونة من 18 لاجئا، فضل أربعة منهم العودة إلى الجزائر، كما أن مجموعة ثالثة مكونة من 14 شخصا عادت قبل يومين إلى الجزائر...وفي تصريح لأحد السكان قال متحسرا “لم أر في حياتي مأساة كالتي رأيتها اليوم. سوريون أغلبهم أطفال صغار ونساء من بينهن حامل وبضعة رجال في العراء، يفترشون الأرض وتحاصرهم كل الأجهزة الأمنية والعسكرية، لا لسبب إلا لدواعي أمنية دون مراعاة أبسط شروط الإنسانية"…

 

 

من جهتها برأت السلطات المغربية نفسها من المسؤولية وأعربت عن أسفها للوضعية المزرية للمهاجرين السوريين بالتراب الجزائري، والظروف القاسية التي يمرون بها بالجانب الآخر للحدود المغربية، وعن شجبها للتصرفات اللاإنسانية للسلطات الجزائرية تجاه هؤلاء المهاجرين...وذكر بيان لوزارة الداخلية، أن "السلطات المغربية تعرب عن أسفها للوضعية المزرية لهؤلاء المهاجرين والظروف القاسية التي يمرون بها بالجانب الآخر للحدود المغربية، وشجبها للتصرفات اللاإنسانية للسلطات الجزائرية تجاه هؤلاء المهاجرين، لاسيما وأن الأمر يتعلق بنساء وأطفال في وضعية بالغة الهشاشة"...وأضاف البيان أن السلطات المغربية سجلت ، مؤخرا، محاصرة السلطات الجزائرية ل55 من المواطنين السوريين بالتراب الجزائري على مستوى الحدود المغربية-الجزائرية القريبة من مدينة فجيج، بعدما سمح لهم بالوصول إلى هذه المنطقة الحدودية عبر التراب الجزائري على شكل أفواج منذ ليلة 17 أبريل 2017...

 

وأشار المصدر نفسه إلى أن " السلطات المغربية تعبر عن استغرابها لعدم مراعاة السلطات الجزائرية لأوضاع هؤلاء المهاجرين ودفعهم قسرا نحو التراب المغربي، وذلك في تصرفات منافية لقواعد حسن الجوار التي ما فتئت تدعو إليها المملكة المغربية", على حد قول البيان...وأكدت الوزارة أن "بلوغ هؤلاء المهاجرين لهذه المنطقة الحدودية رغم وعورة تضاريس المسالك المؤدية إليها عبر التراب الجزائري ورغم إكراهات الظروف المناخية الصعبة ما كان ليتم دون تلقيهم لمساعدة ودعم من قبل السلطات الجزائرية"...

 

المغرب أخلت مسؤوليتها ولكنها لم توضح لماذا يترك هؤلاء حتى هذه اللحظة في العراء دون أن تقدم لهم المساعدات اللازمة ويسمح لهم بالدخول إلى المغرب..اللاجئون السوريون يدفعون ثمن الخلاف بن الجارتين الجزائر والمغرب ولكن أبسط القواعد الإنسانية تحتم وضع الخلافات جانبا من أجل إنقاذ الأطفال والنساء من الموت في الصحراء فهم لم يختاروا الرحيل من بلادهم وليس لهم ذنب في هذه الخلافات السياسية..الجزائر لم توضح حقيقة موقفها من الأزمة الحالية, ولكن تهنئة رئيسها للسفاح القابع في دمشق تحت حماية الروس والإيرانيين, تكشف عن موقف رسمي غير محمود  من الأوضاع في سوريا قد يدفع ثمنه الأبرياء.