22 رجب 1438

السؤال

أحد إخوتي عاق لوالدتي بفظاظة، وتأذت منه الوالدة سنين طويلة، ووالدنا متوفى، فقام أحد إخوتي الكبار بقتله غيلة على فراشه، فحزنت الوالدة جداً، ونحن في بلد شبه منفلت أمنياً، والأخ القاتل نادم على فعلته، ويسأل: ما الذي يجب عليه الآن؟ علماً أن المقتول ليس له أولاد؟

 

أجاب عنها:
عبد الرحمن البراك

الجواب

 الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: 
فبئسما فعل الأخ الكبير من قتله لأخيه من أجل عقوقه لأمه، وإن هذا الكبير قد عقَّ أمه أعظم من عقوق المقتول لأمه، والواجب على القاتل التوبة النصوح، فإن ما فعله من أكبر الكبائر؛ فإنه قتلٌ لمسلم معصوم عمداً وعدواناً، قال تعالى: (وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا)، فكيف إذا كان المقتول أخًا؟ فإن القتل حينئذ يكون قطيعةً للرحم، قال تعالى: (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ)، وبهذا يكون القاتل ارتكب كبيرتين، بل ثلاثا: قَتْلَ معصومٍ، وقطيعةَ رحمٍ، وعقوقاً لوالديه، ولكن مع هذا فباب التوبة مفتوح؛ فمن تاب توبةً نصوحاً تاب الله عليه، فعلى هذا القاتل أن يتوب إلى الله توبة صادقة، وأن يدعو لأخيه المقتول، وعليه أن يسلم نفسه لأولياء الدم، وهم إخوة المقتول؛ فإنهم يستحقون عليه القصاص، وإذا عفوا عنه أو بعضهم سقط القصاص، وننصح والدة القاتل والمقتول بالعفو عنهما: المقتول مضى لربه، والقاتل قد شعر بعظم ذنبه، فالظاهر أنه تائب، حسبما ورد في السؤال، وعلى القاتل أن يجتهد في برِّ أمه، وليس عليه كفارة؛ لأنه قَتْل عمد، والكفارة لا تنفع في قتل العمد، وإنما في قتل الخطأ؛ لأن قتل العمد عظيم؛ فنعود فنقول: الواجب على القاتل: 
1ـ تسليم نفسه لإخوانه. 
2ـ صدق التوبة. 
3ـ الاجتهاد في برِّ أمه. 
4ـ الدعاء لأخيه المقتول.
والله أعلم. وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم. 
أملاه عبد الرحمن بن ناصر البراك في 16 رجب 1438هـ.