أثر النشاط الدعوي في إقبال الناس على الإسلام
10 رجب 1438
د. زياد الشامي

الإسلام دين الله الحق بلا ريب , وهو خاتم الأديان وناسخ الرسالات الذي لا يقبل الله تعالى من الناس دينا سواه , قال تعالى : { وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإسلام دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ } آل عمران/85 , وقال تعالى : { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسلام دِيناً } المائدة/3 .

 

 

 

وعلى الرغم من كيد أعداء الإسلام له بالليل والنهار , ومحاولاتهم المستمرة منذ عهد النبوة وحتى الآن تشويه صورته في أعين الناس , و تغييب فضائله عن بصيرتهم وأبصارهم , والعمل على الطعن بأحكامه والغمز واللمز بشرائعه والتشويش على حقائقه.....إلا أن ذلك لم يحل دون اختراق الإسلام لكل هذه المعوقات , وانتشاره في عقر ديار أعدائه , و وصول نوره و هداه إلى مشارق الأرض ومغاربها .

 

 

 

والحقيقة أن كلمة السر في ذلك الانتشار والاختراق تعود بالدرجة الأولى لنفاسة جوهر الإسلام وعظمة مضمونه وقوة تأثير الحق الذي أودعه فيه سبحانه وتعالى , ومن ثَمَّ لجهود العلماء والدعاة إلى الله في نشر تعاليمه ودعوة العالمين إليه .

 

 

 

ولعل أكثر من عمل في حقل الدعوة إلى الله تعالى أكد في غير مناسبة أن إقبال الناس على دين الله ودخولهم فيه أفواجا لا يحتاج أكثر من إظهار محاسنه و تعريف الخلق  بحقائقه و تنقيته مما علق به من بدع وخرافات ومنكرات وشبهات , فالجواهر المكنونة التي علقت عليها بعض الأتربة وشيء من الغبار لا تحتاج إلى أكثر من إزالة الأتربة ونفض الغبارعنها ليظهر لمعانها وتلألؤها .

 

 

 

لا يمكن حصر الثمار الطيبة التي جنتها الأنشطة الدعوية التي قام بها الكثير من العلماء والدعاة في كثير من بلاد قارات العالم في هذا المقال , فالحصاد عظيم في الماضي وثمين في الوقت الراهن ومبشر بالمزيد في قابل الأيام إن تم تكثيف العمل الدعوي ودعمه وتطويره ليواكب متطلبات الحياة المعاصرة .

 

 

 

آخر ما طالعتنا به وسائل الإعلام من أخبار ثمار العمل الدعوي هو دخول ما يزيد عن 300 شخص في دين الله الحق في في كل من دولة غانا وتوجو , وذلك نتيجة بعض الزيارات الدعوية لبعض القرى والبلدات هناك .

 

 

 

إحدى تلك الزيارات كانت في الـ 29 من شهر مارس الماضي , حيث قام وفد من علماء جمعية الفرقان الخيرية بزيارة قرية "جاجوج" شمال غانا ، والتي يبلغ عدد سكانها 1400 نسمة , والتي لم يكن فيها من المسلمين سوى 7 أشخاص فقط , ليخرج الوفد من القرية بعد حديثه عن سماحة الإسلام وقد أسلم 37 رجلا وامرأة تجاوزت أعمار بعضهم الـ 70 كما يقول الشيخ "عادل الشعراوي" .

 

 

 

أما حصاد الزيارة الثانية فكان أعظم , فقد أكد "الشعراوي" أن زيارتهم لقرية "ناجوني" في دولة "توجو" على حدود غانا، والتي يبلغ عدد سكانها 2000 ، قد أسفرت عن إسلام 300 رجل وامرأة .

 

 

 

لم يقتصر النشاط الدعوي الإسلامي على دول القارة الإفريقية فحسب , بل شمل أيضا دولا في الشمال الغربي لقارة أميركا الجنوبية على المحيط الهادي , حيث يترقب مسلمو "الاكوادور" والدول المجاورة لها انطلاق الدورة العلمية الشرعية الثالثة للناطقين باللغة الإسبانية بالعاصمة كيتو في الــ 15-16 من أبريل الجاري .

 

 

 

الدورة العلمية سيتم انعقادها  في مسجد خالد بن الوليد الذي تأسس عام 1991م بالعاصمة كيتو ؛ و من المتوقع أن يشارك في هذه الدورة ما يقرب من 100 مسلم ومسلمة من دولة الإكوادور والدول المجاورة لها كالبيرو وكولومبيا .

 

 

 

قد يكون عدد المشاركين في الدورة العلمية قليل و محدود , فمئة مشارك فقط في بلد يبلغ تعداد سكانه حسب آخر إحصائية صدرت لتعداد السكان في إبريل من العام الماضي أكثر من 16 مليون نسمة فعلا قليل , إلا أن تعليم هذا العدد الإسلام الصحيح كفيل بانتشار الإسلام في عقر ديار الأغلبية الكاثوليكية هناك .

 

 

لا توجد إحصائيات دقيقة لعدد المسلمين في الإكوادور , فبينما تشير بعض الإحصائيات بأنهم لا يتجاوزن بضعة آلاف , تقول مصادر أخرى بأنهم أكثر من ذلك بكثير , إلا ما يلفت الانتباه هو ذلك النشاط الدعوي اللافت في تلك البقعة البعيدة على سواحل المحيط الهادي , الذي يقوم به الدعاة في كل من مسجد خالد بن الوليد , والمركز الاسلامي الاكوادوري الذي تم تأسيسه عام 1994م على يد د. "يحيى خوان سوكيلي" ، وزوجته د. "ليلى دسوم" الذي تولى رئاسة المركز و تم إدراج اسمه في قائمة "أكثر 500 مسلم مؤثِّر في العالم" لعام 2009م .

 

 

 

يكفي أن نذكر أن صحيفة الجارديان البريطانية قد تناولت ذلك النشاط الدعوي في الاكوادور , من خلال مقال نشر في أواسط عام 2015م للكاتبة سامية عبد الرحمن - وقام بترجمته جمال خطاب في مجلة المجتمع الكويتية -  ذكرت فيه لقاءها بمجموعة من النساء الشابات المسلمات المحجبات يتحدثن بحماس عن انتظار الدرس الإسلامي الأسبوعي في المركز الإسلامي هناك , معبرة عن دهشتها من ذلك المشهد الذي مألوفا في القاهرة أو أندونيسا أو حتى لندن أو نيويورك , إلا أنه لا يبدو كذلك في قلب الأغلبية الكاثوليكية لأمريكا الجنوبية حسب وصفها , لتقوم بعد ذلك بعرض نماذج من كيفية دخول بعض تلك الفتيات في دين الله الإسلام .

 

 

 

إن أحد أعظم أسرار اكتساح الإسلام لقارات العالم وانتشاره في أقاصي الدنيا هو أن الدعوة إليه وترغيب الناس في الإقبال عليه ليس من فضائله فحسب , بل هو فرض كفائي على الأمة بشكل عام , و واجب على كل مسلم بحسب استطاعته وقدر علمه عملا بقوله صلى الله عليه وسلم : ( بللغوا عني ولو آية ) .

 

 

 

ولعل المقام لا يتسع لذكر أمثلة الدعاة الذين أظهر الله تعالى ثمار أعمالهم الدعوية في مختلف قارات العالم في حياتهم وبعد وفاتهم , وأبرزهم الشيخ عبد الرحمن السميط رحمه الله تعالى .