مجازر الموصل واستئصال السنة
4 رجب 1438
تقرير إخباري ـ خالد مصطفى

ما يجري لأهل مدينة الموصل العراقية ذات الأغلبية السنية من مجازر متتابعة على أيدي قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة وعلى أيدي مليشيات الحشد الشيعي التابع للجيش العراقي لا يمكن فصله عن الحرب الدائرة ضد أهل السنة في المنطقة والتي تقودها إيران ومليشياتها..

 

الجديد أن الحرب انضمت إليها قوى دولية أصبحت ترى أن أهل السنة يمثلون خطرا على مخططاتها وأن عليهم استئصالهم تحت ذريعة "دعم الإرهاب" من أجل إفساح الطريق أمام التحالف الصليبي ـ الرافضي الذي يسعى لتقاسم النفوذ في المنطقة..منذ دخول القوات الأمريكية إلى العراق عقب الإطاحة بنظام صدام حسين تم التركيز على أهل السنة ووصمهم "بالإرهاب" بدعوى أنهم كانوا حلفاء لصدام حسين, وتم تهميشهم سياسيا لصالح الشيعة الذين تعاونوا مع الاحتلال الأمريكي فكانت جائزتهم الوصول للحكم وتكوين مليشيات طائفية تمارس القتل والتهجير ضد أهل السنة وتعزلهم في مناطق محدودة والترويج بأنهم أقلية...

 

 

الاحتلال الأمريكي نفذ مجازر مماثلة ضد أهل السنة في الفلوجة وقصفهم بالأسلحة المحظورة دوليا تحت نفس الذرائع التي تقال الآن في الموصل...الغريب أن المجتمع الدولي لا يرى خطرا في المليشيات الشيعية التابعة لإيران رغم أنه يؤكد أن طهران تمارس الإرهاب فلماذا يترك مليشياتها تعيث فسادا في المنطقة؟! بل يتعاون معها في العراق ويشاركها في قتل المدنيين بالموصل...تقول صحيفة تايمز البريطانية: المدنيون هم الذين يدفعون أرواحهم ثمنا لنصر سريع في غرب الموصل، وأشارت إلى أن الخسائر الفادحة في الأرواح بسبب الغارات الجوية والقصف المدفعي الثقيل ترعب المدنيين بقدر ما يرتكبه تنظيم الدولة من عنف...

 

 

وانتقدت الصحيفة بعثة الأمم المتحدة في العراق وإحصاءات الخسائر المدنية التي تنشرها، وأدانت موقفها السلبي من سلوك قوات الأمن العراقية أو قوات التحالف في حملتهم...وختمت الصحيفة بأن الهدف الرئيسي للمهمة العسكرية في غرب الموصل يجب أن يكون إنقاذ المدنيين، وأنه إذا كان ثانويا -كما يبدو الحال الآن- الهدف تدمير التنظيم في أسرع وقت ممكن فإن النتيجة قد تحول دون أي مصالحة ممكنة بين الغالبية السنية بالمدينة الذين هم بالفعل أصبحوا الضحايا الرئيسيين للتنظيم والحكومة التي تهيمن عليها الشيعة. وقد يظن الجيش أنه دائما على حق، ولكن يجب أن نتذكر من الذي فر من الموصل قبل ثلاث سنوات تاركا المدنيين هناك تحت رحمة التنظيم....

 

التحالف الأمريكي من جهته لم ينف مسؤوليته عن المجازر فقد رجح قائد قوات التحالف الدولي الفريق ستيف تاونسند أن يكون للتحالف دور في مقتل مئات المدنيين بالموصل جراء غارة جوية في السابع عشر من الشهر الجاري، كما لم يستبعد رئيس أركان الجيش الأميركي الجنرال مارك ميلي مسؤولية التحالف، وقال تاونسند في إفادة صحفية إن "تقييمي الأولي هو أنه ربما كان لنا دور في هذه الخسائر البشرية. الآن هذا ما لا أعلمه. ما لا أعلمه هو هل جمعهم العدو هناك؟ لا نزال نحتاج إلى إجراء بعض التقييمات", على حد قوله..

 

من جهتها اتهمت منظمة العفو الدولية التحالف الدولي بارتكاب "انتهاك صارخ للقانون الدولي" في الموصل لعدم اتخاذه الاحتياطات الكافية لحماية المدنيين، مشيرة إلى مقتل مئات المدنيين في الموصل بعدما أمرتهم السلطات العراقية بالتزام منازلهم رغم الغارات الجوية للتحالف...الحكومة العراقية كما كانت تتستر على جرائم الحشد الشيعي أرادت أيضا التستر على جرائم التحالف فقد منعت مسؤول محلية من دخول غرب الموصل بسبب كشفها للمجازر وإفصاحها عن الأرقام الحقيقية للضحايا..

 

وحتى اللحظة لا يعرف كيف سيجري التحقيق في المجازر؟ ومن هي الجهة التي ستتولاه وكيف ستقوم به؟ وما هي الضمانات لإجراء تحقيق شفاف؟ إلا أنه من الواضح أن هناك محاولات للإفلات من المسؤولية والادعاء بأن تنظيم داعش هو المتسبب وحده في المجازر وبالتالي ستتواصل المعارك وسيتواصل سقوط المدنيين دون رادع أو عقاب.