ما الذي يُقلق دولة ألمانيا؟ وما هي العملية التي ستسبق مرحلة الاستفتاء؟
7 جمادى الثانية 1438
إبراهيم كاراغل

شعرت ألمانيا بضيق شديد نتيجة زيارة رئيس الجمهورية أردوغان لأوروبا ولقائه مع مواطنيه. ولو أنها لم تجرؤ بالتعبير عن ذلك شفويًا، و لم تستطع منع ذلك، لكنها أشعرتنا بضيقها.

 

 

أيضًا عندما ذهب بن علي يلدرم إلى اجتماع الصالة المغلقة، فبذلوا أقصى جهدهم لعرقلة هذا الاجتماع عن طريق التحجج بألف حجة. وحينما شاهدت اجتماع الصالة المغلقة في دوسلدورف واستمعت للجنة التنسيقية حول العوائق التي واجهتها. أكّدوا إلي بظهور عوائق لا أحد يستطيع توقعها. لقد أدهشني كلامهم.

 

 

والآن قاموا بمنع برنامج وزير العدل بوزداغ ووزير الاقتصاد زيبكجي. تُرى هل الاستفتاء يثير قلق ألمانيا ؟ وما الذي يخيف دولة ألمانيا في تصويت مواطنينا هناك؟ تُرى ماذا يكمن في هذا الخوف؟

 

 

عدوّة لتركيا، وحليفة لتنظيمي البي كا كا ومنظمة غولن الإرهابية

لكنها تدعم سرًّا برامج البث المباشر لتنظيم البي كا كا ولكافة نشاطات البي كا كا واجتماعاتها. كما أنها تُوسّع مجالهم. تحضن المتهمين في مجزرة 15 يوليو/تموز، ولجنة منظمة غولن الإرهابية الانقلابية، وتضعهم تحت حمايتها. تتبنّى وترعى كافة المتّهمون الملاحقون بتهمة تنفيذ المجازر والعمليات الإرهابية. وتقف مع كل من يعارض تركيا وتحتضنه ، وتستعمله كأداة ضد تركيا.

 

 

إن هذا الموقف المخجل الذي صدر من ألمانيا بمنعها للبرنامج ليس بردة فعل بسيطة. وليس بموقف صادر من إدارة إحدى البلديات. بل إنها ردة فعل مركزية. وهذا ما يُثبت وجود حساب كبير بين ألمانيا وتركيا. ويُثبت دعم ألمانيا لكل عنصر معارض لتركيا في شتى المجالات.

 

 

الحساب السياسي العميق، والتحالف الثابت

هذا الموقف ليس محدود بالاستفتاء أو بالمبررات السياسية الداخلية. وليس بحادث يمكن نقاشه عن طريق إعطاء أمثلة مستقلة عن بعضها. بل هذا الموقف هو أثر لسياسة عميقة جدًا. هذا موقف يعكس سياسة عميقة دولية متكاملة هادفة إلى خرق السياسة الداخلية التركية، وإيقاف مسيرتها العظيمة. كما أنها متربطة بمخططات الخرائط الجديدة الخاصة بالمنطقة.

 

 

نفس الموقف ونفس الأسلوب نفس السياسة نواجهها في كل تطور يخص بلدنا ووحدتنا واستقلاليتنا. ولا شك أن دعم ألمانيا للإرهاب، وتبنّي جيش الولايات المتحدة الأمريكية لتنظيمي البي كا كا والبي يي دي هو جزء من هذا الحساب.

 

 

لاحظوا أن كافة التدخلات التي جرت خلال السنوات الأربعة الأخيرات بهدف توليد الفوضى في بلدنا تحتوي على نفس ردة الفعل. نفس التحالفات نجدها أمامنا في كافة مقاوماتنا الهادفة إلى القضاء على الخطورات. وفي كل حدث تجدون هذه الدول متضامنة مع كافة مراكز المعارضة الداخلية والقيادة القديمة.

 

 

إيقاف أردوغان، وإركاع البلد

هناك جبهة تبذل أقصى جهدها جزء منها بالداخل يحاول إيقاف أردوغان وحزب العدالة والتنمية والجزء الآخر منها في الخارج يحاول إيقاف مسيرة دولة تركيا.

 

 

هذه هي الجبهة المشتركة التي حاولت إسقاط الحكومة عن طريق الإرهاب خلال أحداث غازي. لدرجة أن المجموعات الإرهابية التي اندلعت إلى الشوارع كانت تدار من قبل الاستخبارات الألمانية. حاولوا السيطرة على أنقرة ومداهمة الرئاسة وإطلاق الحروب الداخلية في هذا البلد.

 

 

وفي 17-25 ديسمبر/كانون الأول شهدنا نفس التضامن في تلك الجبهة المشتركة. لقد دعموا المحاولة الإنقلابية في الداخل عن طريق الإعلام الخارجية، والصحف الأوربية طافت بعناوين ومواضيع معارضة أردوغان وعداوة تركيا. حملاتهم الإعلامية كانت من أقبح ما يمكن من كتابات، وكاريكاتيرات... ولقد تمت إدارة هذا الإعلام من قبل السلطات المركزية.

 

 

وواجهنا تحالفًا دوليًا في عملية 15 يوليو/تموز. لقد وقفوا وراء المخطط الانقلابي ومخطط الحرب الداخلية الذي تم تسويقه من قبل منظمة غولن الإرهابية. كانوا واثقين بنجاح العملية لدرجة أنهم اندهشوا بفشلها. ولا أحد منهم وقف وساند الديمقراطية وإرادة الشعب. وحتى أنهم لم يستطيعوا إلقاء ولو تصريحًا واحدًا منذ 16 يوليو/تموز. لأن النتيجة كانت ليست مرغوبة بالنسبة إليهم. وكان لا يوجد لديهم أي تصريح مخطط لهذه النتيجة. طيلة أيام، لم يجدوا أي جملة يستطيعوا يتفوهوا بها.

 

 

والآن أطلقوا العمليات بحجة الاستفتاء

اليوم ينفذون العمليات لاستهداف مرحلة الاستفتاء. وهذه العمليات مثلها مثل أحداث غازي، وعملية 17-25 ديسمبر/كانون الأول، والمحاولة الانقلابية في 15 يوليو/تموز، فهي تدار من نفس المركز. لأن الجبهة تحتوي على نفس القوات. وهذه الجبهة هي جبهة تُدار من قبل دول، وتستعمل المجموعات الإرهابية، وتحرّض الفئات السياسية المعينة.

 

 

والعلاقة الثنائية بين الموقف الخارجي والجبهة الداخلية المدمرة هي علاقة تلفت انتباهنا. وهذا التحالف يشكل مركز حملة "لا". ولو أن هذه الحالة هي حالة سياسية وحق ديمقراطي ، لكن التضامن الذي نشهده بين من سيصوت بـ "نعم" ومن بين من سيصوت بـ "لا" ، يمدّنا بمعلومات مدهشة.

 

 

أصحاب صوت "لا" ينتظرون عملية جديدة

في حين وجود طرف يضع دولة تركيا في أولوياته، وينظر إلى كافة المواقف بنظرة وطنية، ويبذل كافة التضحيات ليوصل بلده إلى الهدف النهائي، ويضع كافة الخلافات إلى جنب ليركّز على مستقبل وطنه، نجد هناك طرفًا آخًرا متضامنًا وهو طرف صوت "لا"، ولا شك أن هذا التضامن يلمّح إلينا بوادر لمشهد خطير.

 

 

إن اجتماع هؤلاء في نفس النقطة، وكون هؤلاء ليسوا من المحيط السياسي فقط، بل بينهم المجموعات الإرهابية، وكل من يحاول إيقاف دولة تركيا من الخارج، بهدف تشتيت أهمية الاستفتاء، ولفت النظر إلى طرق وأساليب أخرى بسبب يأسهم من صدور نتيجة "لا"، هو حقًا شيء مثير للقلق.

 

 

هؤلاء على علم تام بأن تركيا ستتحول إلى قوة غير عادية

هناك تضامن دولي هادف إلى تشويه صوت "نعم" وإلى منع الانتقال إلى النظام الرئاسي. ويدار هذا التضامن من الخارج وليس من الداخل. هذا المحيط الذي لم يتردد بالتدخل المباشر على الاستفتاء، لأنه متأكدٌ تمامًا بضيق مجال تدخله بدولة تركيا بعد انتقالها إلى النظام الرئاسي.

 

 

فهؤلاء على علم تام بأن خياراتهم الهادفة لإيقاف تركيا ستنخفض نسبتها ، وهدف السيطرة على هذا البلد سيتحول بالنسبة إليهم إلى خيال، وأن هذه الدولة التي نجحت بنسبة كبيرة في التغيير الجذري للنظام الداخلي ستتحول إلى قوة غير عادية، وستزداد آلية قراراتها بسرعة فائقة.

 

 

ويعلمون جيدًا بأن هذه الدولة ستحتل مكانًا أقوى بكثير في طاولة المفاوضات. وسيكون لها كلمة أقوى في علاقاتها مع الدول الأوربية وفي شراكاتها مع أمريكا، وفي العمليات الأمنية في شمال سوريا وصولًا إلى كافة المفاوضات مع روسيا والقوات المركزية العالمية الأخرى.

 

 

نفس الجبهة، تم تشكيلها قبل الاستفتاء

إن عملية محاولتهم لإضعاف يد تركيا في وقت يسير العالم فيه إلى ظروف قاسية، وفي وقت تجهز فيه كافة الدول نفسها إلى هذه الظروف، هي أكبر عملية موجهة ضد تركيا. لقد تعرضنا إلى نفس العمليات قبل الحرب العالمية الأولى.

 

 

لكن في تلك الفترة كانت دولتنا في مرحلة الانحدار. لذلك حتمًا اليوم وفي هذه الظروف لن ينجحوا. نحن دولة شهدنا لعمليات كثيرة مشابهة لعملية 15 يوليو/تموز. لذلك من المستحيل أن نكون مغفلين لا نستطيع أن تخمّن ونرى تشكّل وتضامن نفس الجبهة المعادية من جديد قبل مرحلة الاستفتاء.

 

 

بقي لديهم وقت قليل، لذلك سيقوموا بمحاولة أي شيء

 

 

شهر ونصف فقط لاجتياز العتبة الحرجة. لذلك فقد نشهد خلال هذه الفترة لتدخلات صاعقة، وأعمال تخريبية، وعمليات مستّرة. وفي ظل هذه الظروف التي تحاول فيها أمريكا إيقاف تركيا في منبج، وألمانيا التي لا تستطيع أن تتحمّل حتى لمجرد خطاب، يشير لنا ولكم بأن العملية الجديدة ستستهدف مرحلة الاستفتاء.

 

 

نحن نثق بأن تركيا قادرة على الخطو بخطوات واسعة، ولن تتمكن أي جبهة أو قوة بإيقافها. لكن مع ذلك علينا أن نكون حذرين وصاحين، ودين في أعناقنا أن نتنبّأ بكافة العمليات المحتملة!

 

 

المصدر/ يني شفق