ما وراء طلب إيران الحوار مع الخليج ؟!
24 جمادى الأول 1438
د. زياد الشامي

تصريحات كثيرة من أعلى مستويات الدبلوماسية الإيرانية تزعم فيه أنها تريد إجراء حوار مع دول الخليج وعلى رأسها المملكة العربية السعودية , بدأها الرئيس الإيراني "حسن روحاني" بزيارته لكل من الكويت وسلطنة عمان , والتي وصفها المحللون بأنها طلب لوساطة عواصم تلك الدول لإقناع السعودية وبقية دول الخليج بالقبول بفتح حوار جديد مع طهران .

 

 

 

روحاني حاول قبيل مغادرته طهران إلى الكويت وسلطنة عُمان الترويج لحكومته بأنها حمامة سلام وتراعي حسن الجوار من خلال زعمه بأن : أساس السياسة الخارجية الإيرانية قائمة على حسن الجوار مع الجيران والحفاظ على أمن الخليج , مشيرا إلى أن التخويف من إيران والتخويف من "الشيعة" والتخويف من "السنة" والتخويف من الجار "أمور مصطنعة من قبل الأجانب" حسب وصفه !!

 

 

 

أما رئيس مجلس الشورى الإيراني علي لاريجاني فقد رحب بالحوار المباشر مع الدول العربية وعلى رأسها السعودية "دون شروط مسبقة" , وذلك في حديث له مع قناة "الميادين" الموالية لخامنئي .

 

 

 

وآخر تلك التصريحات كانت على لسان وزير الخارجية الإيراني "محمد جواد ظريف" امس الأحد في مؤتمر ميونيخ للأمن والذي أعرب عن تطلع بلاده إلى تحسين علاقاتها مع دول الخليج .... وهو ما يدفع للتساؤل عن الأسباب الجوهرية خلف تلك الدعوات التي لا أظن أنها تخفى على أي متابع لما يجري في المنطقة .

 

 

 

ظريف زعم أن تركيز بلاده منصب على دول الخليج فيما يخص الحوار الإقليمي , قائلا : لدينا ما يكفي من المشاكل في هذه المنطقة ؛ لذا نريد بدء حوار مع دول نعتبرها أخوة في الإسلام" !!!

 

 

 

وبينما انتقد ظريف خلال كلمته الفكر "التكفيري" - وهي كلمه عادة ما تستخدمها إيران للإشارة إلى الجماعات الإسلامية "السنية" المسلحة – لم يشر من قريب أو بعيد إلى المليشيات الصفوية التي تعيث في الدول "الإسلامية" فسادا , وتقتل الأبرياء على الهوية لمجرد أنهم على غير عقيدة الرافضة الاثني عشرية ؟!!

 

 

 

لا يمكن لعاقل أن يصدق أن إيران تسعى جديا لتحسين علاقتها بدول الخليج كما تقول , كما لا يمكن لخبير بسياسة ملالي قم وعليم بحقيقة عدائهم الشديد للدول السنية الذي أعلنوه على الملأ مئات المرات مؤخرا ....أن تمر عليه مثل هذه الألاعيب عبر تلك التصريحات الدعائية التي يتقنها ساسة طهران جيدا .

 

 

كل ما في الأمر أن إيران تسعى من خلال هذه الدعوات للخروج من عنق الزجاجة كما يقال , وتحاول التقليل من حجم الخسائر التي ستمنى بها إن استمرت بسياستها العدائية في المنطقة , وخصوصا بعد اقتراب هزيمة أزلامها وأتباعها الحوثيين في اليمن , بعد الضربات الموجعة التي تلقتها مؤخرا على يد الجيش الوطني والمقاومة الشعبية المدعومين من قوات التحالف العربي الذي تقوده السعودية , بالإضافة لتقلص آمالها في تحقيق أطماعها التوسعية في سورية بعد تدخل الدب الروسي واستئثاره بحصة الأسد من الكعكة هناك إن صح التعبير .

 

 

 

إن تغيير إيران لسلوكها في المنطقة , من خلال تخليها عن أطماعها التوسعية وأحلامها الامبراطورية على حساب دول الجوار ومن تزعم أنها تعتبرهم "إخوة في الإسلام" هو وحده الكفيل بإمكانية تصديقها والقبول بفتح حوار جدي معها , أما تلك التصريحات الدبلوماسية الفارغة التي اعتادت إيران على إطلاقها دون تغيير شيء من سياستها على أرض الواقع ....فلا قيمة لها .  

 

 

 

هذا بالتحديد ما أكده وزير الخارجية السعودي عادل الجبير أمس الأحد في كلمة له بختام المؤتمر الـ53 للأمن في ميونيخ الألمانية حيث قال : "ما لم تغير إيران سلوكها ونظرتها المستقبلية ومبادئها التي تقوم عليها، فمن الصعوبة التعامل معها" , مضيفا : "إيران تتحدث دائماً عن بدء صفحة جديدة، ولكننا لا نستطيع تجاهل الحاضر، كيف يمكن أن نتعامل مع دولة تسعى إلى تدميرنا".

 

 

 

وفي رده على سؤال إن كان هناك أمل في التعاون مع إيران لحل أزمات المنطقة، خاصة بعد زيارة الرئيس الإيراني، حسن روحاني، للكويت، الأربعاء الماضي، قال الجبير: "نريد أفعالاً وليس أقوالاً، هم يرسلون السلاح والصواريخ الباليستية للحوثيين، ويرسلون مليشيات شيعية لدعم بشار الأسد في سوريا، هذه أفعال، والأفعال صداها أكبر من الأقوال".

 

 

 

كلام الوزير السعودي الذي طالب فيه إيران بتغيير سلوكها إن أرادت فعلا الحوار استند إلى حقائق ووقائع , حيث أوضح أن "جزءاً من دستور إيران يدعو لتصدير ما يسمى "الثورة" , كما أنها لا تؤمن بمبدأ المواطنة ، وتؤمن بأن الشيعة "الرافضة" في جميع أنحاء العالم يجب أن يكونوا تابعين لها وليس لدولهم ، وهذا غير مقبول" .

 

 

 

كما استشهد الوزير بضلوع إيران في "زعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط ، مؤكدا عدم إيمانها بمبدأ حسن الجوار، وتورطها بالتدخل بشؤون دول المنطقة ، ناهيك عن زرعهم الخلايا الإرهابية النائمة في دول عدة " .

 

 

 

لقد شعرت إيران على ما يبدو بخطورة التطورات الأخيرة في المنطقة على أهدافها التوسعية الطائفية , فترسيخ الحلف الخليجي التركي وتقويته بعد الجولة التي قام بها الرئيس التركي أردغان للخليج مؤخرا , وإعلان وزير الخارجية السعودي عادل الجبير عن تطابق في موقفي السعودية وتركيا بشأن التصدي لتدخلات إيران في المنطقة , واتهام وزير خارجية تركيا السياسة التي تتبعها إيران بأنها "طائفية" تهدف إلى تقويض سلامة البحرين والسعودية ودول خليجية أخرى , وأن إيران تطمح لتحويل سوريا والعراق لدولتين شيعيتين ......والوضع الاقتصادي المتدهور في إيران , بالإضافة للاضطرابات الداخلية التي كان آخرها احتجاجات الأحوازيين .......دفعت ساسة طهران على ما يبدو لممارسة دور طالب السلام ريثما تتغير الأمور على الأرض .