كأنّ ’الأزمة السورية‘ ستفتح الباب لأزمات أخرى
16 جمادى الأول 1438
صلاح الدين تشاقيرغيل

بالأمس تحدث بشار الأسد، رئيس حزب البعث السوري الذي تحوّل إلى ألعوبة بيد القوى الخارجية وبالأخص خلال السنوات الست الأخيرة، إلى مجموعة من الصحفيين البلجيكيين، وذكر أموراً ملفتة للنظر..

 

 

إلا أنه يجب قبل الانتقال إلى هذا الموضوع، الوقوف على المكونات والأزمات الجديدة المحتملة التي من الممكن أن تؤدي إليها الأزمة السورية.

 

 

في اليوم السبعين بعد المئة من عمر ’عملية درع الفرات‘ المستمرة بالتعاون مع الجيش السوري الحر المدعوم تركياً، وعلى الرغم من تبقّي مسافة 5 كم للوصول إلى مدينة الباب، إلا أنّ كيفية الحصول على النتيجة المرجوّة وتوقيتها لا يزال مجهولاً. مع أن التصريحات المعلنة وبالأخص خلال الشهر الأخير، كانت تفيدنا بقرب الدخول إلى مدينة الباب. بل الأكثر من ذلك، أننا سمعنا من أفواه مسؤولين كبار، بأن هناك نية للانتقال إلى منبج بعد الباب، و التوجه من هناك إلى مدينة الرقة.

 

 

أما الآن، فيُقال ’بوجوب عدم الذهاب أبعد من الباب‘. لأنه وكما يبدو أن الرئيس الجديد للإمبريالية الأمريكية ترامب، يحذّر تركيا مثل سلفه أوباما، ’بعدم الذهاب أبعد من ذلك‘..

صدق من قال ’تجري الرياح بما لا تشتهي السفن..‘.

***

 

 

الأمر الذي سيزيد من عقدة الأوضاع في سوريا، هو اقتراب قوات النظام السوري إلى مدينة الباب من الجنوب بمسافة 5-6 كم. من الواضح والبديهي أنه في حال تطهير تركيا مدينة الباب من تنظيم "داعش"، لن تسلمها إلى قوات النظام وتقول له: ’لقد طهرت هذه المدينة من تنظيم "داعش" وأقدمها جاهزة لك الآن..‘، بل ستسلمها إلى قوات المعارضة التي تسمّى بـ "الجيش السوري الحر". إلا أنه يجري الحديث الآن عن احتمال زيادة التعقيد في حال وصول قوات النظام السوري إلى مدينة الباب التي تُعتبر ضمن منطقة هيمنتها بحسب القانون الدولي، وسيطرتها عليها قبل قوات الجيش السوري الحر المدعوم تركياً، وحتى قبل تركيا.

 

 

ومن جهة أخرى، فإنّ تعاون ترامب مع قوات "بي كا كا/ ب ي د" لاستعادة الرقة، وتزويد هذه المنظمات الإرهابية بالأسلحة الحديثة، وعودة هذه الأسلحة لتُستخدم مستقبلاً ضد تركيا، من الاحتمالات الواردة أيضاً. في وضع كهذا، يمكن القول باحتمالية دخول تركيا في ورطة كبيرة.

 

 

إذ أن هناك أخبار مفادها طلب الولايات المتحدة من حلف الناتو، تحضير خطة جديدة بخصوص الرقة، إلا أنه لا يبدو أن تركيا قد أُحيطت علماً بالقرارات التي اتخذته أو التي ستتخذه حلف الناتو، على الرغم من كون أنقرة عضواً في الحلف.

 

 

لذا نفهم مرة أخرى وينبغي ذلك، أن حلف الناتو ستقوم بتطوير ردات فعل وفق الخطط الأمريكية، ولا يهمها قط مصالح تركيا. أما أنقرة بالنسبة له، ليست إلا دولة حليفة تلقى القبول بقدر ما تخدم آماله وأهدافه.

***

 

 

تعلمون جيداً أنه وقبل الحرب العالمية الثانية، بينما كانت فرنسا تنتظر هجوماً ألمانياً محتملاً من حدودها الشرقية والشمالية، وجّه هتلر إنذاراً إلى حكومتي هولندا وبلجيكا، وأخبرهم بأنه سيتم دخول فرنسا دون إطلاق أية رصاصة في حال عدم الاعتراض له، ومن ثم احتل هذه الدول على الفور، وعندما تمّ تذكيره بوعده تجاه هذه الدول قال: ’أنا أعترف بالوعد الذي قطعته على شعبي أولاً..‘.

 

 

ويجب ألا يُتوقع من ترامب قوله شيئاً مختلفاً عن هذا. إذ يمكن مواجهة عوائق مشابهة لهذا في الأزمة السورية. حيث أنّ روسيا تعيش الآن أيضاً حالة قلق من فلتان زمام المبادرة منها في سوريا وإمساك واشنطن بها.

***

 

 

بالمناسبة، فإن بشار الأسد يشير إلى تفاؤله بشأن أولوية ترامب في محاربة داعش، إلا أنه يذكر أيضاً اتساع رقعة داعش أكثر مع هذه العلميات المنفذة ضده، إضافة إلى أنه يعتبر هذه العمليات غير شرعية – وغير قانونية وخارقة للسيادة السورية، كونها تجري بدون إذن مسبق منه.

***

 

 

وفي نفس الوقت يعترف الأسد بأمر آخر أيضاً. ألا وهو اعترافه خلال جوابه على سؤال طُرح له بأنه ’لم يصدّق إمكانية تجنّب الحرب الدائرة في سوريا منذ البداية‘، ويضيف قائلاً: ’لدينا أخطاء الآن وقبل الحرب الحالية. لا أنكر هذا ولا أقول أن الذي يحصل كان نتيجة فقط لمحاولات من يريدون زعزعة الأمن في بلادنا‘. ما الذي يقصده الأسد بقوله هذا، فمقصوده غير واضح... لكن حبذا لو أعار بشار سمعه لما أوصته به تركيا من خلال داوود أوغلو الذي ذهب إلى دمشق حوالي 5-6 مرات قبل اندلاع الحرب الأهلية هناك..

 

 

المصدر/ صحيفة ستار ــ ترجمة: أخبار تركيا