مسلخة الأسد البشرية والتواطؤ الدولي
11 جمادى الأول 1438
تقرير إخباري ـ خالد مصطفى

التقرير الذي أصدرته منظمة العفو الدولية بشأن المسلخة التي أعدها نظام الأسد طوال 5 سنوات في سجن صيدنايا بريف دمشق للمعارضين المعتقلين كشفت عن جريمة مكتملة الأركان ضد الإنسانية ارتكبها النظام النصيري الطائفي..

 

وهذه الجريمة المستمرة طوال هذه السنوات لم تكن خافية على المؤسسات الدولية فقد تحدث عنها الكثير من النشطاء ووثقوها بالشهادات الحية والصور والفيديوهات, ولكن كانت هناك رغبة من المجتمع الدولي والدول الكبرى بتجاهل هذه الحقائق من أجل الإبقاء على هذا النظام المستبد لأسباب عدة تتعلق بالمصالح والصفقات..لقد اتهمت منظمة العفو الدولية في تقرير لها نظام الأسد بتنفيذ إعدامات جماعية سرية شنقا بحق 13 الف معتقل، غالبيتهم من المدنيين المعارضين، في سجن صيدنايا قرب دمشق خلال خمس سنوات...

 

وقالت المنظمة الحقوقية في تقريرها وعنوانه "مسلخ بشري: شنق جماعي وابادة في سجن صيدنايا" انه "بين 2011 و2015، كل اسبوع، وغالبا مرتين اسبوعيا، كان يتم اقتياد مجموعات تصل احيانا الى خمسين شخصا الى خارج زنزاناتهم في السجن وشنقهم حتى الموت"، مشيرة الى انه خلال هذه السنوات الخمس "شنق في صيدنايا سرا 13 الف شخص، غالبيتهم من المدنيين الذين يعتقد انهم معارضون للحكومة"...

 

واوضحت المنظمة انها استندت في تقريرها الى تحقيق معمق اجرته على مدى سنة من ديسمبر 2015 الى ديسمبر 2016، وتضمن مقابلات مع 84 شاهدا، بينهم حراس سابقون في السجن ومسؤولون ومعتقلون وقضاة ومحامون، بالاضافة الى خبراء دوليين ومحليين حول مسائل الاعتقال في سوريا...وبحسب التقرير فان هؤلاء السجناء كان يتم اقتيادهم من زنزاناتهم واخضاعهم لمحاكمات عشوائية وضربهم ثم شنقهم "في منتصف الليل وفي سرية تامة"...واوضح التقرير انه "طوال هذه العملية يبقى (السجناء) معصوبي الاعين، لا يعرفون متى او اين سيموتون الى ان يلف الحبل حول اعناقهم"...ونقل التقرير عن قاض سابق شهد هذه الاعدامات قوله "كانوا يبقونهم (معلقين) هناك لمدة 10 الى 15 دقيقة"....

 

واضاف ان "صغار السن من بينهم كان وزنهم اخف من ان يقتلهم فكان مساعدو الضباط يشدونهم الى الاسفل ويحطمون اعناقهم"...واكدت المنظمة الحقوقية ان هذه الممارسات ترقى الى جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية ولكنها مع ذلك مستمرة على الارجح...ودعت منظمة العفو الدولية الأمم المتحدة إلى إجراء تحقيق مستقل بشأن ما يحدث في سجن صيدنايا بريف دمشق من إعدامات للمعتقلين...

 

وقالت لين معلوف نائبة مدير الأبحاث في منظمة العفو الدولية "ندعو الأمم المتحدة إلى إطلاق تحقيق مستقل وشفاف بشأن ما يحدث في سجن صيدنايا اليوم وأن يكون التحقيق صارما"، مؤكدة أنه لا يوجد أي سبب يدعو إلى الاعتقاد أن هذه الإعدامات قد توقفت من طرف النظام السوري حاليا....

 

المعلومات التي جاءت في التقرير غاية في الخطورة وهي أدلة واضحة تؤدي إلى إحالة الأسد وعصابته للمحكمة الجنائية الدولية وملاحقته والقبض عليه لا الجلوس والتفاوض معه كما تفعل الامم المتحدة والدول الكبرى...

 

إن مطالب المعارضة السورية بتنحية الأسد وعدم السماح بوجوده خلال أي اتفاق مستقبلي في البلاد, تقابل دائما بتحفظ من الدول الراعية للمحادثات والأمم المتحدة وهو أمر محير لأن فيه إصرار على مكافأة المجرم على جريمته ما دام قادرا على الاستمرار فيها والحصول على مساندة من بعض القوى الإقليمية وهو مبدأ يضرب عرض الحائط بجميع الأسس والمعاير الحقوقية والإنسانية ويؤدي إلى انهيار المنظومة الدولية..

 

ما الفارق بين المجرم القابع في دمشق وزبانيته والقوى المساندة له وبين تنظيم داعش الذي استنفرت الدول الغربية قواها من أجل محاربته وأرسلت الآلاف من جنودها لمواجهته ورصدت ميزانيات ضخمة للقضاء عليه؟!..

 

هذا سؤال يتردد بشكل دائم على ألسنة الكثيرين دون الحصول على إجابة واضحة, وجاء التقرير الأخير ليلقي المزيد من الحيرة في قلوب الملايين خصوصا مع توثيق جرائم مماثلة للمليشيات الطائفية التي تدعم نظام الأسد دون أن يتم محاكمة قادتها أو عناصرها أو استنفار الجهود لملاحقتهم رغم أنهم لا يتخفون ويعلنون عن أنفسهم دون خوف..