مَن يحاسب طاغية الشام على إرهابه ؟!
11 جمادى الأول 1438
د. زياد الشامي

في الوقت الذي يكرر فيه الرئيس الأمريكي "ترامب" تهديده لما يسميه "الإرهاب والتطرف الإسلامي" بمناسبة ودون مناسبة , ويتوعد البعبع المزعوم والعدو الموهوم بالهزيمة والاندحار والأفول ........ لا نسمع له صوتا أو حتى تعليقا على توالي التقارير الدولية التي تثبت دون أدنى شك إرهاب طاغية الشام وزبانيته ومرتزقته بحق الشعب السوري !!

 

 

 

لم يفوت ساكن البيت الأبيض الجديد "ترامب" فرصة للنيل من دين الله الإسلام خلال حملته الانتخابية وصولا إلى خطابه بالأمس – بعد أيام من توليه السلطة كرئيس للبلاد - أمام قادة عسكريين في قاعدة ماكديل مقر القيادة المركزية في تامبا بولاية فلوريدا , حيث سارع إلى حصر مصطلح "الإرهاب" في الإسلام و أتباعه , مهددا ومتوعدا "سنتغلب على الإرهاب الإسلامي المتطرف ولن ندعه يتجذر في بلادنا"، وتابع قائلا : إن "التحديات التي تواجه أمتنا كبيرة جدا وأمامنا حرب على عدو يعبد الموت"......... بينما لم يذكر جرائم النظام النصيري ولم يسمه بالإرهاب فضلا عن أن يفكر في محاسبته أو معاقبته !!

 

 

 

لم يكن ترامب وحده الذي يحاول الترويج لما يسمى "الإرهاب والتطرف الإسلامي" , بل يمكن القول بأن معظم قادة الغرب - ومعهم أذنابهم في بلاد المسلمين – يسعون لنشر هذا الكذب المفضوح , ولعل آخر الدلائل على ذلك اللقاء الذي جمع الرئيس التركي أردغان بالمستشارة الألمانية ميركل , حيث استخدمت الأخيرة نفس المصطلح , ثم أصرت على ذلك وكررت الأكذوبة أمام رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم  خلال مؤتمر صحفي رغم رد أرغان عليها حين استخدمت هذا المصطلح أمامه .

 

 

 

في مقابل هذا الهجوم الغربي على ما يسمى "التطرف الإسلامي" لا يجد المتابع ما يوازي عشر معشار ذلك حين يتعلق الأمر بالإرهاب النصيري , رغم الكشف عن فظائع ذلك الإجرام بين الحين والآخر , والذي كان آخرها تقرير لمنظمة العفو الدولية اتهمت فيه النظام السوري بتنفيذ إعدامات جماعية سرية شنقاً في حق 13 ألف معتقل - غالبيتهم من المدنيين - في سجن صيدنايا قرب دمشق خلال خمس سنوات على انطلاق الثورة في سورية .

 

 

 

التقرير الذي نشرته المنظمة الحقوقية تحت عنوان : "مسلخ بشري: شنق جماعي وإبادة في سجن صيدنايا": يوثق إرهابا نصيريا منقطع النظير في العصر الحديث , حيث يؤكد أنه قد تم ما بين عام 2011 و 2015م إعدام 13 ألفا سرا , بمعدل 50 مدنيا أسبوعيا بعد أن يتم اقتيادهم إلى خارج زنزاناتهم في السجن وشنقهم حتى الموت".

 

 

 

استندت المنظمة في تقريرها إلى تحقيق معمق أجرته على مدى سنة ؛ منذ ديسمبر/كانون الأول 2015 إلى ديسمبر/كانون الأول 2016، وتضمن مقابلات مع 84 شاهداً، بينهم حراس سابقون في السجن ومسؤولون ومعتقلون وقضاة ومحامون، بالإضافة إلى خبراء دوليين ومحليين حول مسائل الاعتقال في سورية.

 

 

 

وبحسب التقرير، فإن هؤلاء السجناء كان يتم اقتيادهم من زنزاناتهم وإخضاعهم لمحاكمات عشوائية وضربهم ثم شنقهم "في منتصف الليل وفي سرية تامة" , كما أنهم يبقون طوال هذه العملية معصوبي الأعين، لا يعرفون متى ولا أين سيموتون، إلى أن يلف الحبل حول أعناقهم .

 

 

 

وعلى الرغم من تأكيد المنظمة بأن هذه الممارسات ترقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية , واتهامها نظام الطاغية بانتهاج "سياسة إبادة" من خلال تعذيبه المساجين بصورة متكررة ... إلا أن أحدا لا يتوقع أن يكون لذلك الاتهام أي صدى أو ردود فعل قوية من  دول ما برحت تزعم منذ عقود أنها حارسة حقوق الإنسان و حاملة لواء محاسبة من ينتهك تلك الحقوق , اللهم إلا بعض التصريحات الدبلوماسية المنددة بتلك الجرائم والمطالبة على استحياء بمحاسبة مرتكبيها لحفظ ما تبقى من ماء الوجه لا أكثر .

 

 

 

وإذا كان سجن واحد من سجون طاغية الشام - سجن صيدنايا الذي يديره الجيش ويقع على بعد 30 كم تقريباً شمالي العاصمة دمشق - يعج بهذا العدد الهائل من التجاوزات والانتهاكات الوحشية الصارخة , فإن ما تخفيه بقية الزنازين وأقبية الموت النصيرية هو بلا شك أدهى وأمر .

 

 

 

لا أظن أن هناك داع لتذكير القارئ بسجل جرائم النظام النصيري بحق المختطفين قبل انطلاق الثورة وبعدها , فهي من الضخامة في العدد والوحشية في العنف ما لا يتسع المقام للخوض في تفاصيلها ....إلا أن ذلك لا يمنع التنويه بتزامن صدور تقرير منظمة العفو الدولية الأخير ببث قناة الجزيرة الفضائية أمس الاثنين لحلقة جديدة من برنامج "للقصة بقية" والذي تناول جريمة صارخة من جرائم النظام النصيري بحق المختطفات السوريات .

 

 

 

الحلقة التي حملت عنوان : "خرجت ولم تعد" سلطت الضوء على ملف أكثر من 13 ألف من المعتقلات السوريات في سجون طاغية الشام ، وقصص الاغتصاب وتعذيب الحوامل حتى الموت، اللواتي ليس لديهن أي أمل في الخروج من المعتقلات وأقبية الموت إلا عبر تبادل المعتقلين والأسرى بين النظام والمعارضة .

 

 

 

كل هذه الإرهاب النصيري الموثق دوليا لم يدفع العم سام والدول الغربية للعمل بشكل جدي لإيقاف هولوكو العصر عن الاستمرار في جرائمه , فضلا عن محاسبته ومعاقبته , بل راحت تلك الدول تركز على الترويج لأكذوبة ما يسمى "التطرف والإرهاب الإسلامي" رغم أن المسلمين من أهل السنة هم في الحقيقة أبرز ضحايا "الإرهاب" في المنطقة والعالم بأسره .