المد الصفوي يطال جزر القمر !!
20 ربيع الثاني 1438
د. زياد الشامي

 

قد يجهل الكثير من العرب والمسلمين موقع دولة "جزر القمر" المسلمة على الخريطة , وربما لا يعلم الكثيرون أنها قد انضمت إلى جامعة الدول العربية عام 1993م , فضلا عن أن يعلموا تفاصيل أحوال المسلمين هناك , وما يعانونه من فقر وجهل استغله الرافضة في نشر التشيع تحت لافتة الجمعيات الخيرية والمعاهد والمراكز الثقافية والتعليمية .

 

 

 

تلك الدولة الصغيرة التي تتألف من ثلاث جزر صغيرة مستقلة في جنوب شرق قارة إفريقيا في المحيط الهندي وعاصمتها (موروني)  - بينما لا تزال جزيرة رابعة هي مايوت (ماموتزو) تحت إدارة فرنسا رغم مطالبة جزر القمر بها - لم تسلم من الأطماع الرافضية والمد الصفوي رغم صغر حجمها وقلة عدد سكانها الذين لا يبلغون المليون .

 

 

 

ومع أن 99.7 من سكان جزر القمر مسلمون ويتبعون فقهيا مذهب الإمام الشافعي رحمه الله , إلا أن السنوات الأخيرة شهدت تصاعدا ملحوظا للنفوذ الإيراني وللتمدد الشيعي وبصورة متسارعة وملفتة , تحت غطاء المنظمات الخيرية ، والمؤسسات الاجتماعية وهو ما دفع القمريون لمواجهة ذلك بشتى الوسائل , ومنها دعوة وزير العدل والشئون الإسلامية وعلماء وأعيان الجزر، إلى عقد مؤتمر عاجل  في بداية عام 2009م ، لمدارسة خطورة المد الشيعي في عقر الديار السنية بجزر القمر، والنظر في الوسائل المتاحة والكفيلة بوضع حد لهذا الخطر المحدق , وذلك بعد أن برزت مظاهر التشيع بشكل علني في 29 يناير/كانون الثاني 2007م , والذى يسميه الشيعة في جزر القمر (يوم التبليغ للتشيع) ، حيث خرجت مجموعة من المتشيعين إلى شوارع مدينة "مروني" العاصمة في صورة لا تختلف عن احتفالات الشيعة بهذا في كل من إيران أو العراق أو جنوب لبنان .

 

 

 

يربط البعض تصاعد المد الصفوي منذ عام 2006م بعهد الرئيس القمري "أحمد عبد الله سامبي" الذي اتهمه البعض - بالتشيع أو بموالاة إيران على الأقل - , حيث يشيرون إلى تصاعد المد الصفوي منذ ذلك الحين بشكل منهجي ومؤسسي , مؤكدين أن "سامبي" قد درس في إيران قبل أن يعود إلى جزر القمر وينشط في العمل الدعوي بشكل لافت , كما أن عهد ولايته من 2006 – 2011م شهد نموا مطردا لنفوذ إيران في الجزر , حيث زار وفد سياسي اقتصادي إيراني الجزر عام 2008م , كما زار الرئيس الإيراني الجزر عام 2009م , وقام سامبي نفسه بزيارتين لإيران خلال ولايته , كما وقع مع إيران مذكرات تفاهم للتعاون في مجالات التعليم المهني وغيره .

 

 

 

وإذا أضفنا إلى ما سبق الصبغة الصوفية التي تسود في جزر القمر عموما , واعتراف الرئيس القمري "سامبي" بأنه متأثر بالصوفية , وأن والده كان ينتمي إلى ما يسمى "الطريقة الرفاعية" , وأنه كان من تلاميذ مؤسس هذه الطريقة في جزر القمر "أحمد الأفندي" , ناهيك عن الفقر والجهل الذي يعاني منه القمريون , حيث تؤكد الإحصائيات أن حوالي 80% من القمريين فقراء أو تحت خط الفقر .....فإن البيئة التي يرتكز عليها المد الصفوي وانتشار التشيع باتت متوافرة ومهيئة , وذلك عبر استغلال ظروف الناس الصعبة , وجعل التشيع مقابل الغذاء والدواء المقدم للمسلمين هناك , تماما كما تفعل منظمات التنصير الغربية .

 

 

 

رغم كل ما سبق عن المد الصفوي في جزر القمر , إلا أن العام الماضي قد شهد مواقف قوية للجم أطماع إيران في تلك الدولة المسلمة الصغيرة , ففي 14 يناير/كانون الثاني من عام 2016م قطعت جزر القمر علاقاتها الدبلوماسية مع إيران، وذلك على خلفية الاعتداء على السفارة السعودية في طهران.

 

 

 

وأوضحت وزارة الخارجية القمرية، في بيان لها آنذاك، أنه "نتيجة لعدم احترام إيران لاتفاقيات فيينا المنظمة للعلاقات الدبلوماسية والقنصلية، وتدخلها في الشؤون الداخلية لبعض الدول العربية، فإن الحكومة القمرية قررت قطع علاقاتها الدبلوماسية مع جمهورية إيران الإسلامية".

 

 

 

وبالأمس أغلقت جمهورية جزر القمر وبشكل نهائي جميع المكاتب الإيرانية التي كانت تعمل تحت غطاء العمل الخيري – أهمها مستوصف الهلال الأحمر الإيراني، وعددا من المعاهد العلمية والدينية - وأكد سفير جزر القمر بالسعودية، الحبيب عباس عبد الله، لصحيفة الشرق الأوسط، أن عمل هذه المكاتب الحقيقي "يتمثل في توغل ونشر المد الصفوي الشيعي".

 

 

 

وأشار السفير إلى أن "الرئيس القمري "عثمان غزالي" أصدر أوامره قبل نحو ثلاثة أشهر بإغلاق جميع المكاتب الإيرانية في جزر القمر التي كانت تعمل تحت غطاءٍ خيري" , مؤكدا أن تلك الجمعيات ليست خيرية , بل هي في الحقيقة مكاتب توغل للمد الصفوي الشيعي , مستغلة فقر الناس وضعفهم .

 

 

 

لا شك أن هذه الخطوة ذات أثر كبير في تقليم أظافر إيران وأذرعها في بلاد المسلمين , إلا أن الأهم هو سد ذلك الفراغ الذي سينشأ عن إغلاق تلك الجمعيات و المؤسسات بأخرى عربية إسلامية , وهو ما نوه إليه السفير القمري لحل مشكلة المد الصفوي من جذوره حيث قال :

 

 

"لكن المشكلة لا تنتهي هنا، فلا بد من تعويضها بمكاتب عربية، لأن الناس الضعفاء يرون خدمات تقدم ولا يعرفون ما وراء ذلك، ونحن نسعى لأجل جلب المنظمات الخيرية العربية، والسعودية خصوصا، لسد هذا الفراغ، وفي حال لم يسد الفراغ سيلومنا الناس، وأوجه رسالة للأشقاء بضرورة مؤازرة جزر القمر في هذا الصدد، والاستثمار وفتح المكاتب الخيرية".

فهل ستلقى هذه الدعوة آذانا صاغية في الدول العربية والإسلامية ؟!!