وقفة مع تميّز جمعية أسرية سعودية
7 ربيع الثاني 1438
تقرير إخباري - محمد الشاعر

العمل الخيري والتطوعي كما عرفه بعضهم هو : "بذل مالي أو عيني أو بدني أو فكري يقدمه المسلم عن رضا وقناعة، بدافع من دينه، بدون مقابل بقصد الإسهام في مصالح معتبرة شرعاً، يحتاج إليها قطاع من المسلمين" .

 

 

وعلى الرغم من سبق وتميز دعوة دين الله الخاتم أتباعه من المسلمين للعمل الخيري بجميع ألوانه وأشكاله وأصنافه , من خلال عموم قوله تعالى : { ...... وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ......} المائدة/2 , ومن خلال حديث جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (خير الناس أنفعهم للناس ) الطبراني وحسنه الألباني ......

 

 

إلا أن واقع العمل الخيري والتطوعي في الدول العربية والإسلامية عموما ما زال دون المستوى المرجو والمأمول , خصوصا إذا تمت مقارنته بالعمل التطوعي في الدول الغربية وغير الإسلامية , من حيث الكم والعدد على الأقل , إذ تكفي الإشارة إلى أن عدد المنظمات الخيرية الموجودة في الوطن العربي بأكمله لا يتجاوز عدد المنظمات المماثلة لها في ولايتين فقط من الولايات المتحدة الأمريكية , وبينما يتجاوز عدد الجمعيات الخيرية في فرنسا 650 ألف منظمة و 400 ألف في بريطانيا , لا يتجاوز عدد الجمعيات الخيرية في الوطن العربي الـ 400 ألف جمعية فقط .

 

 

ومن هنا فإن إبراز تميز بعض الجمعيات في المملكة , والثناء على إنجازاتها وجهودها المتألقة , وتسليط الضوء على تجربتها في العمل الخيري الاجتماعي الإسلامي تغدو من الأهمية بمكان , خصوصا في هذه العصر الذي تزداد فيه حجم الضغوط التي تمارسها الدول الغربية - وخصوصا الولايات المتحدة الأمريكية - على الدول العربية الإسلامية بخصوص تحجيم وتقليص دور الجمعيات والمؤسسات الخيرية بذريعة محاربة ما يسمى "الإرهاب" – وعلى المملكة السعودية بشكل خاص بعد أحداث 11 من سبتمبر - والتي أثرت بكل تأكيد على العمل الخيري الإسلامي بشكل أو بآخر .

 

 

فقد حصلت جمعية "المودة للتنمية الأسرية" بجدة على جائزة التميز الرقمي من وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات على مستوى المملكة السعودية لقطاع المؤسسات غير الربحية لعام ٢٠١٦م , كما حصلت الجمعية قبلها على شهادة التميز المؤسسي الأوروبي (أف أي كيو أم) وجائزة المشروعات الرائدة على مستوى مجلس التعاون الخليجي.

 

 

ولعل ما يثير الاهتمام في تميز هذه الجمعية ونيلها الجوائز المحلية والدولية هو كونها إحدى الجمعيات المتخصصة في إصلاح وتمكين الأسرة والسعي إلى تحقيق الاستقرار والأمن الأسري عبر برامج تنموية مستدامة اجتماعيا ، وتهدف للمساهمة في الحد من حالات الطلاق ...... وهو في الحقيقة اختصاص ذو أهمية بالغة , خصوصا مع ارتفاع معدلات الطلاق في المملكة مؤخرا – والعالم العربي والإسلامي عموما – وقلة الجمعيات والمؤسسات التي تعنى بشؤون الأسرة التي تعتبر اللبنة الأساسية في تماسك المجتمع وقوته .

 

 

كثيرة هي الإنجازات التي حققتها الجمعية حسب آخر تقاريرها , إلا أن أهم تلك الإنجازات هو إسهام برامج الجمعية العلاجية في تخفيض حالات الطلاق بنسبة 50% كما أن ارتفاع نسبة الزيادة في التعلم والنمو إلى 44% مقارنةً بعام 2016 يعتبر إنجازا بالغ الأهمية يحسب للجمعية , كما زاد عدد المستفيدين العام الماضي عن الذي قبله بنسبة 258% ، وأظهرت نتائج تحليل تقديم الخدمات تحقيق نسبة 96% في تقديم خدمات متخصصة يسهل الوصول إليها .....الخ .

 

 

الجمعية التي تعمل تحت مظلة وزارة العمل والتنمية الاجتماعية التي تشرف على ما يقارب 686 جمعية خيرية، منها أربعون جمعية نسائية و121 مؤسسة خيرية منتشرة في أنحاء المملكة ....لا ينبغي أن يتوقف طموحها التنموي عند ما أنجزته مؤخرا , كما لا ينبغي أن تبقى الوحيدة المتميزة ضمن الإطار الأسري , فالواقع يؤكد حاجة المجتمع لمزيد من الجهود المتميزة في إطار التوعية الأسرية .

 

 

وعلى الرغم من وجود جمعيات متخصصة في الزواج والرعاية الأسرية في المملكة , والتي تقيم دورات التدريب والتأهيل الأسري للمقبلين على الزواج وعموم المجتمع، وإصلاح ذات البين في القضايا الأسرية .....إلا أن أعدادها القليلة مقارنة بحاجة المجتمع لأمثالها تبقى دون المأمول والمطلوب , ولعل ارتفاع أرقام معدلات حالات الطلاق رغم وجود هذه الجمعيات أكبر دليل على عدم قدرتها على مواكبة ومجاراة استفحال أهم مشكلات المجتمع الأسرية "الطلاق" .

 

 

وبقدر ما تحتاج المملكة لمزيد من الجمعيات المعنية بشؤون الأسرة كمّا وعددا , فإن الحاجة إلى الكيف والمضمون والتميز والتطوير والتحديث تبدو أهم وأخطر , فموجات الهجوم الفكري وتسلل التيارات المخالفة لتعاليم دين المجتمع السعودي "الإسلام" جد خطيرة , وخصوصا على الأسرة المسلمة التي ما زالت متماسكة في ظل انهيار كلي على صعيد المجتمعات الغربية وغير المسلمة عموما .