اللحظات الأخيرة للرئيس الضعيف
1 ربيع الثاني 1438
خالد مصطفى

استيقظ الرئيس الأمريكي باراك أوباما فجأة بعد سبات عميق ومع قرب نهاية ولايته الثانية, وشعر أنه أتاح لروسيا ورئيسها المتعجرف فلاديمير بوتين فرصة العمر للتوغل والتوسع في العديد من المناطق وإعادة بعض ما فقدته بعد انهيار الاتحاد السوفيتي بعد أن كان الكثير من المراقبين والمحللين يؤكدون أن إمكانية عودة روسيا للتأثير في الساحة السياسية العالمية غاية في الضعف..

 

لقد أحيا أوباما بسلبيته وقلة اكتراثه وفقدانه للخبرة الدولية ودخوله في صفقات خاسرة, أمل الوحش الروسي من جديد لكسب المزيد من النفوذ والعودة بقوة للساحة والدخول في منافسة قوية مع الغرب على اقتسام كعكة المصالح ليس فقط في منطقة الشرق الأوسط ولكن في كافة المناطق...

 

لقد ظن الساسة الامريكيون أنهم قد تخلصوا وللأبد من الشبح الروسي وأطماعه واعتقدوا أن المرحلة القادمة هي مرحلة تقسيم النفوذ بينهم وبين حلفائهم في أوروبا على أن يكون لهم بطبيعة الحال النصيب الأكبر وفقا لمعايير القوة والنفوذ والتأثير وهو ما جعلهم يتخبطون عندما بدأ بوتين يخطط وينفذ للعودة بقوة للساحة وكان ذلك في أوكرانيا عندما تدخل عسكريا وفصل شبه جزيرة القرم وضمها إليه وتجاهل التحذيرات الغربية التي بدأت قوية ثم تهاوت تدريجيا حتى تلاشت تماما وبقيت عبارة عن عقوبات ضعيفة لا تأثير لها...

 

إن تراجع الغرب بشكل قبيح أمام بوتين في أوكرانيا كان رسالة للكرملين بأن الوقت قد حان للانتقام والعودة لعهد الحرب الباردة وإعادة الإمبراطورية الزائلة ومن هنا كان التدخل العسكري الفج والمباشر في سوريا لدعم نظام قرر الغرب وصرح أكثر من مرة أنه يجب أن يرحل وأنه فقد شرعيته فإذ ببوتين يرسل أسطوله البحري وحاملات طائراته وجنوده للقتال معه في تحدي واضح للغرب ولأمريكا التي ظلت وحتى هذه اللحظة تتخبط في سوريا ولا تدري مع من تقف وكيف, بينما بوتين ومن اللحظة الأولى وضع رهانه على حصان بدا خاسرا وانطلق لدعمه بشكل مطلق وواضح رغما عن الغرب الذي ظل يتلعثم ويقدم قدما ويؤخر أخرى حتى اضطر في النهاية للتعاون مع روسيا وبشار بحجة "مكافحة الإرهاب" وكأن بشار ومليشياته لم يقتلوا أضعاف أضعاف ما قتلته "داعش"...

 

إن الفارق بين روسيا وأمريكا أن الأولى عندها استراتيجية واضحة للعودة وتعلم جيدا أنه ليس لديها ما تخسره بعد أن خسرت الكثير خلال السنوات الماضية أما أمريكا ففقدت توازنها تماما وأصبحت مرتبكة تحت قيادة مرتعشة لرجل تكلم كثيرا ولم يفعل شيئا حتى اقترب أجل ولايته تذكر أنه خسر كل شيء وسيذهب غير مأسوف عليه فبدأ  يتخذ قرارات في الوقت الضائع..

 

إن العقوبات التي وقعها أوباما ضد روسيا مؤخرا والتي شملت طرد 35 دبلوماسيا وإغلاق مجمعين تابعين لموسكو وأرجعت واشنطن ذلك لتدخل روسيا في الانتخابات الرئاسية الاخيرة التي أدت إلى فوز اليميني المنطرف دونالد ترامب بالرئاسة, هي عقوبات هزيلة وسيقوم ترامب على الإغلب بإلغائها عند وصوله للبيت الأبيض بعد أيام وبالتالي فهي إن دلت على شيء فإنما تدل على استمرار سياسة الارتباك التي عانت منها الإدارة الأمريكية طوال عهد أوباما الذي لم يعلم بأن مجرد السماح لدولة ما أن تتدخل في أهم انتخابات لأكبر دولة في العالم هو دليل على هوان هذه الدولة وضعفها وتراجعها وأن المسؤول الأول عن ذلك هو رئيس هذه الدولة وإدارته التي تركت الحبل على الغارب لدولة كانت منذ سنوات في عداد الأموات لكي تعود لتقف على قدميها وتعيد رسم الخرائط وتوزيع الغنائم.