أسطورة "حقوق الإنسان" في يومها العالمي !!
11 ربيع الأول 1438
د. زياد الشامي

حتى في ذكرى يومها العالمي لم تستطع المنظمة الأممية حماية أي حق من حقوق الإنسان التي زعمت أنها وُجدت لحمايتها والدفاع عنها , وخاصة تلك الحقوق المتعلقة بفئة من الناس الذين يدينون بدين الله الإسلام , فما دامت الضحية من المسلمين من أهل السنة , والمجرم من مؤسسي المنظمة الدولية ومبتدعيها , فإن كل ما حرمته و جرمته تلك المنظمة بقوانينها المكتوبة يصبح حلالا ومباحا !!

 

 

في مثل هذا اليوم من كل عام تحتفل المنظمة الدولية بما يسمى "اليوم العالمي لحقوق الإنسان" , حيث أعلنت في الــ 10 من ديسمبر عام 1948 في قصر شايو في باريس صدور الإعلان العالمي لحقوق الانسان , والذي يحدد الحقوق الأساسية لكل شخص في العالم بغضِّ النظر عن عنصره أو لونه أو جنسه أو دينه أو رأيه السياسي أو أي وضع آخر حسب نص الإعلان , كما تتعهد فيه الحكومات بحماية حقوق إنسانية معينة ، ليس فقط بالنسبة لمواطنيها ، بل أيضاً بالنسبة لجميع البشر .

 

 

لا يشك أحد يعلم حقائق أسباب ابتداع المنظمة الدولية وأهدافها الخفية أنها وشعاراتها المزعومة و مبادءها الكاذبة المخادعة ولدت ميتة وغير قابلة للتطبيق أو الحياة , إذ كيف يمكن لقاتل ومغتصب ومجرم حرب أن يبتدع هيئة تدافع عن حقوق الإنسان بحق وصدق ؟!

 

 

لا يمكن سرد الوقائع والأحداث التي تؤكد أن هذا الإعلان ما هو إلا أكذوبة غربية كبرى , وأسطورة لا تقل خرافة عن باقي الأساطير في العصر القديم أو الحديث , ناهيك عن الأدلة التي تثبت تورط المنظمة الدولية في المشاركة في جريمة انتهاك حقوق الشعوب العربية والإسلامية على وجه الخصوص , بداية من التآمر ضد القضية الفلسطينية وليس انتهاء بالمشاركة في الانتهاكات الوحشية ضد الشعب السوري الثائر .

 

 

يكفي في هذا المقام التنويه بأن العام الذي ولد فيه ما يسمى "الإعلان العالمي لحقوق الإنسان"  , هو نفس العام الذي أعلن فيه اليهود قيام دولتهم المزعومة على أرض فلسطين المحتلة , وارتكبت فيه العصابات الصهيونية أبشع جرائمها ضد الشعب العربي المسلم الأعزل هناك .

 

 

وإذا انتقلنا إلى أهم وأبرز مواد هذا الإعلان , وأجرينا مقارنة بين النص المكتوب والعمل الميداني على أرض الواقع , فإن أي عاقل يمكنه اكتشاف البون الشاسع بين هذا وذاك , والتأكد من أن الأمر لا يعدو أن يكون خديعة لمزيد من ممارسة الانتهاكات بحق الشعوب المستضعفة من قبل الدول الكبرى التي اخترعت هذه المنظمة .

 

 

فمن أهم نصوص الإعلان المادة التي تقول : "جميع الناس متساوون بغض النظر عن الفوارق في لون بشرتهم أو جنسهم أو دينهم أو لغتهم أو ما شابه ذلك" , بينما واقع الحال في الدول الغربية وعموم الدول غير الإسلامية انعدام هذه المساواة , وبروز التمييز العنصري الواضح ضد المسلمين من أهل السنة , حيث يُعاملون معاملة المواطنين من الدرجة الثانية أو الثالثة أو بدون أي درجة أحيانا .

 

 

وإذا انتقلنا إلى المادة التي تقول : "لكل شخص الحق في الحياة وفي أن يعيش بحرية وأمان" , فإن الأحداث الجارية في منطقة الشرق الأوسط وغيرها تؤكد فشل المنظمة الدولية في حماية هذا الحق الأصيل من حقوق الإنسان , بل الأنكى من ذلك والأدهى ثبوت تورط المسؤولين الأمميين في جرائم القتل بالتجويع والحصار .

 

 

أما مادة : "لا يجوز لأحد إيذاؤك أو تعذيبك" ومادة : " ليس من حق أحد سجنك ظلماً أو طردك من بلدك" ....فحدث عن وقائع انتهاكها ولا حرج , وخصوصا في سورية والعراق في السنوات الأخيرة , حيث التعذيب الممنهج الموثق من قبل المنظمات الحقوقية التابعة للمنظمة الدولية , سواء داخل سجون طاغية الشام أو عملاء إيران في العراق دون أي تحرك أممي لإيقاف ذلك الانتهاك أو حتى التلويح بمحاسبة المسؤولين عنه فضلا عن معاقبتهم .

 

 

ومن هنا لم تكن الرسالة التي نشرها المكتب الإعلامي للرئاسة التركية نقلا عن الرئيس التركي رجب طيب أردغان بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان إلا تعبيرا واضحا عن نعي هذا الإعلان الذي لم يستطع أن ينقذ طفلا واحدا من أطفال سورية ونسائها ورجالها الذين يموتون يوميا بدم بارد بسبب القصف النصيري الروسي المستمر .

 

 

فقد قال الرئيس التركي أمس الجمعة بهذه المناسبة : "إن الأطفال الأبرياء ليسوا فقط من بقوا تحت أنقاض مدينة حلب السورية بل البشرية جمعاء والضمير الإنساني" .

 

 

عود على بدء , لم تعد المنظمة الدولية تملك القدرة على ستر عورة خذلانها للشعوب المضطهدة والمقهورة , بل و تواطئها مع المجرم والسفاح وعتاة الأرض , و انفضاح حقيقة مخالفتها لأهم وأبرز شعاراتها التي رفعتها بعد تأسيسها .... حتى ولو ليوم واحد في العام , فباتت مكشوفة العورة حتى في يوم احتفالها بما يسمى " الإعلان العالمي لحقوق الإنسان" .