تركيا والدول العربية وحماية مسلمي أوروبا من العنصرية
25 صفر 1438
محمد زاهد جول

بغض النظر عن مصداقية الدول الأوروبية في مكافحة داعش في أوروبا، فإن الأمر المجمَع عليه بين مسلمي أوروبا أنهم يتعرضون إلى مضايقات عنصرية متزايدة ومتفاقمة منذ إعلان داعش عن تبنيها لعمليات إرهابية في فرنسا وبلجيكا، وما يتعرض له مسلمو أوروبا من إرهاب متعدد الأشكال مثل: أخذ أطفال أسر مسلمة وإعطائها إلى أسر غير مسلمة، والاعتداء على المساجد، وكذلك اختفاء عشرة آلاف طفل مهاجر إلى أوروبا، بحسب اعتراف منظمات أوروبية مختصة.

 

 

هذه الأعمال العدائية ضد المسلمين في أوروبا دفعت البرلمان التركي إلى تشكيل لجنة تركية تجري دراسة حول العنصرية ضد المسلمين بأوروبا، وقد بدأت لجنة حقوق الإنسان في البرلمان التركي، دراسة حول الآليات، لا سيما التشريعية، والتي مهدت الطريق لحدوث تمييز عنصري بدوافع معاداة الإسلام بـ 10 بلدان في القارة الأوروبية من بينها ألمانيا وفرنسا وبلجيكا والدنمارك، ويرأس هذه اللجنة النائب "مصطفى ينار أوغلو"، ومن تصريحاته:" هناك زيادة في عدد الشكاوى المقدمة إلى اللجنة من قبل الأسر المسلمة التي تعيش في أوروبا، خاصة خلال السنوات الأخيرة".

 

 

بعض هذه الشكاوى وإن بدت ذات طابع عنصري ضد الأتراك، إلا أن معظمها ذات طابع عدائي عنصري ضد العرب والمشرقيين والمسلمين عموماً، وهذا يطرح تساؤلاً عن دور مؤازر من باقي البرلمانات العربية والإسلامية، سواء بصورتهم البرلمانية القُطْرية أو من خلال اتحاد البرلمانيين العرب، أو اتحاد البرلمانات الإسلامية، وغيرها من المؤسسات التابعة لمنظمة التعاون الإسلامي، فإن ذلك سيكون أكثر تأثيراً على البرلمانيين الأوروبيين، وعلى الأوساط السياسية والأحزاب السياسية الأوروبية بما فيها الأحزاب اليمينية الصاعدة في أوروبا، لوقف هذه الأعمال العنصرية ضد مسلمي أوروبا بشكل عام، فالمسلمون في اوروبا غير مسؤولين عما تقوم به داعش من أعمال إرهابية.

 

 

إن البرلمانات العربية والإسلامية مطالبة أن تشارك وتتعاون وتؤاز جهود البرلمان التركي في دراسة أوضاع المسلمين في أوروبا، وأن تتابع ما يتعرضون له من مشاكل عنصرية أو كراهية بسبب هويتهم الدينية، تحت حملة "الإسلاموفوبيا" في أوروبا والعالم، والتي ترعاها مؤسسة وأحزاب يمينية أوروبية وأمريكية وصهيونية، والخشية أن يؤثر نجاح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على زيادة هذا العداء ضد مسلمي أوروبا أيضاً، مما يفرض على الدول الإسلامية عموما بذل جهود كبيرة وجديدة لمقاومة هذه الكراهية الدينية ضد المسلمين في أوروبا وأمريكا، أو ضد الإسلام عموماً.

 

 

إن ظاهرة الاعتداء على المساجد في أوروبا وأمريكا آخذة بالازدياد دون مبرر لها، وأما التحذيرات التي تصدر في أوروبا وأمريكا ضد عمليات إرهابية قد يشنها داعش، فلا ينبغي أن تطول مسلمي أوروبا، لأن العمليات الإرهابية لا تميز بين مواطن مسيحي أو مسلم أوروبي، وقد قتل العديد من المسلمين في العمليات الإرهابية السابقة دون أن يكون لهم ذنب، وما يعزز دور البرلمانات الإسلامية في متابعة هذه الاعتداءات أن الأوروبيين أنفسهم يحذرون منها، فمكتب المؤسسات الديمقراطية وحقوق الإنسان التابع لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا أصدر قبل بضعة أيام تقريراً بشأن "جرائم الكراهية عام 2015" في أوروبا، حذر فيه من وصول تلك الانتهاكات إلى مستويات مثيرة للقلق، حيث وصلت عام 2015 نحو ستة آلاف و811 جريمة، وأظهر التقرير أن جرائم الاعتداءات على المحجبات والهجمات على المساجد وإضرام النار فيها، كانت الأبرز من بين تلك الجرائم، وجاء في التقرير أن "الخطاب المعادي للمسلمين، ناجم عن الوصف الذي يدمج الإسلام بالإرهاب والتطرف، وعن تشكيل المجتمعات المسلمة تهديدًا للهوية الوطنية، وأن ثقافة المسلمين توصف بأنها الوحيدة التي لا تنسجم مع حقوق الإنسان والديمقراطية"، وكلها ذرائع يمكن الرد عليها علمياً واجتماعياً، كما يمكن تفنيدها أمنياً وسياسياً من المختصين أيضاً.

 

 

المصدر/ ترك برس