13 ربيع الثاني 1438

السؤال

أستشيركم في شكوك حول الزوجة قبل حوالي سنتين، وصارحتها أن هناك أشياء مريبة في الجوال، وحلفت على كتاب الله إنه لا يوجد شيء أبدا وانتهى الموضوع.

وفي عيد الأضحى الماضي وجدت في جوالها رسالة تهنئة وفي آخرها مداعبة أو شيئاً من هذا القبيل فأخذت الرقم واتصلت به بعد فترة وعرفت أن الصوت قد اتصل قبل حوالي سنتين على جوال زوجتي وقالت رقم غريب رد فرديت وقال إني غلطان.

 لم أوضح لها أني قرأت الرسالة وقلت لها إن أمرك مريب فدار الحوار فقالت إني مستعدة أن أحلف لك في الحرم بأني صادقة.. بماذا تنصحوني؟

أجاب عنها:
د. خالد رُوشه

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد

فإن الشيطان يحب إحزان المؤمنين، ويسعى إلى جلب الهموم لهم والشكوك والأنكاد، وأكثر ما يسعى إليه الشيطان هو إفساد ما بين الزوجين، كما في الحديث عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن إبليس يضع عرشه على الماء ثم يبعث سراياه فأدناهم منه منزلة أعظمهم فتنة يجيء أحدهم فيقول فعلت كذا وكذا فيقول ما صنعت شيئا قال ثم يجيء أحدهم فيقول ما تركته حتى فرقت بينه وبين امرأته قال فيدنيه منه ويقول نعم أنت" أخرجه مسلم.

 

وجاء رجل إلى عبد الله بن مسعود فقال إني قد تزوجت جارية بكرا وإني قد خشيت أن تفركني (تكرهني)؟ فقال عبد الله: إن الإلف من الله وإن الفرك من الشيطان ليكره إليه ما أحل الله له، فإذا أدخلت عليك فمرها فلتصل خلفك ركعتين وقل: اللهم بارك لي في أهلي وبارك لهم في، اللهم ارزقني منهم وارزقهم منـي، اللهم اجمع بيننا ما جمعت إلى خير، وفرق بيننا إذا فرقت إلى خير" أخرجه عبد الرزاق في المصنف 6/191 والطبراني 9/204

 

فالشيطان إذن يسعده أن يبث بينك وبين زوجتك الشكوك فتكره نعمة الله عليك من الزوجة حسنة العشرة.

 

كذلك فإن الظن مفسد للعلاقة بين الزوجين، بل هو كما قال صلى الله ليه وسلم: "أكذب الحديث" متفق ليه، وقد أمرنا الله سبحانه باجتنابه كونه يفسد ولا يصلح.

 

وأنصحك ههنا بأمور فيما يخص سؤالك:

أولا: أن تتذاكر مع نفسك تاريخ زوجتك معك، وتقيّم هذا التاريخ، بعدل وإنصاف لا بجور وغضب، وتتذكر كيف كانت معك صادقة طيبة العشرة، محافظة على دينها وعرضك ومالك، قائمة بما استطاعت من حقوقك، وكيف صبرت معك وأحسنت إليك، ولم يبد منها عبر السنين من المفاسد شيئا متعمدا.. فهذا التاريخ هو مؤنس للغاية في حديثك عنها بالخير، وفي طرد الشيطان، وحسن الظن بها.

 

ثانيا: حكايتك التي تحكيها لا تقوم إلا عبر ظنون وشكوك متباعدة الفترات، متبلورة في دليل واحد ضعيف، لا أنت رأيت عليها سوءاً، ولا رأيتها في موقف مخطئ، ولا أنت سمعت عنها ولا منها ما يخالف الأمانة على عرضك، بل هو موقف قد يحصل للكثيرين ولا يتوقفون عنده.

 

ثالثا: الاسترسال مع الظن، سيئ العاقبة، وبائس الأثر، فما دمت لم تر دليلا صريحا واضحا، أو حتى ترى ما يرقى للشك، فلماذا الاسترسال إذن؟! وهل سينقطع هذا الاسترسال مع إجابات الأسئلة منها أم ستظل تولد أسئلة أخرى وأخرى؟! وهل سينقطع ظنك إذا حلفت لك كما قلت؟! أم أن ظنك سيدفعك للقول إنها كاذبة.. وهكذا؟! لن يتركك الشيطان.

 

رابعا: الطلاق عاقبته ثقيلة للمتحابين، وأثره قد لا يكون حميدا مادامت العشرة بينكم حسنة ومادامت المودة بينكم قائمة..

 

خامسا: يجب الحذر من الظلم، فزوجتك ضعيفة بين يديك، فلا تعاقبها بمجرد ظن ضعيف، واستعذ بالله من ذلك وارج العدل والرحمة مع الذكاء والحكمة.

 

سادسا: حافظ على زوجتك واحمها مما تظنه سوء، واقطع سبل الظن السيئ، وعليك بالقرب من زوجتك ورعايتها وحمايتها.

 

سابعا: إذا استمرت شكوكك فاقطع الشك باليقين، واستوضح الأمور منها، ومن الأحوال من حولك، فإن لم تجد شيئا يذكر، ووجدت شكوكك لا تزال فاعلم أنك مريض بالشك وسوء الظن، ولعله قد مر بك عبر حياتك لك أو لمن هو قريب منك مواقف مماثلة سلبية فأنت تستحضرها في عقلك الباطن!

 

ثامنا: أوصيك بالدعاء والرجاء لربك سبحانه أن يريك خيرا في أهلك وأن يثبت قلبك ويزيل الشك منه ويبعد عنكما الشيطان.