غضب الفرات في مواجهة درع الفرات.. وتقسيم تركة داعش المريض
7 صفر 1438
دـ أحمد موفق زيدان

لم تنتظر أميركا طويلا حتى ردت على تركيا حين أعلنت بشكل مفضوح وسافر وعلني عن انحيازها لمليشيات قوات سوريا الديمقراطية بمواجهة تركيا، فحرمت واشنطن حليفها التركي والتقليدي القديم من الدخول في معركة الموصل استجابة لمليشيات الحشد الشعبي، وحرمته أيضاً من دخول معركة الرقة استجابة لمليشيات سوريا الديمقراطية، واستغلت الأخيرة هذا التنافر الأميركي ـ التركي الذي ظهر للعلن بعد المحاولة الانقلابية التركية الفاشلة واتهمت أنقرة بشكل غير مباشر واشنطن بدعمها، استغلته في توسيع الشقة والخلاف بين أميركا وتركيا، فقدمت أوراق اعتمادها لواشنطن من أجل التمدد على حساب قوات الجيش الحر وكذلك على قوات تنظيم الدولة، تماما كما قدمت نفس أوراق الاعتماد لروسيا من أجل التحالف مع العصابة المجرمة بدمشق وضرب قوات الجيش الحر والثوار..

 

بالمقابل سعت تركيا إلى التودد لروسيا من أجل كسب صمتها أو تأييدها على تحركها في معركة درع الفرات وإبعاد قوات سوريا الديمقراطية إلى ما بعد شرقي الفرات، فقد رأت روسيا أن منافعها ومصالحها مع تركيا أكثر مما هي مع المليشيات الكردية، وانشغلت القوات التركية بدعم قوات الجيش الحر للسيطرة على بلدات سورية في الريف الحلبي، فانتزعتها من تنظيم داعش الذي غدا مريضاً فانهالت القوى المحلية بدعم قوى دولية على انتزاع مناطقه، لكن ظلت خيوط اللعبة الكبرى بأيدي القوى الكبرى ممثلة بروسيا وأميركا ..

 

معركة الموصل التي استهدفت ظاهرياً قوات داعش هي في الأصل والجوهر معركة للتوجه إلى حلب واليمن وغيرهما، ولم يستطع نوري المالكي أن يخفي طائفيته ورغبته بالأمر، حين أعلن أن هذه المعركة مقدمة لحلب واليمن وغيرهما، فهزيمة داعش على الرغم من أساليبها وإجرامها الذي لا يتفق معه أحد إلا أنها هزيمة ستفتح أبواب الجحيم على حلب وغيرها بتدفق كل هذه المليشيات الطائفية التي تقاتل في الموصل لتتفرغ للقتال في حلب وما بعد حلب ...

 

غضب الفرات وهي التسمية التي أطلقت عليها قوات سوريا الديمقراطية على معركة الرقة لم يكن لها أن تحصل لولا الدعم الأميركي الكامل، وذلك في محاولة لاستبعاد تركيا والقوى العربية عن القتال في تلك المناطق الهامة والغنية بالنفط والغاز، ويأتي هدف تكريد المناطق العربية ضمن السياسة الاستراتيجية الممنهجة للقوى الكبرى وقد كشف عن ذلك المستشرق الصهيوني إيال زيسر بأن الهدف الاستراتيجي من المعارك في العراق والشام هو تفريغها من عرب السنة وأن سكانها الذين كانوا أكثر من عشرين مليون نسمة لم يبق منهم إلا أربعة ملايين، وبالتالي فإن هذا الهدف يتشاطره الجميع من قوى كبرى وقوى إقليمية ممثلة بإيران وقوى محلية منفذة ممثلة بالمليشيات الطائفية الشيعية ومعها المليشيات الكردية..