تداعيات الخذلان العربي لــ "حلب"
24 ذو الحجه 1437
د. زياد الشامي

"المعاناة العشوائية التي لحقت بالمدنيين الأبرياء – في حلب - هي انتهاك غير مقبول للقانون الإنساني الدولي" هذه هي فحسب ردة فعل المفوضة العليا للسياسة الخارجية والأمنية للاتحاد الأوروبي "فيديريكا موغيريني" والمفوض الأوروبي للشؤون الإنسانية "خريستوس ستيليانيدس" لما ترتكبه آلة القتل الروسية النصيرية من مجازر مروعة بحق أهل السنة في مدينة حلب السورية .

 

 

أما الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون فقد أكد للصحفيين أن التصعيد العسكري في حلب أصابه بالفزع !! مضيفا : قصف حلب بالقنابل الخارقة للتحصينات يدفع العنف في سوريا إلى مستويات جديدة من الوحشية , معتبرا الاستخدام المنتظم للأسلحة العشوائية في المناطق المكتظة بالسكان جريمة حرب ... دون أن يحدد الطرف الذي يستخدم هذه الأسلحة بالاسم مراعاة لعمالته للدول التي تملك حق الفيتو في مجلس الأمن .

 

 

من جهتها مارست الولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية دورها التمثيلي المعهود في مثل هذه الحالات , حيث صعدت من هجومها اللفظي الكلامي ضد روسيا والنظام النصيري داخل أروقة مجلس الأمن خلال الجلسة الطارئة التي عقدت أمس حول ما يجري في حلب , في الوقت الذي تؤكد أفعالها وممارساتها بأنها أشد عداء للثورة السورية من طاغية الشام والمجرم "بوتين" .

 

 

إن لهجة مندوب النظام النصيري لدى الأمم المتحدة "بشار الجعفري" وهو يتحدث بالامس في مجلس الأمن بعنجهية وغطرسة قائلا : إن بلاده لن تنكسر , و أن نظام الأسد سيستعيد السيطرة على كامل حلب , مضيفا : "أن الدول الأعضاء إذا كانت لكل منها عاصمة واحدة فإننا في سوريا لدينا عاصمتان : دمشق وحلب" .... تؤكد أن هناك حلف أمريكي روسي غربي صفوي يقف مع النظام النصيري .

 

 

قد لا تكون هذه المواقف الغربية مفاجئة بالنسبة للمتابع العربي والمسلم السني , كما قد لا يكون التقاعس العربي السني عن نصرة حلب جديدا , فذاكرة المواطن العربي مليئة بخذلان مشابه ليس في حلب وريف دمشق وحمص وحدها , بل وفي الفلوجة وغزة .....وغيرها من المدن العربية التي طالما دكت لأيام وأسابيع دون أن تجد لها نصيرا أو مغيثا على المستوى العربي .....

 

 

إلا أن المفاجئ في الواقع هو ذلك التردي الشديد في الموقف العربي السني إزاء ما يجري في حلب وأخواتها , رغم أن كل المؤشرات والدلائل تؤكد أن الوالغين في الدم السوري لن يتورعوا عن دم أهل الدول السنية الإقليمية المجاورة لسورية مستقبلا , وأن كسر باب الثورة السورية بإجهاضها أو إفشالها سيفتح على الدول العربية السنية نيرانا لن يستطيعوا إطفاءها .

 

 

أما جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي فقد مارست دورها المعتاد "بالتنديد بشدة" بعمليات قتل المدنيين في حلب , وطالبت الوالغين في الدم السوري حتى أذنيهم "المجتمع الدولي" بالتدخل الفوري لوقف ما يحدث بالمدينة !!!

 

 

من جهته اكتفى مندوب مصر في مجلس الأمن بالتعبير عن أسفه من عدم توصل القوى الكبرى لحل الأزمة السورية – حسب وصفه – داعيا كل القوى الفاعلة على الأرض بدعم الاتفاق الروسي الأمريكي الاخير بشأن الهدنة , كما دعا "ديمستورا" للتمهيد للعودة للمفاوضات دون أي شروط مسبقة من جميع الأطراف..... دون أن يشير ولو بكلمة تنديد أو شجب لما ترتكبه روسيا والنظام السوري من مجازر مروعة بحق أهالي حلب !!!!

 

 

ليس واقع ما يجري في حلب الآن هو ما يشير فحسب إلى الهدف المنشود من هذه الهجمة الوحشية على حلب الشرقية , ألا وهو استعادتها بعد قتل كل من تبقى فيها من أهل السنة , بل تواترت الصحف الغربية والصهيونية على التأكيد على ذلك . فذكرت صحيفة نيويورك تايمز أن إستراتيجية النظام السوري وروسيا الحالية في حلب فهي قتل كل الموجودين بالأحياء المؤيدة للمعارضة , بعد ان كانت استراتيجيتهما من قبل : هي جعل الحياة غير محتملة للمدنيين المؤيدين للمعارضة حتى يستسلموا أو يُقتلوا .

 

 

كما أكد تقرير موقع "ديبكا" الاستخباري الصهيوني أن الهجوم الروسي الأخير على حلب يرمي إلى استئصال الثوار من شرق حلب وطرد سكانها المدنيين , وفق خطة تكتيكية ترمي إلى دفع سكانها السنة من المدينة باتجاه الحدود التركية .

 

 

وعلى الرغم من إجماع المحللين السياسيين على أن إجهاض الثورة السورية يعني بالتأكيد مزيدا من التوغل الصفوي في الدول العربية المجاورة , ومع التحذيرات المتتالية من كثير من الإعلاميين والأكاديميين من خطر خذلان الثوار في سورية وتداعياته السلبية الضخمة على مستقبل الوجود السني في المنطقة بأسرها.....إلا أن مسلسل الخذلان ما زال مستمرا !!!

 

 

لقد أشار الكاتب والإعلامي السوري المعروف الدكتور أحمد موفق زيدان إلى شيء من تلك الآثار الكارثية لخذلان الثورة السورية في تغريدة له على حسابه على "تويتر" حيث قال : "ما يحصل في حلب بروفا و توطئة لكل مدينة سنية .. ومن هانت عليه بغداد و كابول ستهون عليه غيرها.. ادفعوا بمضاداتكم الجوية لحماية أنفسكم قبل الشام".

 

 

من جهته حذر الكاتب والحقوقي الجزائري المعروف "أنور مالك" من السكوت عما يدور في مدينة "حلب" السورية، مطالبا بدعم الجيش الحر. وقال "مالك" في سلسلة تغريدات له على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" : "السكوت عن إبادة حلب سيعرض مدننا كلها تباعا لا قدر الله لما هو أبشع وأشنع وأفظع حذار أيها المسلمون حذار أيها العرب اللهم قد بلغت اللهم أشهد". وأضاف "ياعرب ادعموا الجيش الحر بسلاح مضاد للطيران فلا حل سياسي مع الأسد ثم ناموا في بيوتكم وأجزم أنه بظرف قياسي سيهرع بوتين نحوكم لتنقذوه من ورطته".

 

 

فهل من مجيب ؟!!