بعد حادثة الراعي بحلب .. سوريا الثورة المحرمة على أميركا..
15 ذو الحجه 1437
دـ أحمد موفق زيدان

كتبت قبل أيام عما خسرته أميركا من خذلانها للثورة الشامية، ويوماً بعد يوم تتعاظم الخسائر الأميركية في الشام، وكل هذه الخسائر تصب  في صالح خصمها روسيا، فمن كان يظن أن أميركا التي شارك سفيرها روبرت فورد مع بداية الثورة السورية مظاهرات الشعب السوري في حماة، يتم طرد جنودها ومستشارها بالأمس من بلدة الراعي في الريف الحلبي الشمالي، والأغرب والأعجب أن يتم الطرد ليس على أيدي فتح الشام أو أحرار الشام، وإنما يتم الطرد على أيدي أحرار الشرقية وهو التنظيم التابع للجيش الحر والذي لا أحد يستطيع أن يجادل في اعتداله، فضلاً أن يتهمه بالإرهاب والتطرف، ويهدده بالشحن إلى غوانتانامو وغيرها، بل وتصل الجرأة بأحرار الشرقية أن يخرجوا بفيديو مصور يعلنون من خلاله أنهم أوقفوا كل تعاونهم في الحرب على عصابات البي كي كي المدعومة من كل حثالات العالم لسرقة الثورة السورية، والإضرار بتركيا ما لم تنسحب أميركا من الأراضي السورية..

 

ما كان أن يحصل ما حصل بالأمس لولا مسلسل الخذلان الأميركي الذي يتعاظم في نفوس الشعب السوري، والظاهر لا النخب الأميركية تريد الحديث عنه، تماماً كما النخب السياسية السكرى حتى الثمالة بمداعبات صفوية وروسية لهم، مؤثرين الآني على المستقبلي،  وكل ذلك يحصل على حساب مستقبل شعوب ودول ستدفع الأجيال ثمناً باهظاً مما يزرعه ساسة اليوم، فالكل تابع كيف أن أميركا هي من تصر على إخفاء اتفاقها مع روسيا خشية أن ينكشف المستور من موافقتها على بقاء طاغية الشام في  مهمته بقتل من تبقى من الشعب السوري، وتهجير البقية، والإضرار بالدول العربية والإسلامية المجاورة، والأعجب من ذلك كله أن إدارة لم يتبق لها سوى شهرين فقط في الحكم، توصف بكل علوم السياسة الأميركية أنها بطة عرجاء تصر على توريث الإدارة اللاحقة اتفاقاً لم يثر جدلاً وسط السياسيين المعارضين وإنما حتى بين أركان إدارتها فرأينا كيف نشب الخلاف بين البنتاغون والخارجية الأميركية عليه،  وهو ما عرقل طرحه حتى  على مجلس الأمن الدولي ...

 

مسلسل خذلان أميركا للشعب السوري لا يقف عند هذا الحد فقد كشفت مجلة الفورين بولسي عن حجم التضليل  الأسدي لمنظمة السلاح الكيماوي التابعة للأمم المتحدة حيث تبين أن العصابة الأسدية أخفت الكثير من غاز السارين قرب دمشق، دون أن تلوح أو تهدد بمعاقبته، كما مسحت العراق بذريعة كاذبة اختلفتها وهي السلاح الكيماوي، ومن قبل رأينا كيف فشلت أميركا في تجنيد حتى  خمسة عناصر من الجيش الحر، وبعده رأينا كيف  تخلوا عن المشروع كله، بعد أن أسلموا عناصر الجيش الحر الموالين لهم حتى على الحدود الأردنية لطائرات روسية قصفا وتدميرا وقتلا، دون أن يعترضوا أو يردوا..

 

أميركا في سوريا المفيدة وغير المفيدة لن يكون لهم خبز، فقد خسرت سوريا المحتلة من قبل الطائفيين التي هي موالية جغرافياً الآن لروسيا وإيران، بينما خسروا قلوب الأكراد بعد أن رأى الأكراد  كيف باعوهم في أول اختبار لهم مع الأتراك، والآن يتأكد المؤكد كيف أن قوات الجيش الحر لن تقبل بوجود أميركي في مناطقها، كل هذا يؤشر إلى أن هذا الرفض في زمن حاجة الشعب السوري لمن يسانده، سيتضاعف أضعافاً مضاعفة يوم ينتصر الشعب السوري ويتذكر يومها من وقف معه ومن وقف ضده..

 

لكن نهاية مسلسل الخذلان الأميركي هو ما شهدناه أخيراً من انضمامهم إلى جوقة أسد وسدنته في استخدام الشعب السوري المحاصر كرهائن إذ اشترطوا على الروس للتنسيق العسكري معهم إرسال مساعدات إنسانية للمناطق المحاصرة في حلب،  وبالمختصر فما يصرفونه لقاء تعاونهما مع روسيا، إنما  هو من كيس الشعب السوري كما نقول في العامية..