لماذا يخفون حضارتنا ؟!
22 شوال 1437
د. خالد رُوشه

نحن بحاجة لإحياء مفهوم الحضارة الإسلامية , نعم الحضارة الإسلامية بكل معانيها وبمختلف جوانبها , العلمية , والثقافية , والفنية , والمعمارية , والأدبية , والتربوية , والتكنولوجية , والاجتماعية ..

 

 

حضارة الإسلام متكاملة , كلها يسر , وكلها علم , وكلها معرفة وإبداع وإنجازات ..

 

 

حضارة تحتوي الخلاف , وترفض النزاع والشقاق , ترفض الإضرار والإرهاب والظلم والأذى , وتحب الخير للعالم أجمع وللإنسانية جمعاء إذ هي رسالة الرسول الأمين محمد صلى الله عليه وسلم " وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين "..

 

 

بحاجة لنشر حقيقة الحضارة الإسلامية الناجحة الراقية الرائعة .. وهو دور ريادي مهم

 

 

لماذا إذن لا نقدم من تلك الحضارة سوى جانب من الخلاف الفقهي , ومن النزاع الحزبي ؟!

 

 

لماذا يتعمد البعض أن يظهر تاريخ الحضارة الإسلامية بشكل مشوه من الصراعات والنزاعات , والبعض الآخر على جانب آخر لايظهرها إلا في شكل التراجم الفردية ؟!

 

 

هل هناك تعمد ما ألا نظهر جوانب حضارتنا بشكلها المتكامل الصحيح الذي أنتج منتجا متكامل للإنسانية يستطيع الأخذ بيدها نحو الرقي ؟! أميل كثيرا لتصديق تلك المقولة لأسباب مختلفة ..

 

 

فالحضارة هي ذلك المنتج الإنساني من الثقافة المادية واللامادية ومدى تفاعل الإنسان معها , وقد قدمت الحضارات الغربية والشرقية المعاصرة أنواعا مختلفة من الثقافات , ومن النتاج التكنولوجي المادي وأيضا من النتاج الثقافي الأدبي والعلمي .

 

 

الواقع قد أثبت أن نقل التكنولوجيا المادية ممكن إلى حد كبير , واستطاعت بالفعل دول أن تقوم من كبوتها المادية والتكنولوجية في ظرف عدة سنوات ثم هاهي تنافس على التقدم التكنولوجي هي الأخرى ..

 

 

لكن تلك الحضارات قد فشلت – وباعتراف مفكريها – في التفاعل مع الإنسان بحيث تستطيع تطويره الذاتي إلى مستوى أرقى نفسي وروحي وقلبي أرقى ومستوى من العلاقات والصفات الإنسانية الأكثر تميزا ورقيا ..

 

 

إننا لو وضعنا في اعتبارنا أثناء تقييمنا للنتاج الحضاري الغربي , فشلا بائنا في بناء الإنسان , وسجلا ملطخا بالدماء والأشلاء من المستضعفين في جوانب الأرض  , واباحية سلوكية , وفشلا اجتماعيا وأسريا , وصراعا على الكسب والمصالح يتقدم كأولوية في حياة الإنسان  فسيكون من غير المنطقي أن ننتظر منها نجاحا حضاريا متكاملا يمكن أن ينفع البشرية الإنسانية بما يرتقي بأبناء جنسها ..

 

 

 

ويمكننا نحن هنا بنظرة بسيطة وقريبة أن نتحدث عن الصورة الدموية التي بدا بها الفكر الغربي بناء حضارته الحديثة وكيف أنتجت ردود فعل مضادة , إذ إن كل ثقافة صارت تعمل على حماية نفسها , وكل حضارة صارت تعمل على إنقاذ ما تبقى لها من آثار , ظهر ذلك بجلاء في التعامل مع الحضارة الصينية والإفريقية واللاتينية , وكانت جذوة ظهوره مع الحضارة الإسلامية , التي بدا منها مقاومة عنيدة تجاه المشروع الدموي الغربي , يعلن عن صراع حضاري كامل من شتى الوجوه

 

 

ما يدل عن استعصاء تلك الحضارة الإسلامية على الانكسارالهزيمة أو الذوبان كما يعلن عن ميلاد متجدد لها ناتج عن عدم انكسار الظهر , بل تقويته بما تلقى من ضربات ويظهر من جانب آخر باد عن قوة مكتومة بها ما تلبث أن تعود قدرتها من جديد .
الحضارة الإسلامية إذن لديها ما تفتقده تلك الحضارات , لديها القدرة على بناء الإنسان , وترقيته نفسيا وروحيا وقيميا , لديها القدرة على إنتاج نوع من الإنسانية يصلح الحياة الإنسانية والوجود الإنساني لايسحقه ولايستخدمه كمادة خام للكسب والسيطرة !

 

 

 

يمكننا أن نتحدث من جهة أخرى عن النتاج الأدبي والثقافي الغربي والشرقي , وكيف حاولت تهميش الآخر عن طريق تقسيم البشر لدرجات ومستويات , وتقليل قيمة موروثاتهم الحضارية التي يعتزون بها , وتصغير حجم المبادىء والقيم التي توارثتها الشعوب في مقابل القيم والمبادىء الخاصة بهم , وهو بذاته ما اصطدم بشدة مع النموذج الحضاري الإسلامي الذي يدعو إلى التعايش الإنساني واحترام الآخرين , والمساواة بين حقوق الناس أجمعين .

= يتبع