القتل الحلال والدفاع الحرام
23 شوال 1437
منذر الأسعد

لم يكتفِ الغرب الحقود بـ"متعة" مشاهدة حروب الإبادة التي يشنها المجوس الجدد علينا، وخاصة في الشام والعراق؛ وإنما أضاف إلى جريمته هذه جريمتين أخريين في السياق نفسه الذي يفضح حقيقته ويسقط تجارته بالشعارات الإنسانية والحضارية.... أولاهما: حرصه الشديد على منع الناس من الدفاع عن أنفسهم وترك طاغية الشام ما يقرب من 6 سنوات يفتك بملايين السوريين بكل ما في ترسانته من أسلحة قتل بما فيها أسلحة الدمار الشامل الممنوع استخدامها في الحروب بين الجيوش!! وكذلك ترك الحشد الطائفي الصفوي في العراق يبيد أهل السنة باسم محارية داعش، ثم يكافئه عميلهم العبادي مؤخراً بضم هؤلاء القتلة إلى القتلة الطائفيين في الجيش الذي يسيطر عليه الصفويون الممتلئون حقداً ووحشية. ويبصم ما يسمى "رئيس الجمهورية" فؤاد معصوم-ربما هو معصوم من الصواب- على إعدام 3000 عراقي جميعهم من أهل السنة، مع أن الأحكام-باعترافه المعلن- صدرت لأسباب طائفية وغير حقيقية!!

 

الجريمة الأخرى التي اقترفها الغرب تتمثل في مشاركته الفعلية في قتلنا، عندما استشعر عجز عملائه عن أداء وظيفتهم القذرة كما ينبغي، ففي سوريا والعراق يقتل الطيران الغربي عشرات المدنيين يومياً، علماً بأنهم في سوريا سمحوا للروس بنجدة العميل بشار بأحدث أسلحتهم، وهو ما لم يسمحوا لهم به في ذروة الحرب الباردة بين المعسكرين الشيوعي والرأسمالي!! فلو أن موسكو أرسلت طياريها إلى سوريا قبل انهيار الاتحاد السوفياتي، لتكررت قصة الإذلال الأمريكي لروسيا في خليج الخنازير في كوبا مطلع الستينيات من القرن الميلادي الماضي، فقد أجبرت واشنطن روسيا على سحب صواريخها التي نصبتها لحماية نظام كاسترو الماركسي الموالي لها.

 

بين الإرهاب وإطلاق النار

في مقابل ذلك، ارصدوا هياج الغرب عند كل عملية إرهابية تقع فوق أراضيه.. فهي لا توصف بأنها إرهابية إلا إذا كان الفاعل منتسباً إلى الإسلام، ولو بالوراثة فقط، مثلما تبين عن مرتكب جريمة نيس بفرنسا!! فهو سكير عربيد لا يصوم ولا يصلي!!

 

ووجمت أبواق الغرب عند وقوع جريمة ميونيخ عندما اتضح أن المجرم متنصر وأنه مجوسي الأصل وأن 8 من ضحاياه التسعة مسلمون!!

 

واستفز هذا القبح العاري الصحافي البريطاني الشهير روبرت فيسك، فكتب مستنكراً انتقائية الغرب ودجل إعلامه..

 

قال فيسك في مقال بصحيفة إندبندنت:

إن كلمة "إرهاب" أو "إرهابي" أصبحت النغمة المميزة لكل سياسي سطحي وشرطي وصحفي وباحث مهووس في العالم.

 

وأشار إلى مسارعة الشرطة الألمانية في ميونيخ والإعلاميين في محطات "بي بي سي" و"سي أن أن" وفوكس نيوز إلى وصف إطلاق النار في ميونيخ بأنه كان "عملا إرهابيا"، وأردف بأن هذا يعني أن من أطلقوا النار كانوا مسلمين، وبالتالي اشتبه فيهم بأنهم من تنظيم الدولة الإسلامية (أو على الأقل تحركوا بوحي منه).

 

وتبين بعد ذلك أنه كان شخصا واحدا فقط أصيب بهوس القتل الجماعي، وأنه من مواليد ألمانيا وإن كان من أصل إيراني، وفجأة تحولت عبارة "مطاردة لمكافحة الإرهاب" إلى مطاردة بحثا عن "مطلق نار" منفرد، حتى أن صحيفة بريطانية كررت الكلمة 14 مرة في فقرات قليلة، وهذا يعني أن كلمة "مطلق النار" تستعمل في حالة كان القاتل الجماعي ليس مسلماً.

 

وأضاف فيسك أن هوية المسلمين في أوروبا يتم تجنبها إذا كانوا ضحايا ولكنها تكون ذات أهمية سياسية كبيرة إذا كانوا قتلة، أما في كابل عندما يكون الضحايا والقتلة مسلمين فإن أزمتهم تكون ذات هوية دينية وليست ذات أهمية في الغرب، وتوصف مثل هذه المذابح الدموية بـ"مصطلحات فقر الدم".

 

وختم فيسك بأن الأمر في النهاية ينتهي إلى نفس النتيجة، بمعنى أنه إذا هاجمنا المسلمون فهم "إرهابيون"، وإذا هاجمنا غير المسلمين فإنهم "مطلقو نار"، وإذا هاجم مسلمون مسلمين آخرين فإنهم "مهاجمون".

 

اقتلوا رئيسكم المنتخب

كل هذا السجل المخزي لا يشفي غليل الغرب الحقود!!

فها هو إعلامه يحرض على قتل الرئيس التركي بصورة مقززة، بينما يمارسون أشد الضغوط على السوريين للقبول بمجرم سادي متوحش أهلك الحرث والنسل ودمَّر سوريا تماماً لحساب تل أبيب وقم!!

 

فقد كتب الصحفي البريطاني تيم مارشال في التلغراف داعياً الجيش التركي إلى ضرورة اغتيال رئيس الجمهورية في الانقلاب المنتظر، من خلال تعليله فشل المحاولة الانقلابية الأخيرة بعدم قتل أردوغان!!

 

وهي دعوة تتناقض مع ادعاءات الغرب وشعاراته الزائفة، ولو أن عربياً كتب في زاوية ميتة بأحد مواقع التواصل الاجتماعي يدعو إلى اغتيال وزير في بلد غربي، لقامت قيامة الغرب المنافق ولم تقعد.

 

ومبعث خطورتها أنها تأتي في سياق حملة مسعورة تجتاح الإعلام الغربي كله تقريباً، لشيطنة أردوغان والدفاع عن الانقلابيين المجرمين.

 

وبلغ الغيظ لدى بعض الأقلام النجسة هناك حد شتم الشعب التركي كله ووصفه بأنه قطيع، حنقاً منهم على وحدة الأتراك في رفض حكم العسكر وليس من أجل أردوغان..كما أعرب إعلاميون غربيون كثر عن استيائهم من التفاف أحزاب المعارضة التركية مع الحزب الحاكم لحماية النظام الدستوري في البلاد.