الغرب يحمي الأسد المجرم ويسعى لخلع أردوغان المنتخب
11 شوال 1437
منذر الأسعد

أكتب الآن قبيل الفجر بمدينة الرياض، حيث بدأت بوادر عدة تشير إلى فشل المحاولة الانقلابية التي قام بها قسم من الجيش التركي على النظام الدستوري في البلاد.

 

 

 

الانقلاب فاجأ الجميع الذين ظنوا أن الانقلابات العسكرية في تركيا أصبحت جزءاً من التاريخ، لكن هؤلاء أغفلوا التآمر الخارجي عبر شراء ضمائر بعض القيادات العسكرية، والموقف الأمريكي الوقح الذي أعلنه عضو متطرف في الكونغرس تعبيراً عن قرار رسمي غير معلن لئلا يصبح مجالاً للمؤاخذة،لأن  تبنيه علانية يهتك آخر أوراق التوت عن سوءة البيت الأبيض راعي الانقلابات منذ حسني الزعيم في سوريا سنة 1949م حتى اليوم!! وقد اتهم اردوغان الأمريكي من أصل تركي فتح الله غولان بأنه وراء المحاولة.وغولان يحظى بحماية أمريكية واضحة، وسبق أن اكتشفت السلطات محاولات سابقة أجهضتها في مهدها، وسيق جنرالات متقاعدون وآخرون على رأس عملهم، سيقوا إلى أمام محاكم مدنية لأول مرة في تاريخ تركيا الجمهورية!!

 

 

المثير في الأمر أن الغرب تريث ساعات قبل أن يضطر إلى التظاهر برفض الانقلاب بعد أن ظهرت معالم فشله!! فما الذي أفشله؟

 

 

من مجريات الأحداث يتضح أن الفشل شبه المؤكد للمحاولة الانقلابية، يرجع إلى تضافر جملة من المعطيات، أولاها أن أكثر القادة العسكريين الكبار ليسوا مع الانقلاب، كما أن الناس نزلوا إلى الشوارع بكثافة استجابة لدعوة الرئيس التركي للتظاهر رفضاً لأي حكم عسكري.فقد امتلأت الساحات الكبرى في المدن المختلفة بحشود غاضبة،بالرغم من وقوع إصابات قليلة وطفيفة في صفوفهم.

 

 

 

 وأثبتت هذه الليلة الساخنة أن الطبقة السياسية التركية اليوم طبقة ناضجة وتختلف جذرياً عن أسلافها في زمن الانقلاب الأخير في البلاد، والذي قام به كنعان إفرين سنة 1980م.
فقد أعلن زعماء الأحزاب المعروفة بمعارضتها الشرسة لحزب العدالة والتنمية الحاكم، عن رفضهم المبدئي والمطلق للانقلاب، بمن فيهم رئيس حزب الشعب الأتاتوركي!!

 

 

هذه المعطيات مجتمعة فرضت على الغرب المنافق عدم الترحيب بالانقلاب، وهنا تسقط أسطورة حرصه على الديموقراطية، وإن كان الساسة الغربيون لا يكترثون بالمعايير الأخلاقية، وإلا فكيف يتآمرون على رئيس منتخب مثل أردوغان، ويوفرون حماية مذهلة لطاغية الشام الذي يقتل شعبه منذ ما يقرب من 6 سنوات؟!

 

 

 

والأنكى أن دافعهم الرئيسي لمحاولة التخلص من أردوغان بهذه الطريقة الفجة، إنما يرجع إلى موقفه المؤيد للشعب السورية ضد طاغيته!! مع أنه في المدة الأخيرة اضطر إلى تقديم تنازلات مؤلمة في سياسته الخارجية،فقد استرضى موسكو،وأعاد تطبيع علاقات أنقرا بالكيان الصهيوني.وربما كان نجاحه في إصلاح علاقاته بروسيا أزعجت واشنطن،التي كانت تراهن على خنقه دبلوماسياً واقتصادياً،  ففاجأها بالانقلاب على نفسه،بالرغم من أن ثمن خطوته مع بوتن كان باهظاً بالنسبة إلى صورته في تركيا وفي المحيط الإسلامي.

 

 

 

فإذا انتهت المحاولة الانقلابية بالفشل كما تدل الظروف حتى الساعة، فإنه سيزيد من مناعة تركيا ضد حكم العسكر، وسوف يعزز صوت الشعب التركي وثقته بنفسه،الأمر الذي قد ينهي أحلام الغرب المنافق، الذي كان يحرِّك عملاءه في الجيش كلما تطلبت مصلحته ذلك.