الفكر المنحرف ... عدو الأمة الأخطر
20 رمضان 1437
تقرير إخباري - محمد الشاعر

لقد فزع المجتمع السعودي والعالم الإسلامي بأسره من هول بشاعة وشناعة الجريمة النكراء التي ارتكبها اثنان من منتسبي الفكر الداعشي التكفيري المنحرف بحق أقرب الناس لهما وأكثرهما إحسانا إليهما : والديهما .

 

 

والحقيقة أن هول الصدمة وعظم الفاجعة أصابت جميع طبقات المجتمع في المملكة , فما أقدم عليه كل من الشقيقين التوأمين (خالد وصالح) ابني إبراهيم بن علي العريني من مواليد ١٤١٧هـ من طعن كل من والدتهما البالغة من العمر (٦٧ عامًا)، ووالدهما البالغ من العمر (٧٣ عامًا)، وشقيقهما سليمان البالغ من العمر (٢٢ عامًا)، وذلك بمنزلهم في حي الحمراء بمدينة الرياض؛ ما نتج منه مقتل الأم - رحمها الله - وإصابة الأب وشقيقهما بإصابات خطيرة؛ نُقلا إثرها في حالة حرجة للمستشفى ...... لا يمكن أن يوصف بأنه مخالف لأبسط فرائض الإسلام الذي يأمر ببر الوالدين والإحسان إليهما فحسب , بل ومناقض لما فطر الله تعالى عليه الإنسان من حب الوالدين والميل للذود ودفع الأذى بكل أنواعه عنهما .

 

 

إن أصغر طفل في الإسلام وأحدث معتنق جديد لدين الله الخاتم يعلم مدى تواتر آيات القرآن الكريم وسنة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم في الحض على بر الوالدين والتأكيد على واجب الإحسان إليهما , ويكفي أن الله قد قرن واجب بر الوالدين بعبادته سبحانه وتعالى : { وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا .....} الإسراء/23

 

 

وإذا كان كتاب الله تعالى لم يجد أقل من كلمة "أف" للتحذير من عقوق الوالدين , وهو ما يعني أن ما فوقها من جميع أصناف العقوق اللفظية والفعلية أشد حرمة و أكبر جريمة عند الله تعالى , فماذا يمكن أن يكون حال من يقدم على قتل والديه في ميزان كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم !!!

 

 

لا يمكن لمسلم صحيح الإيمان والإسلام أن يتخيل أو يتصور أن يقدم منتسب لهذا الدين الحنيف على شتم والديه أو ضربهما أو استعمال العنف ضدهما فضلا عن أن يقدم على قتلهما عياذا بالله سبحانه !!!

 

 

لقد انتفض الشباب السعودي والمسلم على مواقع التواصل الاجتماعي , يعبر عن رفضه واستنكاره واستهجانه لهذه الجريمة المروعة , وغرد الآلاف على وسم #داعشيان_يقتلان_والديهم معبرين عن صدمتهم ودهشتهم من هذا الفعل المنافي لأبسط أوامر دين الله , ومؤكدين أن الحادثة وإن لم تكن الأولى من نوعها على المستوى المحلي والإسلامي , إلا أنها تبقى وبكل تأكيد حادثة غريبة عن قيم وأخلاق المجتمع العربي والسعودي المسلم .

 

 

نعم ....لقد تكررت أمثال هذه الحادثة المفجعة في المملكة وما حولها من ديار الإسلام , فهذا يغتال ابن عمه غيلة وغدرا , وآخر يقترف إثم قتل والدته بعد أن اتهمها من خربوا عقله بالردة , وثالث يقتل خاله بتهمة زائفة ....... إلا أن الملاحظ أن القاسم المشترك بين جميع هذه الجرائم البشعة هو صدورها من أشخاص يتبنون فكرا ضالا ومنحرفا لا يمت إلى دين الله بصلة أبدا يسمى "الفكر الداعشي" .

 

 

ومن المعروف أن الفكر الداعشي أقرب ما يكون إلى فكر فرقة ضالة ومنحرفة معروفة ومشهورة في تاريخ الإسلام هي "الخوارج" , بل يمكن القول بأن الفكر الداعشي الذي يرتكب هذه الكبائر العظام قد نافس أشد فرق الخوارج تطرفا وانحرافا ليس في الفكر بإخراج الناس من دين الله أفواجا واتهامهم بالردة والخروج من الملة فحسب , بل وفي ممارساته وجرائمه البشعة التي يندى لها جبين الإنسانية فضلا عن الإسلام .

 

 

ومن هنا فإن هذا الفكر المنحرف الضال بات اليوم أشد خطرا على الأمة من ألد أعدائها , بل ليس من المبالغة في شيء القول : بأن الدواعش باتت اليوم الأداة الأفضل لأعداء الأمة للنيل من ديار الأمة وأبنائها وهويتها السنية , والذريعة التي يتستر بها أعداء الأمة لاغتصاب ديار أهل السنة , وسفك دماء أبنائها , ولعل ما يجري في العراق وسورية باسم محاربة "إرهاب داعش" خير شاهد على ذلك .

 

 

لقد فطن كثير من علماء الأمة ودعاتها إلى خطر الفكر الداعشي على أبناء الأمة مبكرا , وحاولوا جاهدين التحذير من تسلل هذا الفكر إلى الفتيان والشباب والناشئين , نظرا لإدراكهم عظم الكوارث والمآسي التي يخلفها هذا الفكر المنحرف على الأمة أفردا ومجتمعات .

 

 

ومن هنا يمكن قراءة تغريدة أ . د . ناصر العمر تعليقا على جريمة الدواعش البشعة بحق والديهما , حيث وضع يده على بيت الداء ومكمن الخطر فقال : جريمة الحمراء مثال مفجع لما يصل إليه انحراف الفكر، إذ يفتن الرجل في دينه حتى يقتل ، تدينا، أقرب الناس إليه "أفمن زين له سوء عمله فرآه حسنا"
وفي تغريدة أخرى اقترح الشيخ العمر العلاج المناسب لهذا الداء الخطير فقال : جريمة حي الحمراء نتيجة لفكر ضال منحرف، علاجه التمسك بالوحيين ، ونشر العلم الشرعي ، وتلقيه عن العلماء الربانيين، ومعالجة أسبابه وبواعثه بتجرد .

 

 

والحقيقة أن الكثير من المغردين تحت وسم : #داعشيان_يقتلان_والديهم عبروا عن ضرورة مواجهة هذا الفكر المنحرف الذي تسبب بهذه الجريمة البشعة , فقد غرد صاحب حساب عبد الله السويلم : فكر الخوارج مزعج للأمة ، فينبغي التحذير منه كل وقت .

 

 

كما غرد حساب لافي بن محمد الحنيني : على وزارة الإعلام دور كبيرجداً في محاربة هذا الفكر بوضع برامج وافلام تبين خطورة هذا الفكر الضال وأسباب الإنحراف .
وأضاف : على الأباء وقادة التعليم والمختصين وخطباء الجوامع دور كبير ومهم في محاربة هذا الفكر!!

 

 

لم يكن المغردون على "تويتر" وحدهم من وضع يده على بيت الداء والسبب الرئيس في حدوث مثل هذه الجريمة المروعة , وضرورة و وجوب مواجهته بكل الوسائل الممكنة والمتاحة , بل يمكن القول بأن المجتمع بأسره بات يجمع على ذلك وإن لم يغرد على "تويتر" .

 

 

ولعل فظاعة الحدث وهول وقعها على نفس و روح الشاعر المعروف الدكتور عبد الرحمن العشماوي دفعته دفعا لكتابة قصيدة عبر فيها عن مدى استهجانه واستنكاره لما حدث, كما أكد في بعض أبياتها : أن الفكر المنحرف الضال هو من أوصل هذان الولدان لاغتيال من كانا سبب وجودهما في هذه الحياة فقال مخاطبا إياهما :

 

 

الأمُّ والأبُ أيّها المتهوّرانْ؟!
يا قُبْح فعلِكما وماجنَت اليدانْ!

 

مَن باعَ عقلَكما ومَن أعطاكما
هذي النفوسَ المُشْرَئبّةَ للهَوانْ؟

 

ومَن الذي عن دينِنا أقصاكما
فرقصْتما بالوهمِ رقْصَ البهلوانْ

 

مَن سرّبَ الوَهمَ الكبيرَ إليكما
ومَحجّةُ الإسلامِ مُشرقةُ البيانْ؟

 

أبَواكما وأخوكما يابِئْسما
فعلَ التداعُشُ أيّها المتطرّفانْ