هزة داخل الإدارة الأمريكية
19 رمضان 1437
تقرير إخباري ـ خالد مصطفى

في سابقة قد تكون الأولى من نوعها في تاريخ الإدارة الأمريكية أرسل أكثر من 50 دبلوماسيا أمريكيا رسالة تستنكر بشدة الطريقة التي تعتمدها إدار الرئيس باراك أوباما في التعامل مع الملف السوري الشائك والمتصاعد منذ 5 سنوات...

 

وطالبت الرسالة  بتوجيه ضربات عسكرية ضد حكومة الرئيس بشار الأسد لوقف انتهاكاتها المتكررة لاتفاق وقف إطلاق النار.. وقال مسؤول أمريكي قرأ الرسالة: إنها تعبر عن وجهة نظر المسؤولين الأمريكيين الذين يعملون بشأن الملف السورى ويعتقدون أن السياسة التى تنتهجها إدارة أوباما غير فعالة.. وأضاف: "باختصار تود المجموعة طرح خيار عسكرى ليضع بعض الضغط...على النظام (السورى)"...

 

موقف الإدارة الأمريكية من الرسالة النادرة لم يكن غاضبا أو منفعلا كما توقع البعض, بل اعتبرها وزير الخارجية جون كيري أنها رسالة جيدة جدا وهو ما يشير إلى شعور الإدارة الأمريكية بغرابة موقفها من الملف السوري ومحاولتها امتصاص الغضب الذي بدأ يصل لأول مرة إلى داخلها ويعلن عن نفسه بشكل واضح...

 

كيري التقى عشرة دبلوماسيين أميركيين من بين الذين وجهوا الرسالة وقال المتحدث باسم الخارجية الأميركية جون كيربي :إن كيري التقى عشرة من كاتبي المذكرة في جلسة مخصصة بشكل رئيسي للاستماع، وأبدى وجهة نظره في الجلسة التي استغرقت نحو ثلاثين دقيقة...وأضاف كيربي-الذي لم يكشف نفاصيل ما دار في اللقاء- أعتقد "بأن وزير الخارجية شعر بأن المحادثة جيدة، وكان يجب أن تحصل". مشيرا إلى تقدير كيري وجهة نظر الدبلوماسيين الذين يعملون في المقر الرئيسي لوزارة الخارجية بواشنطن، وإدلائه بمعلومات عن سياسة واشنطن في سوريا..

 

لكن المتحدث كرر شعار الدبلوماسية الأميركية بأنه "لا حل عسكريا للنزاع السوري"، وقال سيكون "من التهور واللامسؤولية (...) عدم النظر في جميع الخيارات"...البعض يرى أن الرسالة لن تؤدي إلى تغير في موقف الإدارة الأمريكية تجاه نظام الأسد لاكثر من سبب من أهمها أن إدارة أوباما تستعد للرحيل حيث توشك مدة الرئيس أوباما الثانية على الانتهاء والمعتاد في مثل هذه الظروف أن الإدارة الأمريكية لا تتخذ قرارات مصيرية وتترك الأمور للإدارة الجديدة...في نفس الوقت إدارة اوباما اتخذت موقفها من الملف السوري انطلاقا من عدة اعتبارات وضعتها أمامها على رأسها عدم خسارة مصالحها مع إيران التي ترى واشنطن انها أصبحت لاعبا اساسيا في عدة ملفات هامة في المنطقة..

 

ولكن لهذه الرسالة العديد من الدلالات التي تبين مدى غرابة الموقف الأمريكي مقارنة بالتصريحات الدائمة التي تصدر من واشنطن عن حقوق المدنيين وضرورة حمايتهم وموقف أمريكا المختلف تماما من ملفات شبيهة...إن ترك نظام الأسد بمشاركة آلتين عسكريتين في حجم روسيا وإيران ليفترسوا البقية الباقية من الشعب السوري  مع وجود قوات أمريكية على مقربة من المشهد تركز دورها ـ كما تقول ـ في محاربة تنظيم داعش يفجر العشرات من علامات الاستفهام ليس فقط خارج أمريكا بل داخل أركان الإدارة الأمريكية نفسها بما يعني أن الحسابات التي وضعها أوباما لتبرير موقفه لم تعد نتائجها مرضية حتى داخل إدارته فما بالك بالشعب الأمريكي الذي انتخبه..

 

أمريكا قادمة على رئيس جديد وبصرف النظر عن كون هذا الرئيس من الحزب الجمهوري أو الديمقراطي يبدو أنه أصبح من المستحيل ان تظل سياسة واشنطن تجاه الملف السوري على هذا النحو الذي لم يعد مفهوما على جميع المستويات في الداخل والخارج والذي يعتبره البعض تهديدا لمصالح أمريكا في المنطقة خلال السنوات القادمة.