27 رجب 1438

السؤال

تجري على ألسن بعض الناس دعاء هذا نصه: أوصيك يا ربي بفلان أحسن إليه وما أشبه ذلك؟ فما مدى صحة هذا الدعاء بهذه الوصية؟ جزاكم الله خيرا.

أجاب عنها:
عبد الرحمن البراك

الجواب

الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، أما بعد:
فهذا دعاء مبتدع؛ فلم يرد في الكتاب ولا في السنة ولا عن أحد من السلف الوصية من العبد لربه أن يفعل كذا، أو لا يفعل، وإنما الذي ورد هو الوصية من الله لعباده بما يحب منهم أن يفعلوه، ووصيته تعالى هي أمر منه، وقد ورد لفظ الوصية مسندا إلى الله في تسع أو عشر آيات؛ ومن ذلك قوله تعالى: (يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ)، وقوله: (وَصِيَّةً مِّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ)، وقوله: (ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ)، وقوله: (ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)، (ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)، (وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا)، إلى غير ذلك من الآيات، والمفهوم من لفظ الوصية أن الموصي أبرُّ وأرحمُ بالموصَى به وأكملُ عناية به من الموصَى، وهذا المعنى لا يليق بالعبد مع ربه؛ فإن الله تعالى أرحمُ بعبده من والديه به، ولهذا قال تعالى: (يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ)، وإنما الذي يليق بالعبد أن يسأل ربه المغفرة والرحمة وغير ذلك من المطالب لمن يحب من الناس، (رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ)، (رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ)، (رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا)، (رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاَةِ وَمِن ذُرِّيَّتِي)، إلى غير ذلك من الآيات، والله أعلم.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.