26 شعبان 1437

السؤال

فضيلة الشيخ، سؤالي عن حكم وقف المصحف عن الميت والقراءة فيه في شهر رمضان وغيره بنية نفع الميت، وإشراكه في الأجر، فما رأيكم في هذا العمل؟ وهل المقصود في الحديث: (أو صدقة جارية) من الميت أو من غيره؟ بارك الله فيكم.

أجاب عنها:
عبد الرحمن البراك

الجواب

الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله، أما بعد:
فإن ظاهر الحديث المشار إليه، وما فيه من الأمور الثلاثة المذكورة أن المراد بها ما كان من عمل الميت؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (انقطع عمله إلا من ثلاث)، وقد اختلف العلماء فيما يصل إلى الميت من سعي غيره من الأحياء، والصحيح أن ما يصل إليه هو أثر الدعاء، وثواب الصدقة، والحج، على خلاف فيما يصل إليه من ثواب الحج؛ أهو ثواب النفقة أو ثواب فعل المناسك، وكذا الصوم الواجب؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (من مات وعليه صوم صام عنه وليُّه).
وأما وقف المصحف أو غيره من كتب العلم فهو من نوع الصدقة، ويرجى أن يصل إلى الميت أجر ثمن المصحف، وأما أجر التلاوة فللتالي، لا للميت الذي وقف المصحف عنه؛ لأن الراجح عندي أن تلاوة القرآن كالصلاة لا تفعل عن الميت، ولا يهدى ثوابها؛ لأن ذلك لم يرد عن الرسول صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من أصحابه، والذي أوصي به لنفع الميت هو كثرة الدعاء؛ لأنه الذي جاء عن الأنبياء، قال نوح عليه السلام: (رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَن دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ)، وقال إبراهيم عليه السلام: (رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ)، وأمر الله بذلك نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم فقال: (وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ). والله أعلم.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
أملاه عبد الرحمن بن ناصر البراك لسبع بقين من شعبان 1437هـ.