رمضان النازف

ليس كأي رمضان مر علينا , الأمر اليوم ختلف !
الفرحة مرتدية ثوبا أسود , والطريق منكسر ومنعطفاته حزينة

 

 

بلادنا الإسلامية التي اعتادت أن تتوشح بوشاح السعادة ليلة رمضان , لم تعد كذلك , والآباء المتعودون شراء حاجيات رمضان بصحبة ابنائهم الصغار نظراتهم منكسرة أمام أبنائهم , والشوارع التي اعتادت أن تتزين بالاضواء والفوانيس اختارت أن تتوارى عن السائرين , فلم يعد هناك طريق يسمح بالمرور !

 

 

لطالما انتظرناه , لكننا ما ظننا أن يأتينا نازفا , حزينا متالما , فالمسلمون في بورما يحرقون ويهجرون , ويقتلون على الهوية , والمسلمون في الصين في الايجور يستقبلون اول لياليه بصرخات مكتومة , وظلم عميم , وإخوانهم في تركستان وغيرها يعانون الدكتاتورية والبغي , والمسلمون في سوريا يتعدى عدد موتاهم المئة وعشرين ألفا , ويتعدى المصابون نصف مليون مصاب , والمهجرون بالملايين ..

 

 

 

مصرنا حزينة كئيبة ذهبت أفراحها , وكثرت جنازاتها كل يوم , ويمننا متفرقة , وعراقنا اسيرة كسيرة محتلة بين ايدي الرافضة والأمريكان ...

 

 

فالعلمانية والليبرالية فجرت في خصومتها , وهاهي تعلن أعمال العنف المباشر تجاه الإسلاميين في مصر , وكشفت قناعها الذي توارى خلف دعاوى الحرية الزائفة , وهاهي تحصد مئات القتلى في صفوف الإسلاميين مع آلاف الجرحى عبر عدة اسابيع , ثم هاهي تقوم بخلع رئيس منتخب والعودة بالبلاد إلى حال العلمانية الاول الذي اردى البلاد واضر بالعباد , وقل مثل ذلك في تونس وغيرها

 

 

وفي وقت تعلو صيحات الثكالى في سوريا ومصر وغيرها , ينادم أغنياؤنا كؤوس الغفلة في بلاد الغرب تارة , وفي قصورهم تارة , ويجتمع ابناء البلد المسلم الواحد على دعاة الإسلام ليعيدوهم إلى السجون والمعتقلات ..

 

 

 

كل ذلك بتفصيل وتخطيط وترتيب وإشراف غربي صهيوني , ابى أن يدع بلادنا تنعم بنعيم الاستقرار والأمن والعدل ولو لفترة قصيرة .

 

 

 

إن رمضان هذا العام جاء ليذكرنا – أكثر من اي عام مضى – بحقيقة مواقفنا , ومدى تراجعنا , وتخلينا عن مسئوليتنا في حمل الرسالة وتبليغ الأمانة ونصح الأمة , لكأنه جاء ليفضح عجزنا وضعفنا وخورنا , وركوننا للترف وتثاقلنا للأرض , وميلنا نحو الراحة والتنعم , مع ترك المسئولية , وحمل هم آلام الأمة .

 

 

 

ياتينا رمضان ليوقظنا من غفلتنا , ويبصرنا بطريقنا , لاستعادة حضارتنا , والتمسك برسالتنا الحضارية السامية , فلنجعل منه بداية توبة واستغفار , وتبصر واستبصار , وائتمار على الخير والمعروف , فلعله يرحل عنا عند نهايته بأمل معقود وغد مولود ..!