إخواننا في الغوطة.. إذا انكسر شيء.. سيصعب جبره.. فاحذروا؟!
2 شعبان 1437
دـ أحمد موفق زيدان

ترددت وأتردد في الكتابة عن الغوطة حيث فسطاط المسلمين كما أطلق عليها نبينا عليه الصلاة والسلام، وهذا يجعل ما يحصل هناك من اقتتال بين فصائل المجاهدين يهمُّ المسلمين بشكل مضاعف، فهي فسطاطهم، ووجه التردد في الكتابة هو السرعة العجيبة في تقافز البعض على تصنيفك مع هذا الفصيل ضد الآخر، فالقولبة  والعولبة جاهزة عند بعضهم، ومن ليس معنا فهو ضدنا، ثنائية ربما تعلموها من نظام البعث الأسد أو لا أحد، بينما دماؤهم بالنسبة لنا  سواء، لا فرق بين جيش وفيلق وغيرهما.

 

على مدى الثورة السورية ومن قبلها التجربة العراقية يحلو للبعض تصنيف أهل السنة بين طغاة وبغاة وغلاة ومرجئة ومدخليين ووو، ومن قبل صداميين وتكفيريين وزرقاويين وقاعديين وبعثيين وسلفيين ووهابيين، ومرجئة ومدخليين ووو، ولا أدري ماذا تبقى من أهل السنة بعد كل هذا التصنيف بينما نقرأ في كتاب ربنا "هو سماكم المسلمين".

 

أما الطرف الآخر فترى هذه التصنيفات محرمة عنده تماماً، على الرغم من التباين والخلاف بينهما، جمعهما باطلهم،  وقتلهم لنا، وفرقنا حقنا وجهادنا ضدهم..

 

الاقتتال الحاصل في الغوطة ما كان له أن يحصل لولا الفتاوى الشرعية التي سيبوء بإثمها كل شرعي من كلا الفصيلين ومن خلفهما من يفتي لهما ، ممن زيّن الباطل والاقتتال بين المجاهدين، بينما يعلم هو وغيره كما أفتى الشيخ كريم راجح وغيره بأن القاتل والمقتول في النار، حتى أن بعض الناشطين نقلوا عن القيادة السياسية والعسكرية لكلا الفصيلين قولهما أن المشكلة في شرعيي الطرفين، وأقول للشرعيين ماذا سيكون موقفكم حين تتفق القيادة السياسية والعسكرية لكلا الفصيلين، أين ستذهب فتاويكم بتخليدكم لهذا الطرف في النار ورفع الآخر إلى الفردوس الأعلى في مهمة تألّي واضحة جلية على الله تبارك وتعالى ..

 

المسؤولية اليوم على الداعمين والممولين والمتنفذين في الخارج على الفصيلين، فهم شركاء في الأجر وفي الوزر أيضاً، وهم شركاء في الدم أيضاً هدراً وإراقة، أو عصمة ومنعاً، فعليهم أن يكفوا عن وصم هذا الفصيل أو ذاك بما يبرر قتله وقتاله، فالشعب لن ينسى كل من تخاذل عن نصرته بعدم الضغط على هذا الفصيل أو ذاك ليرعوي عن غيه، وذلك  بأن يتقي الله تبارك وتعالى في هدر الدماء، فهذه الدماء أمرها عظيم، ولا يزال المؤمن في فسحة من أمره ما لم يُصب دماً حراماً..

 

الأمر الأخير الذي أراه حلاً سريعاً ومنطقياً في الغوطة، إن تعذر اتفاق الإخوة المجاهدين لا سمح الله ولا قدر، فهو الدعم المباشر للنخب المشيخية الوسطية التي أثبتت حياديتها في هذا الصراع ودعم كل مؤسسات المجتمع المدني المؤيدة والمناصرة للثورة في الغوطة وكلها بفضل الله كذلك، فهؤلاء هم بيضة القبان وهم بوصلة الثورة وهم صمام أمان الثورة، وملحها،  وهم قادرون بفضل الله على لمّ الحاضنة الاجتماعية وتوجيه البوصلة من جديد ضد الاحتلالين الروسي والإيراني وحثالاتهما الطائفيين.

 

أخيراً تذكرة لكل إخواننا المتقاتلين نحبكم جميعاً، لا فرق بين جيش على فيلق، ولكن نقول لكم إذا انكسر شيء، يصعب جبره، ولا تكسروا أنفسكم وتكسروا قلوب محبيكم، وكسر قلوب المؤمنين خطير في الدنيا والآخرة لا سيما إن كان الكسر يتعلق بالدماء والأموال والأعراض..