منار السبيل إذ أضاء مسجدنا عُمراً
27 رجب 1437

الحمد لله، الذي قال: "يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات"، وصلاة وسلاماً على معلم الناس الخير القائل : "من يرد الله به خيرا يفقه في الدين"؛ فنحمد الله تعالى على فضله ونعمه التي لا نحصي لها عددا ولا نقدر لها حصرا..

 

 

ومن أجل النعم وأكبر المنن أن ييسر الله جل وعلا للمسلم سلوك طريق العلم والفقه في الدين؛ فهو علامة من علامات السعادة العاجلة والآجلة، ودليل على إرادة الله تعالى بالمسلم خيرا في دنياه وآخرته، وهذه لايدركه على التفصيل إلا من علم بالشرع ولازم الكتاب والسنة .

 

 

 

 وقد منَّ الله تعالى علينا في مسجد خالد بن الوليد بحي الروضة بمدينة الرياض بأن يسر لنا أسباب ذلك، من خلال شرح هذا الكتاب المبارك " منار السبيل " ، وهذه نعمة عظيمة يقدرها العاقل الذي علم لماذا خُلق، وأدرك أنه لن يسلم في دروب هذه الحياة وكدِّها بغير البصيرة في الدين؛ في عباداته، وفي معاملاته، وفي خصوماته وأقضيته وأحكامه.

 

 

 

فإذا استحضر العاقل ذلك، ونظر إلى شُحِّ العلماء وقلّتهم بالنظر إلى مجموع الأمة، ونظر مع ذلك إلى أحوال الناس من حولنا وما تتخطفهم من أحداث عصيبة , ثم نظر فيما وفقه الله تعالى إليه ويسره له من الاتيان على مهمات علم الشريعة كاملة مكملة، بشرح مفصل وافٍ يسير مدعم بالأدلة من الوحيين، بعيد عن الغلو ومسالك أهله، والجفاء ومهاوي ذويه، عرف عِظم المنة، وأقرّ بوجوب شكرها، وكذلك كان درس شيخنا فضيلة الشيخ الاستاذ الدكتور ناصر بن سليمان العمر حفظه الله , الذي أكرمنا الله تعالى به في مسجدنا هذا طوال هذه المدة الطويلة والمسيرة العطرة.

 

 

 

 ومن لا يشكر الناس لا يشكر لله، فأبدأ بنفسي؛ فأتقدم بأجزل الشكر وأوفاه لفضيلة شيخنا حفظه الله ومد في عمره على طاعته، فقد صبر على هذا الدرس الذي امتد لثلاثين عاما قضى جلها في مسجدنا خالد بن الوليد.. في محرابه تحديداً، فلا أعلم درساً في مدينة الرياض اتصلت مدته كل هذا الوقت.

 

 

 

فشكر الله للشيخ صبره على التحضير الذي أخذ من وقته ما نعلم أهميته، ولو لم يكن إلا ما اقتطع من ذويه وأهله لكفى، عظم له الأجر وبارك له في العمر والأهل والمال والذرية .

 

 

ثم الشكر موصول لجماعة هذا المسجد المبارك، عامة فقد استقبلوا تلك الدروس بصدر رحب، بل بسرور وحبور مع كثرة الحضور في بعض المواسم والأوقات الذي ربما سبب ذلك مزاحمة بطرقهم وبيوتهم.

 

 

 

ثم أخص بالشكر المواظبين على الحضور المتجشمين مشقة الجلوس لطلب العلم شيبا وشبانا، ثم إني أشكر لمعالي الشيخ الدكتور صالح بن حميد امام و خطيب المسجد الحرام تشريفه لنا في حفل الانتهاء من هذا الكتاب الطيب، في مسجدنا، رغم كثرة أعماله وارتباطاته. 

 

 

 
ولئن كانت الملائكة تبسط أجنحتها لطالب العلم رضا بما يصنع ، فأقل ما نبسطه لطلاب العلم من قاصدي هذا الدرس الوجه بالبشر شاكرين لهم - ولاسيما الشباب منهم  - انصراف هممهم إلى المقاصد العالية والعلم الشريف، والله أسأل أن يشكر مسعاهم، ويبارك فيهم ، ويجعلهم جميعا في سماء الأمة نجوما يهتدى بها إلى سبيل الرشاد وبر الأمان، حيث تبني الأمة مجدها من جديد، وتشيد ما أوهى المفسدون، وتعمر ما خرّبوا ..

 

 

فيا طالب العلم! (إذا فرغت فانصب * وإلى ربك فارغب)، ليكن هذا دأبك وديدنك وقد تعلمت فاعمل وأخلص ولا يكن حظك من العلم أن يقال عالم أو طالب للعلم ..

 

 

 

أسأل الله تعالى أن يبارك في عمر شيخنا ناصر العمر وأن يجزه عنا وعن جماعة المسجد وعن طلابه خير الجزاء، وأن يكلأ الجميع برعايته وحفظه ويسلك بِنَا جميعا سبيل الرشاد.. والحمد لله رب العالمين.

..............................

** إمام مسجد خالد بن الوليد بحي الروضة بالرياض , المسجد الرئيس الذي استضاف درس فضيلة الشيخ الدكتور ناصر بن سليمان العمر" شرح كتاب منار السبيل "